مستشفيات الساحل السوري تحت ضغط الاحتياجات

14 مارس 2025
من آثار الاشتباكات في جبلة، 11 مارس 2025 (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت مستشفيات الساحل السوري، خاصة في اللاذقية وطرطوس، ضغوطاً كبيرة بسبب تزايد الحالات الإسعافية والاعتداءات، مما أبرز الحاجة إلى دعم القطاع الصحي بالمعدات والكوادر الطبية.
- تعرضت مستشفيات المنطقة لأضرار كبيرة بسبب الفوضى والاشتباكات، مما أدى إلى تدمير المعدات الطبية وزيادة الضغط على الكوادر، واستدعى تدخل فرق تطوعية لتحسين الأوضاع.
- أكدت وزارة الصحة السورية تعرض مستشفى جبلة للهجوم، وتوقف ستة مستشفيات في اللاذقية عن العمل، مما يبرز الحاجة إلى إمدادات عاجلة لدعم القطاع الصحي.

ما شهدته مناطق الساحل السوري من أحداث خلال الأيام الماضية جعل مستشفياتها تواجه ضغوطاً، ما أبرز الحاجة إلى زيادة المعدات والكادر الطبي

واجهت مستشفيات محافظتي اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري ضغوطاً شديدة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تزايد الحالات الإسعافية، بالتزامن مع تعرضها لأضرار واعتداءات، ما وضع الكادر الصحي في خطر. وفي ظل هذه الظروف، برزت حاجة ملحة إلى دعم القطاع الصحي في المنطقة لمواجهة الاحتياجات الكبيرة والمتزايدة.

ومن بين المستشفيات التي عملت كوادرها بالطاقة القصوى وسط ظروف صعبة، مستشفى اللاذقية الجامعي. في هذا السياق، يقول الطبيب يحيى منى لـ"العربي الجديد": "الوضع الحالي للمستشفى مقبول مقارنة بالإمكانيات المتاحة. بذل طلاب الدراسات العليا من مختلف التخصصات جهداً استثنائياً خلال الفترة الماضية، وعملوا فوق طاقتهم لتغطية الاحتياجات الطبية المتزايدة".

وفي ما يخص نقص الكوادر الطبية، يوضح أنه "لا يوجد عجز مباشر، إذ إن عدد المتخصصين وطلاب الدراسات يعتبر كافياً لتسيير العمل. مع ذلك، نعاني حالياً نقصاً في عمال النظافة والتعقيم، وهو أمر تحاول الإدارة معالجته في أسرع وقت ممكن. أما على صعيد التجهيزات، فهناك حاجة إلى إصلاح بعض الأجهزة الطبية، كما أن بعض الأدوات متوفرة بشكل محدود. لكن وصول المساعدات ساهم في تحسين الوضع، ما جعل الإمدادات حالياً مقبولة إلى حد ما".

ويشير إلى أن المساعدات التي وصلت من وزارتي الصحة والدفاع جاءت استجابةً طارئة لمواجهة العدد الكبير من الإصابات التي سُجلت خلال فترة زمنية قصيرة، سواء بين العسكريين أو المدنيين. وخلال الفترة الممتدة من 6 إلى 10 مارس/ آذار، أُجريت 115 عملية، وهو رقم يفوق القدرة الاستيعابية للكادر الطبي والتمريضي المتوفر، ما استدعى تعزيز الدعم عبر إرسال مساعدات طبية وبشرية خلال تلك الفترة. كما تلقى المستشفى إمدادات إضافية من الأدوية والمستلزمات الطبية من جمعيات ومنظمات عدة، أبرزها الصليب الأحمر الدولي.

أما التعاون مع مديرية شؤون الصحة العامة، فهو قائم منذ فترة طويلة كما يشير منى، وقد تعزز بشكل ملحوظ بعد سقوط النظام السابق، خصوصاً في ما يتعلق بالتنسيق الإداري ونقل المرضى بين المستشفيات. وفي ما يخص إشراف وزارة الصحة على مستشفيات وزارة التعليم العالي، يقول: "إننا ننتظر تنفيذ الوعود التي تشمل زيادة رواتب طلاب الدراسات العليا، وتقديم مكافآت للمناوبات، إضافة إلى وضع آلية جديدة لمفاضلة طلاب الدراسات على أن تتناسب مع إمكانيات كل مستشفى واحتياجات أقسامه المختلفة".

بدوره، يوضح ماهر لاذقاني، وهو ممرض تخدير في مستشفى جبلة، لـ"العربي الجديد"، أن الوضع في مستشفيات اللاذقية كان شبه مشلول نتيجة الفوضى التي شهدها الساحل، خصوصاً في ظل تصاعد الأحداث والاشتباكات. يضيف لاذقاني: "بالنسبة لمستشفى جبلة، ورغم أنه كان في وضع أفضل مقارنة ببقية المستشفيات، لكن الفارق لم يكن كبيراً، وظل يعاني ضغطاً شديداً نتيجة تدفق أعداد كبيرة من المصابين والجثث. أما المستشفيات الأخرى، خصوصاً تلك القريبة من مناطق الاشتباكات، فكانت في حالة كارثية، ووجدت صعوبة في استيعاب أعداد الضحايا أو التعامل معها بشكل مناسب. كانت المشرحة ممتلئة إلى الحد الأقصى، ما اضطر المعنيين إلى البحث عن حلول بديلة، مثل حفظ بعض الجثث في غرف غير مخصصة لهذا الغرض".

يضيف لاذقاني: "في محاولة لتحسين الأوضاع، بادرت فرق تطوعية إلى تنظيف المستشفيات وإزالة آثار الدم والمعارك من الممرات والغرف، في مسعى لإعادة الحد الأدنى من النظام إليها. مع ذلك، لم يكن ذلك كافياً لاستعادة قدرتها التشغيلية، واقتصرت خدماتها على الحالات الإسعافية الطارئة، بينما أُحيلت الحالات الأقل خطورة إلى مستشفيات اللاذقية التي كانت تعمل بدورها فوق طاقتها الاستيعابية. أما مستشفى القرداحة، فكان يعمل بالحد الأدنى من إمكانياته، شأنه شأن معظم مستشفيات المناطق المتضررة، حيث غابت الكثير من الخدمات الطبية الأساسية نتيجة نقص الكوادر والمعدات".

وتعرضت العديد من الأجهزة والمعدات الطبية للتلف أو التكسير بسبب الفوضى العارمة التي شهدتها المستشفيات أثناء الأحداث، وفق لاذقاني، خصوصاً في أقسام الإسعاف التي كانت الأكثر تضرراً. هذا الواقع جعل الحاجة ملحة إلى معدات جديدة وأدوية أساسية لإنقاذ المصابين، إلا أن توفر هذه الإمدادات ظل محدوداً.

ما بعد أحداث اللاذقية، 11 مارس 2025 (عز الدين قاسم/الأناضول)
ما بعد أحداث اللاذقية، 11 مارس 2025 (عز الدين قاسم/الأناضول)

يضيف لاذقاني أن وزارة الصحة وعدت بتزويد المستشفيات باحتياجاتها الضرورية، لكن الاستجابة كانت بطيئة، ولم تفِ بالحد الأدنى المطلوب لتغطية الاحتياجات الطارئة. في الوقت نفسه، برزت مشكلة أخرى تمثلت بالنقص الحاد في أعداد الأطباء والكوادر الطبية، ما جعل من الصعب التعامل مع الأعداد الكبيرة من المرضى والمصابين، وفاقم من أزمة القطاع الصحي في المنطقة.

إلى ذلك، يقول مدير الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز)، الدكتور بشير تاج الدين، لـ"العربي الجديد"، إنه من خلال التنسيق بين المنظمة ومديرية الصحة في اللاذقية ومديرية الصحة في طرطوس ووزارة الصحة، تبيّن وجود احتياجات كبيرة في الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى نقص حاد في المواد والمستهلكات الطبية. يضيف: "لهذا السبب، أطلقنا حملة طبية لمؤازرة ودعم القطاع الصحي في الساحل، بالتنسيق مع مديرتي الصحة في اللاذقية وطرطوس".

وأكدت وزارة الصحة السورية أن مستشفى جبلة الوطني تعرض للهجوم والحصار، ما أسفر عن معاناة شديدة للمرضى والكوادر التي كانت تعمل داخل المستشفى. وبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تأثرت ستة مستشفيات في اللاذقية وأصبحت خارج الخدمة بسبب الاشتباكات، ما أدى إلى تفاقم الضغط على الخدمات الطبية، في ظل تعطل ضخ المياه إليها. كما تحتاج سبعة مرافق صحية من أصل 118 في المحافظة إلى إمدادات طبية عاجلة، فيما توقفت جميع مراكز الرعاية الصحية الأولية البالغ عددها 111 عن العمل نتيجة نقص الكوادر الطبية.

وفي محافظة طرطوس، تأثرت سبع منشآت صحية من أصل 156، وتحتاج إلى دعم عاجل بالإمدادات والمستلزمات الطبية. كما تعمل 136 مركز رعاية صحية أولية جزئياً فقط، بسبب نقص الكوادر الطبية والتحديات اللوجستية. ووفقاً للتقرير، تشمل الاحتياجات العاجلة للمستشفيات والمرافق الصحية المعدات الطبية الأساسية، خصوصاً مستلزمات الطوارئ والجراحة والعناية المركزة، بالإضافة إلى الأدوية والعلاجات الضرورية، مثل أدوية التخدير، وسوائل الحقن الوريدي، ومستلزمات الإسعاف الأولي.

المساهمون