مشاهد من فرحة حمص وحماة بأول عيد أضحى منذ سقوط نظام الأسد

08 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 12:39 (توقيت القدس)
سوريون يحتفلون بعيد الأضحى في حمص، 7 يونيو 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عيد الأضحى في حماة وحمص امتزج بالحرية والكرامة بعد سنوات من الألم، حيث زُينت الخيام للأطفال وأُعيد ترميم المساجد، مما يعكس صمود الشعب السوري.
- في حماة، عبّر السكان عن مشاعر التضحية والانتصار، حيث أشار عبد الكريم الحلاق إلى سعادة العيد رغم الأوضاع الصعبة، متمنياً عودة النازحين.
- في حمص، وصف محمد منصور الحموي العيد بأنه الأجمل منذ عقود، معبراً عن الأمل في إعادة الإعمار وعودة الأحبة، مؤكداً أن الأمل لم يمت.

حلّ عيد الأضحى هذا العام على السوريين في مدينتَي حماة وحمص بطعم مختلف ونكهة امتزجت بالحرية والكرامة، بعد أعوام طويلة من الألم والنزوح والدمار. في هذه المناطق التي تنفست الصعداء، لم تكن فرحة العيد مجرد طقوس دينية وعادات اجتماعية، بل إعلاناً لعودة الروح إلى شعب أنهكته الحرب لكنه لم يفقد الأمل يوماً. وبين زينة الأطفال في الخيام، وصلاة العيد في المساجد التي أُعيد ترميمها، وصوت التكبيرات على الأضاحي في الحارات المدمّرة جزئياً، تشكلت لوحة إنسانية مؤثرة، تعكس صمود شعب قرّر أن يفرح رغم الجراح، وأن يحتفل بالحياة رغم فقد الأحبة.

في مدينة حماة، التقت مشاعر التضحية بأحاسيس الانتصار، وقال عبد الكريم الحلاق لـ"العربي الجديد": "كان يأتي العيد في السابق من دون أن نشعر بالسعادة والبهجة، وكأنه ليس عيداً، أما اليوم، فقد أكرمنا الله بالنصر والفرج، ورغم الأوضاع المادية الصعبة نعيش حالة نفسية جيدة". وكان عبد الكريم فقد اثنين من أبنائه في الحرب، وقضى نحو السنة ونصف السنة يقاتل مع الثوار في الشمال، ثم عاد إلى منزله الذي خيّم عليه الفراغ. ورغم الجروح عبّر الحلاق عن سعادة لا توصف في هذا العيد، خصوصاً بعدما شاهد بسمات الأطفال التي لم يرها منذ زمن.

ومن حماة أيضاً، تحدث محمود الحلاق عن بهجة العيد، وقال لـ"العربي الجديد": "اختلف طعم العيد هذا العام. يكفي أن الإنسان بات يشعر بحرية وكرامة. نذرت أن أذبح جملاً إذا سقط النظام الظالم. البلد لم يكن لنا في السابق، أما الآن فقد أصبح بلدنا، ويجب أن نعيد بناءه من جديد"، وتابع: "أتمنى أن يكون العيد القادم عيد عمار وازدهار، وأن يعود جميع النازحين واللاجئين إلى وطنهم، فالتجار السوريون الذين قصدوا مصر وتركيا وغيرها ساهموا في بناء اقتصاد تلك الدول، وإذا عادوا إلى سورية ستكون أفضل بكثير. هذا البلد غني بالثروات وشعبه طيب ومتعايش وسريع النسيان للآلام".

وفي حمص، نقل محمد منصور الحموي مشاعر الفرح والحنين، وقال لـ"العربي الجديد": "الفرحة اليوم فرحتان، فرحة النصر والتخلص من النظام الظالم، وفرحة العيد وبهجته التي لا توصف. العيد هذا العام من الأجمل، فمنذ أكثر من 54 عاماً لم نشعر بلذة الحياة كما الآن، هذا أول عام أجلب فيه جميع أولادي معي إلى جامع خالد بن الوليد، وأتمنى أن يحمل العيد المقبل مستقبلاً أفضل للجميع. ارتفعت في هذا العيد تكبيرات المساجد بينما تلامس القلوب المجروحة، وتغسل آلام الحرب، وترسم معالم بداية جديدة. عيد حمل في طياته مشاعر من الأمل، ونداءات بإعادة الإعمار، وعودة الأحبة إلى الديار، وتوحّد السوريين حول هدف واحد، وبناء وطن حر كريم يليق بتضحيات شهدائه وصبر أبنائه".

ومع كل لحظة فرح تعيشها هذه المدن، تبقى الذكرى حاضرة في وجدان السوريين، ليس بوصفها عبئاً بل بصفتها دافعاً للاستمرار. عيد الأضحى هذا العام كان رسالة واضحة بأن سورية لا تزال تنبض بالحياة، وأن شعبها قادر على النهوض مهما تعاظمت الجراح. وفي ظل هذا المشهد المضيء، تبدو أحلام السوريين أقرب من أي وقت مضى، فكل بسمة طفل، وكل مصافحة بين الجيران، وكل تكبيرة في المساجد، دليل جديد على أن الأمل لم يمت، وأن الغد، لو تأخر، قادم لا محالة.

المساهمون