محررو صفقة وفاء الأحرار يعودون بعد 10 سنوات من الأسر في سجون الاحتلال

17 يناير 2025
مطالبات بالحرية لنائل البرغوثي أقدم أسير فلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 2014، أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 47 أسيرًا فلسطينيًا أُفرج عنهم في صفقة 2011، مما أثر على حياتهم وعائلاتهم، حيث أعيدت إليهم الأحكام السابقة بالسجن المؤبد.

- الأسرى المحررون، مثل نائل البرغوثي، واجهوا تحديات كبيرة بعد إعادة اعتقالهم، بما في ذلك الاعتقال الإداري والاعتداءات الجسدية، مما يعكس الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون.

- الاتفاق الجديد ينص على الإفراج عن الأسرى الذين أعيدت إليهم الأحكام السابقة، ويعتبر إنجازًا للمفاوض الفلسطيني، مع التأكيد على أهمية الضمانات بعدم إعادة اعتقال المحررين.

يُعيد اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الحياة لـ47 عائلة فلسطينية في الضفة الغربية، علّقت حياتها منذ عام 2014، فمن بين نحو 70 أسيراً فلسطينياً أعاد الاحتلال اعتقالهم في يونيو/حزيران 2014، ممن أفرج عنهم في عام 2011 بصفقة تبادل وفاء الأحرار بين حركة حماس والاحتلال مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط؛ أعاد الاحتلال الأحكام السابقة لـ50 منهم، وغالبيتها بالسجن المؤبد مدى الحياة، وبقي في السجن منهم 47 وفق أحكامهم السابقة.

أعاد الاحتلال اعتقال هؤلاء الأسرى بحجّة اختطاف مقاومين فلسطينيين لثلاثة مستوطنين جنوب الضفة الغربية، ورغم عثوره على جثثهم لاحقاً، استمر باختطاف المحررين رهائن لاستخدامهم ورقة ضغط في أية مفاوضات لتبادل أسرى، فاندلعت حرب أخرى على قطاع غزة أسرت خلالها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الجنديين شاؤول آرون وهدار جولدن، وكانت حماس اشترطت الإفراج عن محرري الصفقة قبل الدخول لأية مفاوضات.

عاش المحررون المعاد اعتقالهم خارج السجن 32 شهراً فقط، عادوا إلى حياتهم بعد سنين طويلة من الأسر، أو أسسوا حياة جديدة، كعميد الأسرى نائل البرغوثي من بلدة كوبر شمال غرب رام الله الذي اعتقل عام 1978 ولم يكن يتجاوز 20 عاماً، وخرج بالصفقة بعد أن أمضى 33 عاماً في الأسر وهو بعمر 54 عاماً، وكان حينها أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال. خرج البرغوثي وتزوج وبنى أسرته، لكنه لم يبق في بيته أكثر من 32 شهراً، ليعود أسيراً، ويصل إلى ما مجموعه 44 عاماً في الأسر وهي أطول مدة قضاها أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

تقول زوجته الأسيرة المحررة أمان نافع لـ"العربي الجديد"، إنّ البرغوثي وباقي محرري صفقة التبادل أخذوا رهائن من أجل الضغط في مفاوضات صفقة محتملة، رغم أنهم خرجوا وفق اتفاق تبادل بوساطة دولية، في خرق واضح للاتفاق، رغم التزامه بالشروط التي فرضت عليها وهو تحديد مكان تحركه بمنطقة رام الله ومنع وصوله إلى أية مدينة أخرى أو إلى القدس المحتلة.

حكم البرغوثي بالسجن لثلاثين شهراً حين اعتقل بتهمة إلقائه كلمة أمام الطلبة في جامعة بيرزيت، وبقي بعد انتهاء الحكم شهرين إضافيين قبل أن تُفاجأ العائلة بإعادة حكم المؤبد بحجة وجود ملف سري لا تعلم العائلة عنه شيئاً، وبقي معتقلاً رغم عدم تصديق محكمة الاحتلال العليا على قرار إعادة المؤبد له.

تبقى التخوفات لدى نافع، بسبب طبيعة الاحتلال فهي تقول إنه يستغل كل لحظة إلى حين بدء تنفيذ الاتفاق لقتل الفلسطينيين في غزة واستمرار الإبادة رغم التوصل إلى اتفاق. عاش البرغوثي خلال فترة الحرب ظروفاً قاسية، واعتُدي عليه ما أدى لكسر في أضلاعه، واعتقلت زوجته إدارياً دون تهمة لمدة ثلاثة أشهر، ومؤخراً جلب الاحتلال نائل إلى زيارة المحامي مكبل اليدين إلى الخلف، ومعصوب العينين، رغم دخوله عامه الـ68 من العمر.

عاد نائل لحياته عام 2011، وأصبح لديه بيت يهتم به، وأرض يزرعها، تعلم السياقة، وبدأ إكمال دراسته الجامعية، لكنه خرج حينها ووجد والده ووالدته وقد توفيا، سرق الاحتلال حياته مرة أخرى، وسيعود ليجد شقيقه عمر القريب إلى قلبه قد توفي، وابن شقيقه قد استشهد، حال نائل هو واقع محرري صفقة وفاء الأحرار، ومن بينهم 11 اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، بين الأعوام 1978 و1992.

وينصّ الاتفاق الحالي على الإفراج عن الـ47 الذين أعيدت أحكامهم السابقة إليهم، تحقق المقاومة كما يقول المختص بأدب السجون الأسير المحرر وليد الهودلي في حديث مع "العربي الجديد"؛ استحقاقاً قديماً منذ إعادة اعتقال هؤلاء، لأنه اعتقال تعسفي ودون أي مبرر وفيه نقض لاتفاقية التبادل.

وتابع الهودلي: "إصرار المفاوض الفلسطيني على تحريرهم في مكانه وقد نجح في تحقيق هذا الأمر، وهو إنجاز عظيم وفشل للسياسة الإسرائيلية في محاولة تركيع الأسير المحرر، وتوجيه كل أشكال الانتهاكات ضده، هذا يعد فشلاً لهذه السياسة ونجاحاً للمفاوض الفلسطيني في تحقيق هذه النقطة الهامة جداً في تاريخ الحركة الأسيرة".

وحول أسباب إعادة الاعتقال في العام 2014، يقول الهودلي، إنها محاولة لردع الفلسطينيين عن أي فعل مقاوم، وبالتحديد عن أي محاولة لتحرير الأسرى، لكنه استدرك: "هذا ما يحاول الاحتلال فعله ولكن هل ينجح بذلك؟ سلاح الردع متبادل ونحن في صراع الإرادات؛ إرادة الفلسطينيين الحرة، وإرادة الاحتلال، وهنا يحاول الاحتلال تثبيت إرادته، ولكنها تصطدم مع إرادة المقاومة وإرادة الشعب الفلسطيني الذي يصر على التمسك بثوابته وحقوقه وصناعة مستقبله المفعم بالحرية والانعتاق من الاحتلال".

وتبرز مرة أخرى قضية الضمانات حول عدم إعادة اعتقال المحررين، يؤكد الهودلي أن معلومات ترد حول إصرار المقاومة على تعهد الاحتلال بعدم إعادة اعتقال الأسرى المفرج عنهم، قائلاً إن على الدول الراعية للاتفاق ممارسة ضغطها وثقلها السياسي بشكل حقيقي وقوي، لكبح جماح الاحتلال في مواصلة تجاوز الاتفاقيات والمواثيق. ويضاف إلى الـ47، أسير محرر آخر أعيد اعتقاله ووجهت له تهم جديدة ولم يُعد له الحكم السابق، وخلال الحرب وفقاً لنادي الأسير الفلسطيني اعتقل أربعة آخرون من داخل قطاع غزة من محرري الصفقة، فيما قام الاحتلال باغتيال عدد آخر منهم خلال الحرب، فيما يبدو محاولة للانتقام منهم، نظراً لكون قيادات بارزة من حركة حماس على رأسهم الشهيد يحيى السنوار كان قد حرر بتلك الصفقة.

المساهمون