مستشفيات غزة مهددة بالإغلاق بعد وقف المساعدات الأميركية

06 فبراير 2025
تظاهرة لدعم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في واشنطن، 5 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الأوساط الإنسانية تحديات كبيرة بسبب تعليق الإدارة الأميركية الجديدة جزءاً كبيراً من المساعدات الخارجية، مما يهدد بوقف برامج حيوية يعتمد عليها ملايين المستفيدين عالمياً.
- في قطاع غزة، تتوقع الهيئة الطبية الدولية توقف عملياتها قريباً، مما سيؤدي إلى توقف العمليات الجراحية للأطفال وخدمات الطوارئ والعناية المركزة، نتيجة توقف التمويل الأميركي.
- قرار تعليق المساعدات الأميركية له تداعيات عالمية، حيث تعتمد العديد من المنظمات غير الحكومية على التمويل الأميركي، مما يهدد حياة ملايين الأشخاص في مناطق مثل موزامبيق واليمن وسوريا.

تتخوّف أوساط العمل الإنساني من كارثة عالمية وشيكة بعد قرار الإدارة الأميركية الجديدة تعليق جزء كبير من المساعدات الخارجية، وهو قرار قد ينعكس سلباً على آلاف البرامج والملايين من المستفيدين. وتتوقع الهيئة الطبية الدولية توقف عملياتها في قطاع غزة هذا الأسبوع، ويشمل ذلك العمليات الجراحية للأطفال، قسم الطوارئ، ووحدات العناية المركزة، وذلك إثر توقف المساعدات الأميركية من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وكانت الهيئة قد حذرت في بيان رسمي الأسبوع الماضي من أن عملها في غزة سيتوقف خلال أقل من أسبوعين بسبب نقص التمويل. كما أكدت أنها تلقت من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مبلغاً يقدر بـ68 مليون دولار و78 ألفاً.

وفي تواصل مع "العربي الجديد"، أكدت الهيئة استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وفقاً للمعلومات التي نُشرت في بيانها بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني الماضي. وفي رد على الاستفسارات، أكدت الهيئة أنها لم تستخدم أي تمويل من الحكومة الأميركية لشراء أو توزيع الواقيات الذكرية أو لتوفير خدمات تنظيم الأسرة. وأوضحت أن الدعم الأميركي استُخدم لتشغيل مستشفيين ميدانيين كبيرين في وسط غزة، أحدهما في دير البلح والآخر في الزوايدة، ويقدمان سعة إجمالية تزيد عن 250 سريراً، بما في ذلك 20 في غرفة الطوارئ و170 في قسم الجراحة.

وأوضحت الهيئة أن هذه المستشفيات تقدم رعاية طبية منقذة للحياة على مدار الساعة لنحو 33 ألف مدني شهرياً في بيئة شديدة الخطورة، حيث جرى تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية. مشددة على أن هذه الأنشطة، التي تمول إلى حد كبير من قبل الحكومة الأميركية، تتم بالتنسيق الكامل مع السلطات الأميركية والمصرية والإسرائيلية، بالإضافة إلى الصليب الأحمر.

وقف التمويل يعني توقف الخدمات الأساسية

وقالت الهيئة: "إذا توقف التمويل من الحكومة الأميركية، فإن ذلك يعني توقف بعض الخدمات التي نقدمها في مستشفيينا، مثل: الولادة الآمنة لحوالي 20 طفلاً يومياً، وإجراء نحو 30 عملية جراحية منقذة للحياة يومياً، بما في ذلك جراحات إنقاذ الأطراف والبطن والعمود الفقري، وكذلك الجراحات القيصرية الطارئة وعلاج الجروح المعقدة. كما سيشمل التوقف تشغيل إحدى وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة الوحيدة في غزة، التي تقدم الرعاية للأطفال حديثي الولادة، وتشغيل أحد مراكز الاستقرار للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد، إضافة إلى توقف قسم الطوارئ المزدحم الذي يستقبل نحو 200 مريض يوميًا، وكذلك قسم العيادات الخارجية الذي يستقبل نحو 2000 مريض يومياً". وأشارت الهيئة إلى أنه إذا استمر قرار وقف العمل كما هو، فلن تتمكن من مواصلة هذه الأنشطة بعد الأسبوع المقبل.

الهيئة الطبية الدولية تقدم خدمات حيوية لمئات الآلاف

ومنذ يناير 2024، قدمت الهيئة الرعاية الصحية لأكثر من 38 ألف مدني لم يتمكنوا من الوصول إلى الخدمات العلاجية الأخرى، وشملت الخدمات إجراء حوالي 11 ألف عملية جراحية، والمساعدة في ولادة حوالي 5000 طفل، بما في ذلك 20% منهم عبر الولادة القيصرية. كما عولجت 2767 حالة من سوء التغذية الحاد ووُزّعت مكملات المغذيات الدقيقة على 36 ألف شخص. إلى جانب ذلك، استمرت الهيئة في تقديم خدمات منقذة للحياة، مثل الرعاية الجراحية وما بعد الجراحة، ودعم الحياة المتقدم في وحدات العناية المركزة، والرعاية الطارئة للأمهات والمواليد الجدد، وطب الأطفال، وجراحة العظام، ورعاية أمراض الرئة والقلب.

وفي 24 يناير/كانون الثاني، بعد أربعة أيام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تلقت المنظمات غير الحكومية المتعاونة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) رسالة إلكترونية تطلب منها وقف جميع الأنشطة الممولة من الوكالة. وبعد أسبوع، وردت رسالة ثانية تسمح بالاستمرار في بعض المهام "المخصّصة للمساعدة الإنسانية الحيوية"، مثل توفير "الأدوية الأساسية والخدمات الطبية والملاجئ ودعم سبل العيش"، بالإضافة إلى عمليات متعلقة بـ"المياه والصرف الصحي والنظافة في حالات الطوارئ". ومع ذلك، تسببت الرسائل في إرباك المنظمات الإنسانية بسبب العبارات الغامضة، في وقت يتعرض فيه تمويل الوكالة للقيود.

وقد صرح إيلون ماسك، أثرى أثرياء العالم المكلّف عملية إصلاح واسعة في المؤسسات الفيدرالية، نيته "إغلاق" هذه المؤسسة التي وصفها بأنها "تديرها ثلة من المجانين المتطرفين". وفي وقت لاحق، نصّب وزير الخارجية ماركو روبيو نفسه رئيساً بالإنابة للوكالة بهدف إنهاء ما وصفه بحالة "العصيان" التي تعيشها.

وأشار مدير منظمة "سوليداريتيه إنترناسيونال" كيفن غولدبرغ، لوكالة "فرانس برس"، إلى أن "الولايات المتحدة اليوم بصدد اتخاذ قرار بشأن مصير وكالتها للتنمية، وهذه المسألة تؤثر على العالم بأسره". إذ تتمتع الوكالة بميزانية ضخمة قدرها 42.8 مليار دولار، تمثل 42% من المساعدات الإنسانية العالمية، ووقف تدفق هذه الموارد ستكون له تداعيات كبيرة على جميع أنحاء العالم.

وفي بعض المناطق مثل كابو ديلغادو في موزامبيق حيث ينتشر مقاتلون موالون لتنظيم داعش، تسبّب القرار الأميركي في تعليق عمليات "إنعاش زراعي" كانت تهدف إلى مساعدة ملايين النازحين. في اليمن، توقّف توزيع السيولة النقدية التي كانت تقدّمها "سوليداريتيه إنترناسيونال"، ما أثر على تحريك الاقتصاد المحلي في مناطق النزاع. وكذلك في سورية، حيث لم تعد المنظمة قادرة على تأهيل البنى التحتية الأساسية للمياه والصرف الصحي نتيجة تجميد المساعدات الأميركية.

وأوضح غولدبرغ أن منظمته التي تساعد نحو خمسة ملايين شخص سنوياً، وتعتمد على تمويل أميركي يشكّل 36% من ميزانيتها، لم تعد قادرة على مساعدة نحو مليوني شخص. وذكرت داريل غريسغريبر، المسؤولة عن الشؤون الإنسانية في "أوكسفام" الأميركية، أن تجميد المساعدات سيؤدي إلى "تداعيات جمّة ومأساوية على ملايين الأشخاص".

وفي جنوب أفريقيا، حيث أكبر عدد من المصابين بفيروس نقص المناعة، حُرم الكثيرون من الرعاية اللازمة. وفي الفيليببين، حيث قاربت المساعدات الأميركية 190 مليون دولار عام 2023، أصبح العمل الإنساني غير مضمون بسبب نقص اللقاحات والموارد الأخرى المخصصة لضحايا العنف، بحسب فرانس برس.

ويواجه العديد من المنظمات غير الحكومية تحديات إضافية، خاصة في مجالات النوع الاجتماعي والشؤون الجنسية، حيث قد يتأثر التمويل الأميركي المخصص لهذه القضايا بشكل أكبر، خاصة مع تأكيد "إم إس آي ريبروداكتيف تشويسز" البريطانية أن المساهمة الأميركية في ميزانيتها التي تصل إلى 10% قد تتوقف.

المساهمون