مخاطر التعلّم والعمل عن بُعد

مخاطر التعلّم والعمل عن بُعد

05 يناير 2021
تتعلّم عن بُعد (كريستيانو مينيشيللو/ Getty)
+ الخط -

مع الحجر المنزلي إثر انتشار كورونا، والتحوّل نحو نظام العمل والتعلّم عن بُعد، زادت الاضطرابات الصحية

لم يعُدْ المنزل ملاذاً للراحة وتناول الطعام والنوم فحسب، إنّما تحوّل مع جائحة كورونا وإلزامية الحجر المنزلي، إلى مكانٍ محوريّ لتيسير الأعمال والأشغال، كما لعقد الندوات والتدريبات والجلسات الافتراضية. أضف إلى ذلك، أنّ المدرسة في حدّ ذاتها استقرّت في غرف المنزل وأروقته، بعدما انتقلت العملية التربوية من القاعات والصفوف إلى نظام التعلّم عن بُعد.
ولعلّ تبدّل الأنماط الحياتية في لبنان، أسوةً بغيره من الدول، يُنذر بعواقبٍ جانبية بعد تغيّر العادات الغذائية والصحيّة وانعدام أو تراجع التمارين الرياضية واللياقة البدنية.

ويؤكّد الطبيب المتخصّص في جراحة العظام والمفاصل جورج دمّر، لـ "العربي الجديد": أنّ "التأثير الصحي للجلوس ساعاتٍ طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية أو غيرها، يرتبط بالمرحلة العمرية. لذلك، نجد أنّه ينعكس بشكلٍ أساسي على الكبار، من حيث ازدياد آلام الرقبة والظهر والكتفين، إلى مشاكل ترقّق العظام، بالأخص لدى النساء، حتى لو بعمرٍ مبكر (20 عاماً وصعوداً)، نتيجة قلّة الحركة وزيادة الضغوط النفسية وتناقص فيتامين د. كما أنّ النساء عرضة أكثر من الرجال لترقّق العظام، لاختلاف هرموناتهنّ". في المقابل، يضيف أنّ الأولاد، حتى 18 سنة "لا يتأثّرون بشكلٍ كبير، إلا إذا كانوا يعانون من مشاكل في العظام، كونهم  شديدي الحركة، ومرتاحين نفسياً. وحتى لو جلسوا 5 ساعات أمام جهاز الحاسوب أو الهاتف، لا يتأثّرون كالكبار الذين يتشنّج جسدهم بعد ساعة من الجلوس، كونهم يعانون من ضغوطٍ نفسية، تؤدّي إلى تشنّج العضلات وإفراز معدّل أكبر من هرمون الأدرينالين، وبالتالي إلى مزيدٍ من العصبية". وبرأي دمّر، وكي تبقى العظام قويّة ومتينة "تجب المواظبة على الحركة والتمارين الرياضية، وإلا تصبح هشّة سريعة الانكسار، نتيجة تناقص الكالسيوم. كما أنّ الحركة تحمي من الجلطات الدموية". ويشير إلى أنّ عدد المرضى الذين يقصدون عيادته "قد ارتفع بشكل كبير، منذ بدء الحجر المنزلي، حيث يصل أحياناً إلى 51 مريضاً باليوم الواحد".
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ "النشاط البدني المنتظم مفيد للجسم والعقل. فمن شأنه خفض ارتفاع ضغط الدم والمساعدة على التحكم في الوزن وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النمط الثاني وأنواع مختلفة من مرض السرطان. وهذه كلّها حالات يُمكن أن تزيد من احتمال الإصابة بمرض كوفيد-19". وتكشف أنّ "النشاط البدني يساعد على تقوية العظام والعضلات ويزيد من التوازن والمرونة واللياقة البدنية. أمّا بالنسبة إلى المسنين، فيساعد على تحسين التوازن والحدّ من مخاطر السقوط والإصابات. وله دور أيضاً في تقوية الصحة العقلية، إذ يمكن أن يقلّل من مخاطر الإصابة بالاكتئاب والتدهور المعرفي ويؤخّر ظهور الخرف، ويضفي شعوراً عاماً بالرفاهية".
من جهته، يوضح المعالج الفيزيائي روني كفوري، لـ"العربي الجديد"، كيف أنّ "الواقع اليوم أثّر سلباً على صحة الأفراد، حيث ارتفع معدّل المرضى الذين يقصدون العيادة بين 10 و15 في المائة منذ بدء الحجر المنزلي في لبنان". ويقول: "نعالج يوميّاً نحو 33 مريضاً، واللافت أنّه بات يقصدنا مرضى بأعمارٍ أصغر تقارب 14 سنة وما فوق، من الذين يعانون آلاماً في الرقبة والظهر وأسفل الظهر، نتيجة عدم الجلوس بشكلٍ صحيح. لا سيّما أنّ التعلّم عن بُعد يُلزمهم الجلوس لوقتٍ أطول، ما يسبّب مشاكل في العيون وتشنّجاتٍ في الرقبة وعضلات الكتفين، جراء الضغط عليهما". ويشدّد كفوري على "أهمية تخفيض معدّلات الجلوس قدر الإمكان، واتّخاذ الوضعية المناسبة والسليمة، في حال كنّا مجبرين على ذلك". وينصح بـ"ممارسة الرياضة، لا سيّما التمارين الخاصة بالرقبة والظهر والكتفين والمعدة".

وفي السياق، يحذّر مدرّب اللياقة البدنية ورياضة كمال الأجسام، شربل أبو خطّار، من "أنّنا نهرب من فيروس كورونا الجديد، لكنّنا نخسر جهاز المناعة الذي يحمينا من الفيروس، أكثر ممّا تفعله ملازمة المنزل. وهذا الجهاز يتعزّز بالغذاء الصحي بالدرجة الأولى، وبالرياضة والحركة بالدرجة الثانية، ما يمكّنه من مقاومة أيّ مرض وليس فقط كورونا". ويقول أبو خطّار لـ"العربي الجديد": "يأخذ الجسم الشكل والوضعية التي نضعه فيها لمدّة معينة. لذلك، فإنّ الجلوس أمام الأجهزة الإلكترونية مطوّلاً وانحناء الكتفين للأمام، وما يرافقهما من تشنّجات في الظهر، سيؤدّي مع الوقت إلى موت العصب وظهور الأمراض".

المساهمون