مجازر مخيم جباليا | لا أثر لعائلة أبو راشد (26)

07 فبراير 2025
أفراد عائلة أبو راشد (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الحياة اليومية لعائلة أبو راشد: عاشت العائلة في مخيم جباليا بغزة، موزعة على عدة طوابق في منزل كبير، حيث كانت تربطهم علاقات قوية مع الجيران. تنوعت مهن أفراد العائلة بين الهندسة والصيدلة والتعليم.

- التحديات والنزوح: تعرضت العائلة لتحديات عديدة، حيث نزحت نهى مع عائلتها بسبب العدوان الإسرائيلي، وعاد محمود مع عائلته إلى منزل والده بعد بدء الإبادة الجماعية.

- المأساة: في 24 أكتوبر 2024، استشهد جميع أفراد العائلة باستثناء الطفلة صبا نتيجة غارات جوية إسرائيلية، وكانت هذه المذبحة جزءاً من حملة عسكرية أودت بحياة ما بين 100 و150 شخصاً.

يقع منزل أبو راشد في بلوك 7 في قلب مخيم جباليا الواقع في الشمال الشرقي من مدينة غزة. إلى جانب كون أفراد العائلة جيراني، كانت تربطني علاقة صداقة وأخوة قوية بأبنائها الذكور، كما كانت لأمي وشقيقاتي الخمس علاقة متينة مع فتيات ونساء العائلة.

عائلة أبو راشد، هي عائلة لاجئة من بلدة بئر السبع جنوب فلسطين، وكانت تتمسك بالعادات البدوية. رغم ذلك، كانوا قادرين على الانخراط في المخيم.

كنت أقضي مع الأشقاء الثلاثة رمزي وأحمد ومحمود وقتاً طويلاً، حتى النوم لم يكن يفرقنا. لكن حين تزوج كل شخص فينا وزادت المسؤوليات، صرنا نرى بعضنا البعض في المناسبات. لكن حين ألتقي محمود، كان يردد عبارة: "الحب ما ينام(...) يا أبو جار".

تعيش عائلة أبو راشد في منزل يعد الأكبر في المخيم من حيث المساحة. كانت تضم المتعلم والعاطل عن العمل والمهندس والصيدلي والمدرس والمصاب. وكانت تحب الانطواء على نفسها رغم علاقاتها الكثيرة.

في الطابق الأرضي، تعيش الجدة سلطانة (85 عاماً) المعروفة بأم فتحي، وابنتها علياء (65 عاماً). ويسكن معهما أيضاً الابن فؤاد (47 عاماً)، ويعمل في جهاز الشرطة في غزة، وزوجته جيهان (45 عاماً)، وأولادهم الخمسة محمد (24 عاماً)، وإبراهيم (23 عاماً)، ومصعب (19 عاماً)، وبلال (18 عاماً)، والصغيرة رهف (8 أعوام).

وفي القسم الثاني من الطابق الأرضي، تعيش عائلة الابن الثاني سلمان (44 عاماً)، الذي يمارس الأعمال الحرة، وزوجته أمل (40 عاماً)، وأبناؤهم الخمسة آية (22 عاماً)، وإسلام (18 عاماً)، وسما (12 عاماً)، ويوسف (10 أعوام)، ومحمد (3 أعوام).

أما في الطابق الأول، فيعيش الابن الأكبر للعائلة فتحي (66 عاماً)، وهو مهندس كهربائي، وزوجته نجاح (62 عاماً)، والابنة سحر (29 عاماً) وهي خريجة محاسبة.

أما في الطابق الثاني، فيعيش رمزي (38 عاماً) الذي يعمل شرطياً، وهو الابن الأكبر لفتحي، وهو متزوج من سارة (36 عاماً)، ولديهما من الأبناء سالي (11 عاماً)، وشام (9 أعوام)، وماريا (6 أعوام)، وقصي (5 أعوام)، ومريم (4 أعوام)، ومسك (عامان)، ومصطفى الذي ولد مع بدء الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

لكن محمود (35 عاماً) الابن الثاني لفتحي، وهو أقرب صديق لي، كان يعمل في مهنة إصلاح الأجهزة الكهربائية، وقد استأجر شقة خارج المنزل. ومع بدء الإبادة الجماعية، لجأ إلى منزل والده بصحبة زوجته أنوار (32 عاماً)، وأطفاله الأربعة فراس (9 أعوام)، ومحمد (8 أعوام)، وفتحي (4 أعوام)، والصغيرة حبيبة وعمرها لم يتجاوز العام ونصف العام.

أما نهى (36 عاماً) وهي ابنة فتحي، فقد نزحت مع زوجها باسل النجار (38 عاماً) وأطفالها الثلاثة، قيس (8 أعوام)، وصبا (7 أعوام)، وسيلا (4 أعوام).

ولدى نهى وباسل مركز تعليمي خاص، ويعد من أكثر المراكز التعليمية شهرة في مخيم جباليا. واكتشف قبل الإبادة بنحو أسبوعين أن باسل مصاب بمرض السرطان، وكان ينتظر استكمال علاجه في الخارج، لكن العدوان الإسرائيلي أوقف كل شيء.

استشهد جميع أفراد العائلة 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 باستثناء الطفلة صبا، بعدما نفذت الطائرات الحربية غارات على شكل حزام ناري على بلوك 7، وكان نصيب الأسد من الصواريخ لعائلة أبي راشد. حصلت هذه المذبحة في الأسبوع الثالث من الحملة العسكرية على مخيم جباليا، والتي انتهت في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، وقدر عدد ضحايا المذبحة التي استهدفت سبعة منازل بما بين 100 و150 شهيداً.

في تلك الليلة، لم يتمكن من نجا من رجال الحارة إلا من إنقاذ الطفلة صبا. ولأن المخيم كان محاصراً من كل الاتجاهات ومن السماء أيضاً، هربوا من المنطقة باتجاه مستشفى كمال عدوان. حين انتهت الحملة العسكرية، عاد أحمد (34 عاماً) الذي يعمل صيدلياً، والذي نزح من الأسبوع الأول من الإبادة إلى مدن الجنوب، هو الذكر الوحيد المتبقي من عائلة أبي راشد، وهو ابن فتحي. لم يجد للشهداء الذي وصل عددهم إلى 35 شخصاً أي أثر.

يقول أحمد وهو يقف وسط الحفرة، أو المقبرة الجماعية: "لا أعلم ماذا يمكن أن يقال. أنا الآن وحدي. ما زلت أشعر بأنني في حلم، ولا أستطيع تقبل أن عائلتي باتت في حفرة. لا شيء يمكن أن يقال".

ارتكبت إسرائيل أكبر مذبحتين بحق أبناء جيراني خلال عام واحد وعلى دفعتين في بلوك 7، الأولى في عائلة سالم وراح ضحيتها 40 شخصاً، والثانية بحق عائلة أبو راشد. وفي لحظة، شطبت إسرائيل قرابة 90% من الأشخاص الذين عاشوا معنا أكثر من ثلاثة عقود، من السجلات.

المساهمون