مبتورو الأطراف في غزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية

29 ابريل 2025
معاناة مبتوري الأطراف في غزة مع استمرار الحصار والإبادة الإسرائيلية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني قطاع غزة من تزايد حالات بتر الأطراف، خاصة بين الأطفال والنساء، بسبب نقص المعدات الطبية نتيجة الحصار الإسرائيلي، حيث سجلت 4700 حالة بتر منذ بداية الحرب.
- يواجه مركز الأطراف الصناعية في غزة نقصاً في المواد الخام، مما يعيق تقديم الخدمات للمصابين، رغم تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب.
- تفاقمت الأوضاع الإنسانية في غزة مع إغلاق إسرائيل للمعابر ومنع المساعدات، واستمرار الحرب التي خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح، وسط مطالبات بوقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية.

في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة والمدمرة على غزة منذ أكثر من عام ونصف، تزداد أعداد ومعاناة وآلام مبتوري الأطراف، معظمهم من الأطفال والنساء، لا سيما مع نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية بسبب استمرار الحصار الخانق على القطاع. ومن بين هؤلاء الفلسطيني رائد أبو الكاس، الذي يجلس داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، بانتظار دوره في تلقّي خدمة العلاج الطبيعي والتأهيل الجسدي لاستخدام الطرف الصناعي، بعد أن بُترت قدمه في قصف إسرائيلي أثناء ممارسة عمله في تشغيل آبار المياه.

الصورة
معاناة مبتوري الأطراف في غزة تتفاقم، 29 أبريل 2025 (الأناضول)
معاناة مبتوري الأطراف في غزة تتفاقم، 29 إبريل 2025 (الأناضول)

وتجسّد قصة أبو الكاس، أحد موظفي بلدية غزة، حجم المأساة الإنسانية التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية، فقد بُترت قدمه اليمنى واستشهد اثنان من زملائه. وبينما كان يحاول الجيران وأبناؤه إسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقتهم الطائرات من جديد، فقتل أحد أبنائه وأصيب الآخر بإصابات بليغة أدت إلى بتر قدمه لاحقاً.

يسترجع رائد ذكريات ذلك اليوم بصوت يختنق بالألم: "كنت أفتح محابس المياه للمواطنين، وكنت أظن أن عملي في خدمة الناس سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزّل، بُترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وتعرض محمود لإصابة غيّرت حياته للأبد".

أما محمود، الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً في صفوف ناشئي نادي الشجاعية، فيروي قصته بصوت حزين: "كنت ألعب كرة القدم يومياً، كان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمّر حلمي وبتر قدمي". وأضاف: "الآن أجلس على كرسي متحرك وأحلم فقط بأن أركب طرفاً صناعياً متطوراً يساعدني على الوقوف مرة أخرى، حتى أُعين والدي الذي بُترت قدمه".

الصورة
معاناة مبتوري الأطراف في غزة تتفاقم، 29 أبريل 2025 (الأناضول)
نقص حاد في المعدات والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية في غزة، 29 إبريل 2025 (الأناضول)

خلال الأشهر الماضية، خضع رائد ومحمود لعدد كبير من العمليات الجراحية داخل مستشفى المعمداني، في ظل ظروف طبية صعبة ونقص حاد في الإمكانات، ورُكّبت أطراف صناعية لهما عبر مركز الأطراف الصناعية، إلا أن نقص المعدات والكوادر الفنية يؤثر في عمل المركز. 

اليوم، يقضي الأب والابن ساعات عدة يومياً داخل مركز الأطراف، يتدربان فيها على استخدام أطرافهما الصناعية، ويتلقّيان جلسات التأهيل والتدريب، ووسط هذه الرحلة الشاقة، يحدوهما حلم واحد: السفر إلى الخارج لتركيب أطراف صناعية متطورة تمكّنهما من استعادة جزء من حياتهما الطبيعية. وبهذا الخصوص، قال رائد، وهو ينظر إلى نجله محمود بعينين حزينتين: "لم يتبق لي من أبنائي إلا محمود، وزوجتي التي تتحمل العبء الأكبر في رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافاً خفيفة نتمكّن من خلالها من أن نساعد بعضنا البعض ونعيش بكرامة". يقاطعه محمود قائلاً: "أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجدداً، أن أعود للعب الكرة ولو بشكل بسيط مع أصدقائي (..)، الاحتلال دمّر أحلامي، لكن لم يدمر إيماني بأننا سنعود للحياة".

تزايد أعداد مبتوري الأطراف في غزة

ويشهد قطاع غزة تصاعداً كبيراً في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة الإبادة الإسرائيلية المدمرة المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول المستلزمات الأساسية، فقد سُجّلت 4700 حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية، ضمن قوائم برنامج "صحتي"، الذي تنفّذه وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة، في محافظات القطاع كافة، وفق مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز حسني مهنا.

الصورة
معاناة مبتوري الأطراف في غزة تتفاقم، 29 أبريل 2025 (الأناضول)
كان يحلم محمود بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً، 29 إبريل 2025 (الأناضول)

وشدد مهنا على أنّ تضاعف أعداد حالات البتر المسجلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية ناتج عن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين. وقال: "إنّ مركز الأطراف الصناعية استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بدء العدوان الإسرائيلي، وتُجرى متابعتهم دورياً عبر الاختصاصيين والطواقم الفنّية". وأضاف أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما سلّم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين. وأشار إلى تزايد "الطلب على خدمات المركز يومياً". كذلك حذّر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات على نحو كارثي، خاصة أن 48 بالمائة من حالات البتر الجديدة هي لسيدات، و20 بالمائة لأطفال، ما يُفاقم الأوضاع الإنسانية على نحو خطير.

نقص حاد في خامات تصنيع الأطراف الصناعية في غزة

وأشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة إلى أن المركز يُعاني من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى حاجة ماسّة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، ما يُعيق تقديم الخدمات بفعالية للمصابين. وبيّن مهنا أن الطواقم العاملة في المركز، والتي تعمل تحت ضغط شديد وبإمكانات محدودة، تُكافح يومياً لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين، مع الحاجة إلى مضاعفة الكوادر البشرية لمواكبة هذه الزيادة الكبيرة. وتخضع حالياً 320 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، إذ تُقدّم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها، بحسب مهنا.

وفي مطلع مارس/ آذار الماضي، صعَّدت إسرائيل من جرائمها باتخاذ قرار تعسفي بإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل. وفي 18 مارس الماضي، تنصلّت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وتسبّب تنصل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى "حماس"، إذ تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية كافة من قطاع غزة الذي يتعرّض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحرب إبادة جماعية، خلّفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

(الأناضول)

ذات صلة

الصورة
كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، 20 مايو 2025 (جون ثيس/فرانس برس)

سياسة

يتجه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة فرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتماعهم في بروكسل وإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
الصورة
يائير غولان خلال تظاهرة في تل أبيب، 22 مارس 2025 (إيال وارشافسكي/Getty)

سياسة

قال رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يئير غولان، اليوم الثلاثاء، بشأن حرب الإبادة على قطاع غزة إن "دولة عاقلة لا تقتل الأطفال هواية".
الصورة
معبر رفح في 15 فبراير 2025 (علي مصطفى/Getty)

سياسة

نظّم وفد إيطالي رفيع المستوى، اليوم الأحد، وقفة تضامنية أمام معبر رفح البري، دعمًا لأهالي قطاع غزة، ومطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع.
الصورة

سياسة

تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص، اليوم الأحد، في لاهاي احتجاجًا على سياسة الحكومة الهولندية إزاء إسرائيل والحرب في غزة، في أكبر تجمّع في البلد منذ 20 عامًا.
المساهمون