استمع إلى الملخص
- يواجه المرضى تحديات كبيرة بعد العلاج، مع نقص في الرعاية اللاحقة والإمدادات الطبية، مما يزيد من معاناة الأسر.
- رغم الجهود الحكومية المعلنة، مثل تسليم الأدوية وبدء العلاج الجيني، إلا أن الوعود لم تُنفذ بالكامل، مما دفع الجمعيات الأهلية للضغط على الحكومة.
أعلنت رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا مؤخراً وفاة مريضين، لترتفع بذلك حصيلة ضحايا المرض إلى 159 وفاة خلال السنوات الخمس الماضية، في مشهد متكرّر يسلط الضوء على معاناة إنسانية متصاعدة وتقصير حكومي مزمن، وفق قول البعض.
وقد أُعلن عن وفاة الطفلة زينب الخالقي التي لم تتجاوز عامها الأول من مدينة بنغازي شرقي ليبيا، والتي كانت منذ ثمانية أشهر ضمن عداد المستهدفين بالحقن الجينية، وفقاً للرابطة التي كشفت أن حالة الطفلة كانت "ممتازة وجاهزة لأخذ الحقنة المنقذة للحياة"، لكن المماطلة وتأخر العلاج أدّيا إلى دخولها غرفة العناية المركزة قبل أن توافيها المنية بعد أيام قليلة.
وفي اليوم التالي، أعلنت الرابطة وفاة عز الدين العلوي من العاصمة طرابلس، عن عمر ناهز الستين عاماً، بسبب مضاعفات المرض، ليُضاف اسمه إلى قائمة الضحايا التي تطول يوماً بعد يوم.
وتشكّل حادثتا الوفاة حلقة في سلسلة مأساوية طويلة لضحايا هذا المرض، حيث أكد محمد أبوغميقة، رئيس الرابطة، استمرار تفاقم أوضاع المصابين، مشيراً إلى مخاطر عدّة تهدد حياتهم، ومنها مخاطر نفاد الأدوية التي تواجه الغالبية العظمى منهم. وأفاد "العربي الجديد" بأن مطالب الرابطة والمرضى لا تقابلها أي استجابة حكومية أو إيفاء بوعودها السابقة، معتبراً أن الوعود الحكومية المتعلقة بسفر المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج "لا تتجاوب مع حجم الأزمة". وأشار أبوغميقة إلى أن عدد من جرى تسفيرهم إلى الخارج "قليل جداً"، على الرغم من أن الحكومة أبلغت الرابطة سابقاً بأنها ستقوم بتيسير سفر كل الحالات التي تحتاج إلى هذه الحقن "بشكل عاجل".
وتكشف الأرقام والأسعار المرتفعة حجم المعضلة، حيث يبلغ سعر الحقنة الواحدة مليوناً وثمانمائة ألف دولار أميركي، بينما يبلغ عدد المرضى المسجلين في الرابطة أكثر من 900 مريض.
من جانبه، تطرق عماد الثني، شقيق أحد المرضى، إلى جانب آخر من الأزمة، وهو افتقار البلاد لشروط الرعاية اللاحقة حتى بعد تلقي العلاج، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن الأطباء يؤكدون "ضرورة بقاء المريض لفترة تحت رعاية فريق طبي متخصص بعد تلقيه الحقنة، كونه يحتاج إلى رعاية خاصة، لكن هذه الرعاية لا تتوفر في البلاد". وكشف أن الإمدادات التي قدمتها الدولة من أسرّة وكراسي متحركة قيل إنها تتوفر في السوق بأسعار رخيصة، تبيّن أنّ بعضها معطل". أما عن الإعانات المنزلية للمرضى، فأكد الثني أنها ومنذ عام 2018 تتوقف لأشهر طويلة، ما زاد الأعباء المعيشية والصحية لعائلات المرضى.
وتعود جذور أزمة مرضى ضمور العضلات في ليبيا إلى سنوات من الإهمال الحكومي، كما يؤكد العديد من أعضاء الرابطة، على الرغم من بعض البوادر الحكومية المعلنة، حيث أعلن جهاز الإمداد الطبي في يناير/ كانون الثاني الماضي تسليم أدوية لمراكز صحية في طرابلس، كما أعلن جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية في إبريل/ نيسان الماضي بدء مستشفى الأطفال في طرابلس إعطاء العلاج الجيني، إلا أن هذه الإجراءات تبدو غير كافية، ولم تمنع عودة المرضى وأهاليهم إلى ساحات الاحتجاج.
ففي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، نظّم أهالي المرضى وقفة احتجاجية في مدينة بنغازي، بالتزامن مع تحذيرات اللجنة العلمية من نفاد أدوية أساسية. وقبل ذلك نفّذت رابطة مرضى ضمور العضلات سلسلة وقفات أمام مقرّات جهات حكومية عديدة، آخرها وقفة احتجاجية أمام مكتب النائب العام في مدينة مصراتة شمال غربي البلاد.
وتحت ضغط الوقفات الاحتجاجية التي نظمها المرضى وأهاليهم في مدن عدة، بادرت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس نهاية العام الماضي إلى إعلان خطة لتسهيل سفر الأطفال المصابين بالمرض ممّن تقل أعمارهم عن سنتين إلى الخارج، لتلقي الحقن الجينية المنقذة للحياة، وتوطين العلاج في الداخل الليبي، من خلال توفير المعامل الجينية اللازمة، وتنفيذ برامج العلاج الطبيعي، وتأمين الأدوية التخصصية. وتُوّجت هذه الوعود بالاتفاق مع رابطة مرضى ضمور العضلات على تخصيص مبالغ مالية لعلاج الأطفال.
لكن الثني، شقيق أحد المرضى، أكد أنها "بقيت مجرد وعود كغيرها، مكتوبة على الورق، يجري إيداعها الأدراج من دون أي تنفيذ كلّي". واعتبر أن انخراط الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في حراك الرابطة والمرضى وأهاليهم، سيشكل عامل ضغط إضافياً على الحكومات من أجل التجاوب مع معاناة المصابين بالمرض، خصوصاً أن الوقفات الاحتجاجية ساهمت في تحويل قضية المرضى إلى قضية رأي عام، دفعت بالسلطات الليبية إلى التجاوب ولو نسبياً، بحسب قوله.