استمع إلى الملخص
- يشمل الدعم الحكومي برامج الرعاية الصحية المجانية، مع توفير سيارات إسعاف منزلية، ومعاشات للمحتاجين فوق 65 عاماً، بالإضافة إلى خدمات رعاية اجتماعية وطبية للمسنين.
- تهدف مبادرة "عام الأسرة" إلى تعزيز التماسك الأسري ومعالجة التحديات الاجتماعية، مع التركيز على تنفيذ وثيقة "رؤية حماية وتعزيز الأسرة" لتحقيق استقرار الأسرة التركية ورفاهيتها.
يتحدث بعض المسنّين الأتراك عن الدعم المالي المباشر الذي يتلقونه من الحكومة، ويقول بعضهم إنه يكفي لدعم الرعاية المنزلية، وبينما يؤكد آخرون أنه لا يكفي، لكنه يسد احتياجات أساسية. ورفعت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية الدعم إلى 10.125 ليرة تركية (277 دولاراً) شهرياً.
وتقي حُزم خدمات عدة وفرتها الحكومية المسنّين من مد اليد، أو الذهاب إلى دور رعاية التي لا يزال أتراك كثيرون يرون أن لجوء الأهل إلى خدماتها يشكل تقصيراً من الأبناء وتخلياً عن الآباء. وأوضحت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية ماهينور أوزدمير غوكطاش أن الوزارة تقدم 5.4 مليار ليرة (147 مليون دولار) لنحو 541 ألف مواطن، وأن العمل مستمر لزيادة مبالغ الرعاية ضمن ما وصفته بأنه "تقدير لعمر المسنين الطويل ورحلتهم مع معركة الحياة". ووعدت بمزيد من الخدمات والتسهيلات لمن تجاوزوا سن الخامسة والستين.
وتقول عائشة بوستان (68 سنة) لـ"العربي الجديد": "المبلغ سند جيد يساهم في مواجهة غلاء الأسعار، كما تتوفر خدمات اجتماعية كثيرة للمسنّين في مجالات الرعاية والطبابة وأسعار الدواء. منح راتب الرعاية المنزلية يخضع لشروط، سواء لكبار السن أو لمن يرعون أحفادهم، لذا لا يتلقى جميع من تجاوزوا سن الخامسة والستين رواتب، خصوصاً إذا كانت الأسرة تتقاضى راتب تقاعد، أو يعتبر وضعها المادي ميسوراً".
وتوضح أنه "ليس شرطاً بالنسبة إلى حصول الجدة على راتب أن تعتني بأحفادها الذين يكونون أيتاماً أو من أبوين مطلقين، بل يمكن أن تفعل ذلك إذا كانت أم أحفادها تعمل. والراتب الممنوح للجدة في هذه الحال أقل من الحضانة أو من وضع الأم أولادها لدى مربية أو إحضارها إلى المنزل، ويساهم في تشجيع المرأة العاملة على أن تكون مطمئنة على رعايتها أطفالها".
من جهتها، تخبر سيمرا كان (66 سنة) "العربي الجديد" أنها لا تتلقَ دعم الرعاية المنزلية رغم أنها تعيش وحدها في منزلها، كما لا تتقاضى أي راتب تقاعدي بعدما عرفت مديرية الخدمات الاجتماعية بأن لديها عائدات من تأجير منزل ومحل ورثتهما من أهلها.
وتشير كان التي تعيش في حي الفاتح بإسطنبول إلى أنها ليست في حاجة قصوى للمبلغ بخلاف آخرين، لكنها قدمت طلباً للحصول عليه لأن تكاليف المعيشة ترتفع باستمرار. وحول حياتها اليومية تقول: "الحياة تبدلت بعدما توزع الناس في أماكن مختلفة وزادت انشغالاتهم، لكن لا بدّ لكل شخص أن يصنع حياته بيده. وأنا أمشي يومياً إذا لم يكن الطقس أو مرض عائقاً لي، وأقضي بعض الأوقات مع صديقات في الحي. عموماً الحياة أفضل خارج دور المسنين، رغم قلّة التواصل والشعور بالوحدة، فشعور المتقدم في السن أنه قادر على العيش والإنفاق والتنقل يجعله قوياً، كما أن الحرية وعدم الوجود في غرفة أو ضمن أسوار يبعد هواجس السن".
ويزيد اهتمام تركيا بكبار السن والمعوقين ومربيّ الأيتام، سواء عبر منحهم رواتب ثابتة أو تقديم خدمات عدة لهم، خاصة بعدما زاد عددهم، ما أدخل تركيا في تصنيف الدولة العجوز بعدما تجاوز من هم فوق سن الخامسة والستين نسبة 10% من السكان، أي نحو 9 ملايين، ويُتوقّع أن يصل هذا الرقم إلى 19.5 مليونا عام 2050.
وتكفل الحكومة التركية برامج الرعاية الصحية المجانية للمسنّين، وترسل سيارة إسعاف تضم طبيباً وممرضة لتقديم خدمات الطبية للمسنين في منازلهم مجاناً.
وتعرّف المادة 60 من الدستور التركي الحق في الضمان الاجتماعي بأنه "لكل فرد الحق في الضمان الاجتماعي، وتتخذ الدولة التدابير اللازمة لضمان هذا الأمر. وبما أن الشيخوخة تعرض باعتبارها خطراً لدى الحديث عن فئات المجتمع العمرية، تقدم الحكومة ميزات التأمين والخدمات الاجتماعية للأفراد المسنين في نظام الضمان الاجتماعي، كما يعد تأمين الشيخوخة من ممارسات السياسة الاجتماعية الأساسية بهدف تعويض خسائر الدخل التي يتكبدها الفرد الذي انسحب من الحياة العملية في نطاق تأمين الشيخوخة. أما الفائدة الرئيسية من هذا التأمين فهي المعاش الذي تمنحه الدولة.
ويتراوح العمر المتوقع لاستحقاق معاش الشيخوخة بشكل عام بين 60 و65 عاماً، لكن في بعض الحالات، يجري تقديم خيارات التقاعد الميسر لأسباب مثل مغادرة سوق العمل مبكراً.
ويحمل أحد القوانين التي تحمي المسنّين في تركيا الرقم 2022 الذي صدر عام 1976، وينص على ضمان معاشات للمواطنين الأتراك المحتاجين والضعفاء والوحيدين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، لكن الخدمات زادت بعد عام 2003، وشملت الدعم المالي والخدمي في منازلهم، وتوفير الرعاية الذاتية والمرافقة إلى المستشفى في حال المرض عبر خدمات دور الرعاية.
ويبلغ عدد دور رعاية المسنين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية 152 بسعة 15 ألفا و264 شخصاً، في حين يبلغ عدد دور رعاية المسنين التابعة للمنظمات العامة الأخرى 25 بسعة 3504 شخصاً. وإجمالي عدد دور رعاية المسنين الخاصة 233 بسعة 14 ألفاً و917 شخصاً.
وتقدم هذه المؤسسات خدمات الرعاية الاجتماعية وبرامج التأهيل النفسي والاجتماعي والطبي وخدمات الرعاية والعلاج لكبار السن، وأيضاً خدمات لمصابين بأمراض مثل ألزهايمر والخرف.
ويقول المتخصص في الأبحاث والدراسات الاجتماعية في مركز "ألوز" للدراسات الاجتماعية في إسطنبول، ثروت آق داغ، لـ"العربي الجديد": "تطاول شروط منح مبلغ الرعاية المنزلية كل من هم فوق سن الخامسة والستين شرط ألا يكون لديهم راتب تقاعدي حتى إذا كان الشخص المعني يقيم في منزل يتقاضى أحد قاطنيه راتباً أو دخلاً، وأيضاً الجدة التي تتكفل بتربية أحفادها أو أطفال ولا تملك دخلاً ثابتاً. ويجب أن يقدم من يريدون هذه الخدمات طلبات إلى وزارة الشؤون الاجتماعية كي يجري التحقيق في السجلات، ثم تجري مديرية الرعاية كشفاً على أرض الواقع للتأكد من صحة الطلب. ويُمنح المسنّ أو المسنّة راتباً شهرياً وخدمات كثيرة أخرى من بينها إيصال طلبات للمنازل وخدمات طبية، وتنقل وسواها من دون اقتطاع أي مبلغ من الراتب الممنوح، في حين تقتطع الخدمات الصحية من رواتب المتقاعدين، وتقدم هدايا ومنح خلال المناسبات".
يضيف: "يحقق منح راتب للمسنّين أهدافاً اجتماعية واقتصادية سواء على صعيد توزيع الموارد على كل فئات المجتمع، أو خلق شعور الشخص المنفق وغير العالة لديهم. ولا يستبعد تأثير دور التقاليد التركية التي تستند في معظمها إلى الدين على هذه الخدمات، إذ لا يحبّذ كثيرون إرسال المسنّين والمرضى إلى دور العجزة، ما يعني أن منحهم رواتب ومساعدات يُخفف عن كاهل الأسر مصاريف الأدوية والغذاء".
ويؤكد إعلان عام 2025 عام الأسرة في تركيا أن الأسر في قلب السياسات الوطنية في ظل تحوّلات اجتماعية باتت تهدد بنية الأسرة التقليدية. ومن خلال برامج ومشاريع طموحة، تسعى المبادرة إلى تعزيز التماسك الأسري، ومعالجة انخفاض معدلات الخصوبة والزواج، وتقوية الروابط بين الأجيال في مواجهة تحديات العصر.
وفي فبراير/ شباط الماضي، شارك الرئيس رجب طيب أردوغان في برنامج الترويج لـ"عام الأسرة" في العاصمة أنقرة، واستعرض أبرز نقاط المبادرة وأهدافها في مواجهة التحديات الديموغرافية والاجتماعية المتزايدة. وشدد على أن السياسات السكانية الفعّالة "مسألة بقاء للمجتمع التركي".
بدورها، قالت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، خلال الترويج للمبادرة، إن "عام الأسرة يستند إلى الدستور الذي يعتبر الأسرة المؤسسة الأساسية للمجتمع، ويؤكد ضرورة اتخاذ الدولة كافة التدابير لضمان رفاهيتها واستقرارها". أضافت: "التحوّلات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العصر الحالي، والتي تشمل الديمغرافية وزيادة النزعة الفردية، أثرت مباشرة على بنية الأسرة ووظائفها، ما يستدعي وضع سياسات متكاملة ومستدامة لحمايتها وتعزيزها".
وتتضمن المبادرة تنفيذ وثيقة "رؤية حماية وتعزيز الأسرة وخطة العمل (2024-2028)" التي أُعدت بموجب التعميم الرئاسي رقم 6 لعام 2024. وتعمل هذه الوثيقة لمواجهة المخاطر التي تهدد الأسرة، ولتعزيز بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الوعي المجتمعي بأهميتها، وتؤكد أن عام 2025 سيكون محطة محورية لتعزيز القيم العائلية ودعم الشباب، وتطوير سياسات شاملة تساهم في استقرار الأسرة التركية وتحقيق رفاهيتها على المدى البعيد.