مخيمات النزوح العشوائية في غزة.. عائلات خارج الاهتمام

21 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 22 أغسطس 2025 - 08:54 (توقيت القدس)
مشهد للحياة وسط خيام النازحين في غزة، 8 يوليو 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه مخيمات النزوح العشوائية في غزة ظروفًا معيشية قاسية بسبب غياب الدعم الرسمي، مما يؤثر سلبًا على حياة آلاف الأسر النازحة التي تفتقر إلى المقومات الأساسية.
- تزايد أوامر الإخلاء الإسرائيلية يؤدي إلى انتشار المخيمات غير المعتمدة، حيث يضطر النازحون للتجمع في الأراضي الفارغة بسبب اكتظاظ المخيمات المعتمدة.
- تعاني المخيمات غير المعتمدة من نقص حاد في المياه والبنية التحتية، مما يفاقم معاناة الأسر، وتبوء محاولات التواصل مع المؤسسات الإنسانية بالفشل، مما يترك السكان في حالة دائمة من العوز والقلق.

تُواجه مخيمات النزوح العشوائية في قطاع غزة المحاصر واقعاً معيشياً قاسياً، نتيجة غياب الدعم الرسمي والمؤسساتي، وهو ما ينعكس سلباً على الحياة اليومية لآلاف الأسر النازحة، التي تفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية. ويساهم تكرار أوامر الإخلاء الإسرائيلية لمناطق سكنية واسعة في زيادة عدد المخيمات غير المعتمدة في سجلات وزارة التنمية الاجتماعية أو المؤسسات المحلية والدولية، التي باتت منتشرة في مختلف أرجاء القطاع.

ويضطر النازحون الذين أجبرتهم ظروف الحرب الإسرائيلية على غزة على ترك مناطقهم السكنية المهددة على وقع القصف والأحزمة النارية والمجازر الإسرائيلية، إلى التجمّع في الأراضي الفارغة، بفعل اكتظاظ المخيمات المعتمدة بالنازحين، وعدم قدرتها على استيعاب أسر أو عائلات جديدة. وتنتشر المخيمات العشوائية وغير المُنظمة في شوارع غزة ومفترقات الطرق، أو حتى بين البيوت والعمارات السكنية وفي الأسواق والساحات العامة، فيما تفتقر إلى مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي والصحي، كما أنها تعاني بشكل كبير نتيجة عدم وجود بنية تحتية أو خدمات تلبي المتطلبات البشرية.

ويوضح مشرف مخيم الصابرين، عبد الرحمن ساق الله، أنّ المخيم الواقع بين مفترق السرايا ومستشفى الوفاء وسط مدينة غرة، يعتبر من المخيمات العشوائية وغير المُدرجة على سجلات المؤسسات المحلية أو الدولية أو وزارة التنمية الاجتماعية أو أي جهة رسمية أو غير رسمية. ويبين ساق الله لـ"العربي الجديد"، أنّ المخيم الذي تأسس بعد عودة النازحين من المحافظات الجنوبية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في يناير/ كانون الثاني الماضي، يضم 36 خيمة يقطن فيها 47 عائلة بفعل النقص الشديد في الخيام، والتهرّؤ الشديد للموجودة جراء التغييرات المناخية وعدم القدرة على تجديدها.

وتغيب كل أشكال الدعم عن مخيم الصابرين وفق توضيح ساق الله، باستثناء بعض المبادرات الفردية وهي غير منتظمة، ولا تضمن استمرارية تقديم الدعم والمعونة للعائلات التي تعيش داخل المخيم. ويوضح أنّ زيادة عدد العائلات داخل تلك الخيام تعود لتواصل أوامر الإخلاء الإسرائيلية، في الوقت الذي لا تملك تلك الأسر أي ملجأ، ما يضطرها إلى النزوح عند الأقارب داخل المخيمات العشوائية الضيقة، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة الواقع المعيشي داخلها.

ويشير ساق الله إلى الواقع المأساوي داخل تلك المخيمات المتهرئة، حيث يضطر الرجال للجلوس في الطرقات بفعل الضيق وارتفاع درجات الحرارة، بينما تقوم النساء برش المياه على القماش للتخفيف من الحر، وسط شعور بالعجز عن توفير مقومات العيش. ولا يختلف الواقع كثيراً في مخيم المغني الذي يضم عشرات الخيام والأسر التي لا تتلقَى أي مساعدات من أي جهة، فيما تضطر إدارة المخيم للتواصل مع المتطوعين ضمن المبادرات الفردية التي يتم إطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير الطعام والماء للأسر النازحة بداخله.

ويقول مندوب مخيم المغني عبد الرحمن محيسن، إنّ "سكان المخيم تجمّعوا بشكل عفوي بعد عودتهم من المحافظات الجنوبية، وصدمتهم بتدمير بيوتهم بشكل كامل كانت كبيرة، إلا أنه لم يتم اعتماد المخيم ضمن كشوفات المخيمات المنظمة حتى اللحظة". ويبين محيسن لـ"العربي الجديد"، أنّ عدم اعتماد المخيم يحرم سكانه من المساعدات الإنسانية والمعونات الإغاثية، كما يحرمهم من الطرود الغذائية ومواد التنظف، وإمكانية تجديد خيامهم التي باتت بالية بفعل الاستخدام المتواصل دون القدرة على تغييرها.

ويلفت محيسن إلى أن المخيم يعاني من غياب تام للبنية التحتية والمراحيض وشبكات الصرف الصحي ومياه الشرب ومياه الاستخدام اليومي، وهو ما يفاقم معاناة الأسر التي تعاني أصلاً من نقص حاد في مختلف مقومات الحياة.

وإلى شمال غزة يعاني سكان أحد المخيمات غير المنظمة والتي لم يتم إطلاق أي اسم عليها من النقص الحاد في المياه، وعدم وصول شاحنات المياه العذبة أو خطوط مياه الاستخدام اليومي، بفعل وعورة الطريق وعدم تجهيز المخيم العشوائي بالبنية التحتية. ويوضح مندوب المخيم عبد الله حنيدق، أنه تم تجهيز المخيم بإمكانيات بسيطة، حيث تم نصب الخيام التي عاد بها أصحابها من المحافظات الجنوبية، دون القدرة على تجديدها، رغم المناشدات والمحاولات المتواصلة، والتي تم خلالها مخاطبة مختلف المؤسسات الإنسانية والدولية والجهات الرسمية.

ويبين حنيدق لـ"العربي الجديد"، أن سكان المخيم لم يتلقوا أي ردّ إيجابي من الجهات التي تمت مخاطبتها، وذلك بفعل الواقع الصعب داخل تلك المؤسسات، مضيفًا: "في حال دخول المساعدات الإنسانية يتم توزيعها على المخيمات المعتمدة، ونبقى نحن خارج الاهتمام". ويعاني سكان تلك المخيمات غير المدعومة من شعور دائم بالعوز والحاجة نتيجة عدم انتظام توفير الطعام والماء والخدمات الأساسية التي تتميز بها المخيمات المعتمدة (في حال توفر الدعم أصلاً)، إلى جانب شعور الخوف والقلق بفعل غياب مختلف أشكال الرعاية والعناية الصحية.

المساهمون