مستويات أرق عالمية أكثر من أيّ فترة سابقة

مستويات أرق عالمية أكثر من أيّ فترة سابقة

07 اغسطس 2022
باص خاص يمنح الهدوء للركاب لمساعدتهم على النوم في هونغ كونغ (بيرثا وانغ/ فرانس برس)
+ الخط -

 

سجلت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في نسبة الأشخاص الذين يعانون من الأرق في مختلف دول العالم، علماً أن لقلة النوم تأثيرات كبيرة على صحة الإنسان. ويقترح بعض الخبراء حلولاً قد تساعد البعض.

مع تبدل نمط الحياة في معظم المجتمعات البشرية بتأثير التكنولوجيا وثورة المعلومات والأنشطة الاقتصادية والمنافسة الكبيرة في سوق العمل، باتت مشاكل النوم أكثر من أيّ فترة سابقة. وتؤثر تلك المشاكل بشكل أكبر على الصحة، إذ إنّ جسم الإنسان يحتاج إلى النوم ما لا يقل عن 6 ساعات يومياً. لكنّ كثيرين يواجهون مشاكل في الحصول على ساعات النوم التي يحتاجونها لأسباب عدة. ويعدّ الأرق أحد أكثر اضطرابات النوم شيوعاً، ويصيب ما بين 10 و30 في المائة من سكان العالم بحسب مجلة "ناشونال ليبراري أوف ميديسن"، الطبية المتخصصة. وتصل هذه النسبة في بعض الدول إلى ما بين 50 و60 في المائة. ويصيب الأرق النساء أكثر من الرجال، ويعد شائعاً لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية أو اضطرابات نفسية وعقلية. 

وتشير الدراسات إلى أنّ الأرق نوعان: الأرق المؤقت الذي يصيب الأشخاص لفترة قصيرة، والأرق المزمن الذي يصيب الأشخاص لفترات متقطعة، لكن خلال فترة طويلة. يستمر الأرق المؤقت من ليلة إلى بضعة أسابيع، في وقت قد يستمر المزمن لمدة ثلاث ليال في الأسبوع على الأقل لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر. وتختلف أسباب الأرق، فمن بينها الإجهاد، وعدم انتظام مواعيد النوم، والعادات السيئة، والاضطرابات النفسية والعقلية، مثل: القلق، والاكتئاب، والأمراض الجسدية، والألم. كما يمكن لبعض الأدوية أن تزيد من حالة الأرق واضطرابات النوم.

وتبيّن دراسة كندية، نشرت في المجلة نفسها، أن الأرق ارتفع خلال السنوات الماضية بنسبة الضعفين بالمقارنة مع ما بين عامي 1970 و1980. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تشر إلى أي نسب تتعلق بزيادة الأرق، فإنها استندت إلى دراسات شملت أكثر من عشر مقاطعات كندية، وأظهرت أنّ فرداً أو اثنين من العائلة الواحدة على الأقل يعانيان من الأرق. وتعزو الأسباب إلى التغيّرات المجتمعية خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً تطور المجتمع، وانشغال الأشخاص بالوسائل التكنولوجية وضغوط العمل، بالإضافة إلى زيادة معدلات السمنة وأمراض السكري.

وبحسب الإحصائيات التي نشرها موقع "ذا غود بادي" الأميركي، فإنّ عدد الأميركيين الذين يعانون أرقاً مزمناً ما بين 50 و70 مليون أميركي. كما أن نصف سكان الولايات المتحدة يعانون من الأرق. 

وتوضح الدراسات أن الأشخاص الذين يبلغون 60 عاماً وأكثر، هم من بين الفئات الأكثر إصابة بالأرق. كما أن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالأرق بنسبة 40 في المائة. وتعاني 78 في المائة من النساء الحوامل من الأرق بدرجات مختلفة. وتشير دراسات إلى أنّ الأرق قد يكون وراثياً، إذ إن نحو 35 في المائة من المصابين لديهم تاريخ عائلي في هذا الإطار. كما أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بخمس مرات. وعلى الرغم من أن الأرق عادة ما يصيب الأشخاص الذين يبلغون أكثر من 60 عاماً، فإنّ ذلك لا يعني أن المراهقين أو البالغين بمنأى عن الإصابة به. وأفادت الدراسات أنّ أكثر من 50 في المائة من البالغين يعانون من الأرق في الولايات المتحدة، في وقت تنخفض النسبة إلى 15 في المائة في كندا. أما في المملكة المتحدة، فيُعاني 30 في المائة من المواطنين من ارتفاع نسبة الأرق لديهم.

مع ذلك، تعدّ النسبة في كلّ من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة أقل بكثير من البرازيل، إذ يصل عدد الأشخاص الذين يعانون من الأرق إلى نحو 76 في المائة. ويعزو الخبراء المشكلة إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية.

بدورها، تأثرت الصين بارتفاع نسب الأرق لدى سكانها، إذ تسبب الوباء في ارتفاع أعداد المصابين بنحو 37 في المائة. وتلفت نتائج دراسة شملت أكثر من 5000 صيني خلال فترة الوباء إلى أن النساء كن أكثر عرضة للإصابة بالأرق. وخلصت الدراسة إلى أن الخوف من انتشار الوباء ساهم في زيادة نسبة القلق لدى العائلات، وخصوصاً التي كان أحد أفرادها قد أصيب بالفيروس. وفي ظل إجراءات الوقاية والعلاج من تأثيرات فيروس كورونا، انخفضت نسبة الأرق لدى الصينيين.

يشار إلى أن قلة النوم ترتبط بمشاكل صحية، مثل السكتة الدماغية، وأمراض القلب والسرطان. لكن الأبحاث وجدت أن النشاط المعتدل يمكن أن يقضي على أضرار الأرق. وأشارت دراسة أعدها باحثون في جامعة سيدني إلى أنّ "مستويات النشاط البدني فوق توصية منظمة الصحة العالمية قد تقضي على معظم الارتباطات الضارة لسوء النوم والوفيات".

وما زال سبب ارتباط قلة النوم بالمشاكل الصحية غير واضح، لكنّ الأرق مرتبط بالإجهاد المزمن الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب الشرايين بالإضافة إلى قصور القلب.

المساهمون