متحوّر كورونا المنطلق من جنوب أفريقيا: أخطر ما عرفته الجائحة
حتى أوّل من أمس، كانت دول كثيرة تربط عودتها إلى التشدّد في التدابير الخاصة بالأزمة الوبائية بمتحوّر "دلتا" من فيروس كورونا الجديد المهيمن على العالم منذ أشهر عدّة، بعدما كان قد رُصد للمرّة الأولى في الهند في إبريل/ نيسان الماضي. لكن جاء إعلان علماء من جنوب أفريقيا عن اكتشاف متحوّر جديد من الفيروس في البلاد، أشدّ خطورة وعدوى، ليثير حالة قلق في العالم، خصوصًا أنّ فعالية اللقاحات مع هذا المتحوّر غير مؤكّدة.
فماذا نعرف عن هذا المتحوّر الجديد الوافد من جنوب أفريقيا؟ ما يلي نستعرض أبرز الأسئلة الشائعة حاليا حوله:
متى ظهر المتحوّر الجديد؟
اكتشف علماء جنوب أفريقيا عددا صغيرا من المتحوّر، الذي أطلق عليه اسم B.1.1.529 يوم الثلاثاء، في عيّنات من كورونا، أخذت ما بين 14 و16 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب "رويترز". وقام علماء من جنوب أفريقيا يوم الأربعاء الماضي، بترتيب المزيد من الجينوم، وأبلغوا الحكومة بأنهم قلقون من هذا المتحوّر. ثم طلبوا من منظمة الصحة العالمية أن تعقد مجموعة العمل الفنية الخاصة بها بشأن تطور الفيروس يوم الجمعة.
أين كانت بداية ظهور المتحوّر؟
أعلنت جنوب أفريقيا بداية عن تسجيل 100 حالة من المتحوّر الجديد، ومعظمها سُجّل في المقاطعة الأكثر اكتظاظًا بالسكان وهي غوتنغ. لكن علماء جنوب أفريقيا قالوا إن العلامات المبكرة من مختبرات التشخيص، تشير إلى أنه انتشر بسرعة في غوتنغ، وربما يكون موجودًا بالفعل في 8 مقاطعات أخرى في البلاد.
وتضاعف معدل الإصابة اليومي في البلاد بدءًا من يوم الخميس ليصل إلى 2465. ورغم أن المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب أفريقيا لم يرجع عودة الظهور إلى المتحوّر الجديد، لكن العلماء يشتبهون في أن هذا هو السبب. بدوره، يرجّح وزير الصحة الجنوب أفريقي جو فاهلا، أن يكون المتحوّر الجديد هو السبب في "الارتفاع التصاعدي" لإصابات كوفيد-19 في الأسابيع الأخيرة في جنوب أفريقيا، البلد الأفريقي الأكثر تضرراً من الوباء في القارة الأفريقية. ويضيف فاهلا أنّ ظهور المتحوّر "يعزز حقيقة أنّ هذا العدو غير المرئي الذي نتعامل معه غير قابل للتوقع"
أين رُصدت أولى الإصابات بعيدًا عن جنوب أفريقيا؟
- 4 حالات اكتشفت في بوتسوانا، جميعها لأجانب وصلوا في بعثة دبلوماسية وغادروا البلاد منذ ذلك الحين.
- هونغ كونغ سجلت حالة واحدة، لمسافر من جنوب أفريقيا
- وإسرائيل حالة واحدة لمسافر عائد من ملاوي
- رصد إصابة في بلجيكا
كيف يختلف "بي.1.1. 529" عن متحوّر دلتا وماذا يقلق العلماء بشأنه؟
على عكس دلتا، المتحوّر الأكثر عدوى قبل اكتشاف الآتي من جنوب أفريقيا، فإنّ متحوّر "بي 1.1.529" لديه طفرة تعرف باسم تسرّب الجين "أس".
وجميع الفيروسات، بما في ذلك "سارس كوفيد-19"، الفيروس المسبب لجائحة كوفيد-19، تتحوّر مع مرور الوقت. ومعظم هذه التحوّرات لها تأثير ضئيل أو معدوم على خصائصها. ومع ذلك، قد تؤثر بعض التحوّرات على العدوى لتصبح أشدّ وأكثر انتشارًا، أو على عوارضها أو على أداء اللقاحات ضدّها. ويقول مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة إن هذا النوع خضع للتدقيق، لأنه يحتوي على أكثر من 30 طفرة من البروتين الشائك الذي تستخدمه الفيروسات للوصول إلى الخلايا البشرية. وهذا الرقم يعتبر ضعف ما هو موجود حاليًا في متحوّر دلتا. ما يجعل المتحوّر الجديد "بي.1.1.529" مختلفًا بشكل كبير عن الفيروس التاجي الأصلي الذي تم تصميم لقاحات "كوفيد-19" الحالية لمواجهته.
كما يخشى علماء في جنوب أفريقيا من أنّ المتحوّر الجديد قد يكون لديه تأثير سلبي أكبر على جهاز المناعة. وتقول الطبيبة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين بوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، لراديو "بي بي سي"، إن "بعض هذه الطفرات لم تُشاهد من قبل، ولذلك من غير المعروف كيف ستتفاعل، مما يجعلها البديل الأكثر تعقيدًا الذي شوهد حتى الآن".
وصرّح المتخصص في علم الفيروسات توليو دي أوليفيرا في مؤتمر صحافي: "للأسف، اكتشفنا متحوّراً جديداً مثيراً للقلق. وبحسب ما يمكن ملاحظته، فإنّ لدى هذا المتحوّر القدرة على الانتشار بسرعة كبيرة". من جهته، أفاد البروفسور ريتشارد ليسيلز بأنّ "ما يقلقنا هو أنّ هذا المتحوّر قد لا يكون قادراً على الانتقال بشكل أسرع فحسب، بل قد يتمكّن من إتلاف أجزاء من جهاز المناعة لدينا".
ماذا عن أعراض "بي 1.1. 529 "؟
حتى اللحظة لم يعلن عن تغيير في الأعراض، وقالت جنوب أفريقيا إنه لم يتم الإبلاغ عن أي أعراض غير عادية بعد الإصابة بالمتحوّر الجديد "بي 1.1. 529". وكما هو الحال مع المتحوّرات الأخرى، فإن بعض الأفراد لا يعانون من أي أعراض.
ماذا قالت منظمة الصحة العالمية؟
ومع مسارعة الدول إلى إعلان حظر السفر من دول أفريقية بسبب المتحوّر الجديد، أفادت منظمة الصحة العالمية بأنّها لا تنصح بفرض قيود على السفر بسبب المتحوّر الجديد في غياب الفهم المحدّد لمستوى انتقاله وشدّة عدواه. وأعلن المتحدث باسمها كريستيان ليندماير أنّ فهم مستوى انتقال المتحوّر الجديد من الفيروس الذي رُصد في جنوب أفريقيا وشدّته يحتاج إلى "أسابيع عدّة" . وأضاف ليندماير: "اسمحوا لي بتكرار موقفنا الرسمي: منظمة الصحة العالمية توصي الدول بالاستمرار باعتماد نهج علمي يستند إلى المخاطر (...) في المرحلة الراهنة، نكرر مرّة جديدة أنّنا لا ننصح بفرض قيود على السفر". أمّا المبعوث الخاص للمنظمة بشأن كوفيد-19 ديفيد نابارو فرأى أنّه "من الصواب القلق" بشأن تفشّي متحوّر جديد من الفيروس في جنوب أفريقيا. وفي حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي"، أعاد نابارو ذلك إلى أنّه "بحسب ما يبدو، سوف تكون للفيروس قدرة أكبر على الإفلات من الدفاعات التي بنتها أجسادنا نتيجة اللقاحات التي تلقّيناها منذ بداية هذا العام".
كما قالت المديرة الفنية لمنظمة الصحة العالمية بشأن"كوفيد-19"، ماريا فان كيركوف، الخميس، إن "العمل سيستغرق بضعة أسابيع. في غضون ذلك، تظل اللقاحات أداة مهمة لاحتواء الفيروس".
دول تحظر السفر من وإلى دول أفريقية
-
فرضت إيطاليا، اليوم الجمعة، حظر دخول القادمين من جنوب أفريقيا وليسوتو وبوتسوانا وزيمبابوي وموزمبيق وناميبيا وإسواتيني.
- أعلنت إسرائيل، منع مواطنيها من السفر لجنوب أفريقيا وحظر دخول الأجانب القادمين من المنطقة.
- أعلنت بريطانيا حظر رحلات الطيران من جنوب أفريقيا وبوتسوانا وزيمبابوي وليسوتو وإيسواتيني.
- سنغافورة ستقيد أيضا رحلات الوصول القادمة من جنوب أفريقيا والدول المجاورة في محاولة لإبعاد السلالة المتحورة عنها.
- أعلنت ماليزيا المجاورة تدبيرا مماثلا.
- أعلنت برلين أنّ شركات الطيران لن يُسمح لها بنقل أي أفراد من جنوب أفريقيا إلا الألمان.
- أعلنت فرنسا تعليقا فوريا للرحلات الآتية من سبع دول في جنوب القارة الأفريقية، بينها جنوب أفريقيا.
- أعلن المغرب حظر دخول المسافرين القادمين من جنوب أفريقيا.
