استمع إلى الملخص
- تتعقد مشكلة اللاجئين بسبب تداخل السلطات الثلاث: حكومة دمشق، حكومة بغداد، و"الإدارة الذاتية". ترفض الحكومة العراقية إعادة القاطنين في مخيم الهول، وتؤكد الولايات المتحدة على ضرورة استعادة الدول لمواطنيها.
- تعمل "الإدارة الذاتية" على تسهيل عودة النازحين واللاجئين بشكل طوعي، بالتنسيق مع المنظمات الدولية، رغم التحديات مثل تدمير المنازل ووجود الألغام، مع التأكيد على أهمية الدعم الدولي لإعادة بناء البنية التحتية.
تسعى "الإدارة الذاتية" الكردية لشمالي وشرقي سورية إلى حلحلة ملف المخيمات الواقعة تحت سيطرتها، في وقت ترفض فيه بعض الدول استعادة رعاياها
لا تبدو مشكلة مخيمات اللاجئين والنازحين شمال شرقي سورية سهلة الحل، خصوصاً مع وضوح عدم الرغبة لدى عدد من الدول باستعادة رعاياها، لا سيما العراق، في حين باتت "الإدارة الذاتية" (الكردية) لشمالي وشرقي سورية، والتي تسيطر على مناطق انتشار المخيمات، تضيق ذرعاً بهذا الملف وتسعى إلى إنهائه.
يوم الثلاثاء الماضي، غادرت دفعة من اللاجئين العراقيين (إجمالي 45 عائلة و184 شخصاً) مخيم روج في ريف مدينة المالكية في محافظة الحسكة، وهي الدفعة الأولى منذ عام 2018، نحو مخيم الجدعة جنوب مدينة الموصل العراقية، وذلك بالتنسيق بين "الإدارة الذاتية" والحكومة العراقية، التي أرسلت وفداً للإشراف على عملية الترحيل، بحماية قوات التحالف الدولي.
لكن مشكلة اللاجئين العراقيين تحديداً في مخيمات شمال شرقي سورية، لا تزال عالقة بين ثلاث سلطات رئيسية، وهي حكومة دمشق وحكومة بغداد و"الإدارة الذاتية" التي لا تزال تسيطر على مناطق انتشار مخيمات اللاجئين، وأبرزها مخيم الهول بريف الحسكة الذي ترفض الحكومة العراقية إعادة القاطنين فيه، على اعتبار أن معظمهم من عائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، إيفان فائق، قد صرحت لوسائل إعلامية عراقية وعربية، أن "سورية أبلغتنا أنها تنوي تفكيك مخيم الهول، وهذا يشكل مخاوف كبيرة"، مؤكدة أنه "سيتم إيقاف إعادة النازحين من مخيم الهول". ويأتي ذلك في سياق كون الهول أكبر مخيمات شمال شرقي سورية، علماً أنه تنتشر مخيمات أخرى تضم بمعظمها نازحي المنطقة الشرقية ولاجئين عراقيين، منهم عائلات لعناصر "داعش".
وأمس الأربعاء، قالت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السفيرة دوروثي شيا، إن المساعدات الأميركية لإدارة وتأمين المخيمات في شمال شرق سورية، والتي تضم سجناء مرتبطين بتنظيم داعش، "لا يمكن أن تستمر إلى الأبد". أضافت: "تحملت الولايات المتحدة الكثير من هذا العبء لفترة طويلة للغاية. وفي نهاية المطاف، لا يمكن أن تظل المعسكرات (المخيمات) مسؤولية مالية أميركية مباشرة"، في إشارة إلى مخيمي الهول وروج.
وتشير إلى أن مساعدات بلادها "لعبت دوراً محورياً في إدارة وتأمين مخيمي الهول وروج للنازحين في شمال شرق سورية. والأهم من ذلك، المنشآت التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية التي تحتجز آلاف مقاتلي داعش. لكن هذه المساعدات لا يمكن أن تستمر إلى الأبد"، مضيفة أنه "بناء على ذلك، نواصل حث الدول على استعادة مواطنيها اللاجئين والمحتجزين الذين لا يزالون في المنطقة على وجه السرعة".
ويؤوي مخيم الهول أكثر من أربعين ألف شخص من عشرات الدول، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة. وكان المخيم يضم عام 2024 أكثر من عشرين ألف عراقي و16 ألف سوري. وبحسب مسؤول أمني عراقي، غادر 12 ألف عراقي المخيم منذ عام 2021. ويقول مصدر من إدارة مخيم روج إن عدد اللاجئين العراقيين المتبقين داخل مخيم روج هو 28 عائلة، إلى جانب 13 عائلة سورية، في مقابل عدد كبير من الأجانب.
إلى ذلك، يقول الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، شيخموس أحمد، لـ "العربي الجديد"، إن "الإدارة الذاتية قررت وبشكل رسمي في 23 يناير/كانون الثاني 2025، تسهيل كافة الخدمات للراغبين في العودة الطوعية من المخيمات إلى مناطقهم. وخلال هذه الفترة، كانت هناك رحلات عودة من مخيم العريشة، فيما غادرت عائلات مخيم المحمودلي. وفي الأيام القريبة المقبلة، ستغادر عائلات مخيم الهول باتجاه مناطقها، تحت حماية قوى الأمن الداخلي".
ويشير أحمد إلى "التنسيق مع المنظمات المعنية في هذا الإطار لتقديم الخدمات وتأمين وصول النازحين إلى مناطقهم". وفي ما يتعلق بالقاطنين من اللاجئين العراقيين، يقول: "لدى الحكومة العراقية خطة لإعادة رعاياها من مخيم الهول. وبالفعل خلال هذا الشهر، كانت هناك رحلتان للعودة من مخيمات في شمال وشرق سورية باتجاه الداخل العراقي".
وحول آلية وكيفية خروج هذه العائلات، يوضح أحمد أن "رحلات العودة هي رحلات طوعية، ولا يتم من خلالها إجبار أي شخص أو أية عائلة على الخروج من المخيمات. وطبعاً، هذا ينطبق أيضاً على اللاجئين العراقيين الموجودين في المخيمات، سواء الهول أو روج أو أي مخيم. وأي شخص أو عائلة لا ترغب بالخروج ستبقى في المخيم، وستقدم الإدارة الذاتية وبالتنسيق مع المنظمات العاملة كافة الخدمات لها".
ويؤكد أحمد أن "قرار الإدارة الذاتية جاء بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، وتوقف المعارك بين المعارضة والنظام السابق. لذلك، آن الأوان لعودة كل السوريين سواء أكان النازحين في الداخل السوري أو اللاجئين في دول الجوار، وأن يكون هناك دعم دولي لتجهيز البنى التحتية لكل منطقة". يضيف: "نحن في الإدارة الذاتية، وتماشياً مع القوانين الإنسانية، سنعمل على تنسيق قرار العودة بالنسبة للعائلات مع الأمم المتحدة، وتحديداً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
وكانت دفعة من اللاجئين العراقيين قد غادرت مخيم الهول يوم الأحد الماضي، لكن بغداد لا تبدي ارتياحاً لإعادة مزيد من اللاجئين. كما غادرت عشرات العائلات التي تعود أصولها إلى محافظة دير الزور شرقي سورية، الثلاثاء الماضي، مخيم العريشة للنازحين في ريف الجنوبي من مدينة الحسكة، بعد ثماني سنوات من النزوح.
ويقول مصدر في إدارة مخيم العريشة إن العائلات التي غادرت المخيم الثلاثاء، ستعود إلى مناطقها ومنازلها بعد سقوط نظام الأسد، لافتاً إلى أن الحياة في المخيم أصبحت صعبة جداً للعيش، بسبب تراجع إمكانيات المنظمات التي كانت تقدم المساعدات للعائلات، بعد قطع التمويل عنها. ويؤكد أن الرحلات الطوعية للنازحين ستستمر إلى حين تأمين العودة الكاملة للنازحين، رغم وجود مخاوف لدى العائدين إلى مناطق سُكناهم الأصلية "نظراً إلى كون غالبية منازلهم مهدمة بفعل الحرب، أو وجود ألغام".
ويقطن في مخيم العريشة الواقع جنوب الحسكة نحو 14 ألف نازح يتحدرون من مختلف المناطق السورية، وفق إدارة المخيم.