مستقبل الطلاب الأفغان في باكستان مجهول

16 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 01:12 (توقيت القدس)
تنتفي فرص التعليم أمام الأفغانيات بعد ترحيلهنّ، 6 مارس 2023 (سيد خدابردي سادات/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الطلاب الأفغان في باكستان مصيراً مجهولاً بعد قرار الترحيل، مما يهدد مستقبلهم التعليمي بسبب اعتماد الجامعات على بطاقات اللجوء لتسجيلهم.
- تتفاقم الأزمة بالنسبة للطالبات الأفغانيات، حيث يواجهن صعوبة في مواصلة التعليم في أفغانستان أو البقاء في باكستان بسبب الأعراف.
- دعت مفوضية اللاجئين الطلاب لتسجيل أسمائهم لاستثنائهم من الترحيل، لكن الإجراءات قد تستغرق وقتاً، مما يتركهم في حالة عدم يقين بشأن مستقبلهم.

يواجه الطلاب الأفغان اللاجئون في باكستان مصيراً جامعياً مجهولاً بعد قرار الترحيل القسري، وسط مخاوف من عدم استثنائهم. في حين تبقى المعاناة الكبرى أمام الطالبات الأفغانيات اللواتي سيفقدن أي حق بالتعليم بعد العودة.

قرّرت الحكومة الباكستانية ترحيل جميع الأفغان، مع التركيز على حاملي بطاقات اللجوء، والتي مُنحت لهم من قبل الحكومة بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأقرّت الحكومة سابقاً ترحيلهم قسراً، لكن بعد ممارسة ضغوط من قبل مؤسسات دولية، ارتأت أن يكون آخر أغسطس/ آب الحالي موعداً لإنهاء وجود اللاجئين الأفغان في باكستان، وبالتالي ستبدأ مع مطلع سبتمبر/ أيلول حملات الترحيل.

يأتي القرار في خضم توقعات اللاجئين والمهتمين بالقضية بأن تُمدّد الحكومة الباكستانية فترة وجود اللاجئين الشرعيين الذين يحملون بطاقة اللجوء لمدة ستة أشهر على الأقل، كما كان يحدث دائماً، وهذه كانت مشورة الحكومة المحلية بإقليم خيبر بختونخوا (شمال غرب) حيث يعيش معظم اللاجئين الأفغان. لكن الحكومة المركزية، وتحديداً وزارة الداخلية، قررت بشكل مفاجئ ترحيل جميع الأفغان من دون استثناء، وأعلنت أن بطاقات اللاجئين الأفغان لن تكون معتبرة مع بداية سبتمبر المقبل.

الأمر الذي يشكل معضلة أساسية للاجئين الأفغان الذين فتحوا حسابات مصرفية على أساس بطاقات اللجوء، وكذلك المشاريع التجارية، ولم يعد أمامهم سوى أقل من شهر لإنهاء المشاريع وتصفية الحسابات. وثمة أعداد كبيرة من الطلاب يدرسون في الجامعات الباكستانية على أساس تلك البطاقات، ما يتركهم اليوم في حالة من الحيرة والقلق، خصوصاً أن بعض الجامعات طلبت منهم جوازات سفر وتأشيرات، كون بطاقات اللجوء لم تعد معتبرة لدى الحكومة. في حين أكدت بعض الجامعات الباكستانية أن الحكومة قد تمنح الطلاب الأفغان مهلة زمنية لمواصلة تعليمهم، لأن الحصول على جوازات وتمديد التأشيرات أمر صعب، كما أن التأشيرات تُباع في السوق بأسعار باهظة. لكن قرار استثنائهم غير مؤكد، ويبقى مجرد توقع، وقد تتخذ حكومة إسلام أباد قرارات تعرّض مسيرتهم التعليمية للخطر.

يقول الطالب محمد حسين شاكر لـ"العربي الجديد": "تخرّجتُ قبل عامين من مدرسة في مدينة بيشاور (شمال غرب باكستان)، ثم التحقت بكلية الصيدلة، وكانت الظروف صعبة للغاية، لكن والدي استدان مبلغاً لضمان مستقبلي التعليمي، ومن ثم ساعدني أعمامي في دفع الرسوم الباقية، والنقطة الإيجابية كانت ببطاقات اللاجئين التي كانت تخوّلنا التسجيل على أساسها. لكن اليوم مع قرار الحكومة الباكستانية ترحيل أصحاب البطاقات، صرت أجهل مستقبلي ولا أعلم إن كانت الحكومة ستسمح لنا بمواصلة التعليم على أساس نفس البطاقات، كما أن والدي سيخسر عمله بعد الترحيل، وهو كان يملك محلاً للأقمشة وسط مدينة بيشاور". ويضيف الشاب المتفوق في دراسته: "كيف لي أن أدفع رسوم الجامعة والسكن والطعام ومتطلبات الحياة؟ حتى إن أهلي قلقون تجاه مستقبلي الجامعي، لكن ليس بوسعي سوى حل قضية البطاقة أولاً، وقد أضطر للعمل بعد دوام الجامعة لتأمين الرسوم واحتياجاتي اليومية".

وما يمنح شاكر وطلاباً آخرين بعض الأمل هو أن مفوضية اللاجئين في باكستان دعت منذ يومين كل الطلاب الأفغان الذين يدرسون في باكستان إلى تسجيل أسمائهم لديها، إذ إنها تعمل مع الحكومة الباكستانية لاستثنائهم من القرار. لكن تلك الإجراءات ستستغرق وقتاً لأن عملية التسجيل بدأت للتو، وبانتظار اكتمال القوائم حتى تُرفع إلى الحكومة، من دون معرفة إن كانت الأخيرة ستسمح لهم بالبقاء على أساس البطاقات، أم إنها ستشترط الحصول على جوازات السفر.

أما وضع الطالبات الأفغانيات فهو أسوأ بكثير، لأن الطلاب إن تركوا التعليم في باكستان يمكنهم مواصلة الدراسة في أفغانستان، لكن الطالبات لا يمكنهنّ ذلك كون الجامعات مغلقة أمامهنّ. كما أن عائلات عديدة لن تسمح لشاباتها بالبقاء في باكستان بمفردهنّ، بحكم الأعراف والتقاليد الأفغانية.

وتشير الناشطة الأفغانية، وهي معلّمة بإحدى مدارس اللاجئين في باكستان، عابده سرفراز خان، إلى أن حياة الأفغان دائماً مهددة، خصوصاً النساء. وتقول لـ"العربي الجديد": "أعرف طالبات كثيرات أكملن التعليم الثانوي رغم صعوبات مختلفة، ثم التحقن بالجامعات بعد أن تخطّين العديد من المشاكل، واليوم طرأت هذه المشكلة أمامهنّ. إن قرار الحكومة بترحيل اللاجئين لم يثر فقط قضية البطاقات والتعليم، بل أيضاً قضية إقناع الأسر بالسماح لبناتهنّ مواصلة تعليمهنّ في بلاد الاغتراب، حيث إن كل الأسر لا ترضى بذلك، أو لا تستطيع أن توفر الدعم المالي لهنّ". وتذكر الناشطة أن طالبات أفغانيات في جامعات باكستانية اضطررن إلى ترك تعليمهنّ، كون أسرهنّ لم تقبل ببقائهنّ بمفردهنّ. وتقول: "حبّذا لو كانت حركة "طالبان" تسمح للبنات بمواصلة تعليمهنّ في أفغانستان، لقد صارت تلك الطالبات في حيرة كبيرة".

المساهمون