ما هي قصة المتحوّر الهندي؟

ما هي قصة المتحوّر الهندي؟

27 ابريل 2021
يقفون في الصف للحصول على اللقاح (اندرانيل موخيرجي/فرانس برس)
+ الخط -

ما تشهده الهند من تفشٍّ كبير لفيروس كورونا، دفع العلماء إلى التوقف عند المتحوّر الهندي سريع العدوى، بالإضافة إلى دور القيادة السياسية والمسؤولين في قطاع الصحة الذين أوهموا المواطنين بأن البلاد قد هزمت الفيروس حقاً، عدا عن النظام الصحي الهش، وغياب المعدات الطبية الأساسية.
وكان مدير مستشفى "نيرامايا" في مومباي، أميت ثاداني، قد قال لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إنه أعطى تحذيرات بشأن الموجة الثانية الفتاكة في فبراير/شباط الماضي، "لكن تم تجاهلها". ويؤكد أن المستشفى، حيث يعمل، امتلأ بالكامل، وقد نفد الأكسجين منذ عشرة أيام.
وعلى الرغم من أنه لا يُعرف الكثير عن المتحوّر الهندي حتى الآن، إلا أن بعض العلماء يقولون إنّ البيانات التي في حوزتهم تشير إلى أن المتحوّر الهندي ذا الطفرتين، والذي اكتشف لأول مرة في الهند في عينة تم جمعها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكثر عدوى من الفيروس الأصلي الذي انتشر بسرعة في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك ولاية ماهاراشترا، حيث العاصمة المالية مومباي.
ويقول الرئيس السابق لقسم علم الأوبئة والأمراض المعدية في المجلس الهندي للأبحاث الطبية، لاليت كانط: "لم نكن نتوقع إصابة عدد كبير من الأشخاص بالعدوى، بالإضافة إلى عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية صحية".
كانت متحوّرات الفيروس سبباً أساسياً لزيادة أعداد الإصابات بكورونا في أماكن أخرى حول العالم، على سبيل المثال في بريطانيا أواخر العام الماضي. لكن حجم التفشي الذي شهدته الهند خلال الأيام الماضية يعد أسرع بكثير مما كان عليه خلال الموجة السابقة في البلاد، وأسرع من الزيادات التي شهدتها بلدان أخرى.

ويشير العلماء إلى أنّ الهند كانت مهيأة لموجة أخرى، بعدما توقف المواطنون عن التقيد بإجراءات الوقاية كوضع الكمامة والتباعد الاجتماعي. كما سمحت الحكومة بإقامة تجمعات سياسية ضخمة ومهرجانات دينية. في هذا الإطار، يقول الأستاذ المتقاعد في علم الفيروسات في كلية الطب المسيحية فيلور (جنوب الهند)، تي جاكوب جون: "تلقت الهند ضربة مزدوجة. تركنا حذرنا عندما كانت المتغيرات تنتشر".
وللمتحور الهندي طفرتان مشابهتان لتلك التي تظهر بشكل منفصل في المتحورات الأخرى. في الأخيرة، ترتبط طفرة واحدة بجعل الفيروس أكثر عدوى وأفضل في مقاومة الأجسام المضادة، في حين أن الأولى تشبه تلك التي أظهرت علامات على قدرتها على تجنب بعض استجابات الجسم المناعية.
في ولاية ماهاراشترا التي تضررت بشدة، أصبح المتحوّر الهندي ذو الطفرتين هو الأكثر انتشاراً، بحسب مدير معهد CSIR لعلم الجينوم والبيولوجيا التكاملية، أنوراغ أغراوال. وفي العينات التي تم جمعها في الولاية من يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار الماضي، تبين وجود أكثر من 60 في المائة من المتحوّر ذي الطفرتين من كورونا، وفقاً لدراسة أجراها المعهد الوطني لعلم الفيروسات في مدينة بيون الهندية.
إلى ذلك، يجزم أستاذ علم المناعة في "إمبريال كوليدج" في لندن، داني ألتمان، استناداً إلى تقرير نشرته صحيفة "الغارديان"، بأنه يمكن للمتحوّر الهندي أن يرقى إلى "نوع آخر مثير للقلق" قريباً. وجهة النظر هذه لا يتبناها جيفري باريت من معهد "ويلكوم سانغر" (أحد مراكز الأبحاث الرائدة في العالم والمتخصصة في علوم الجينوم)، إذ يرى أن المتحوّر الهندي قد لا يكون ذا إشكالية كبيرة، على غرار المتحوّرات الأخرى المثيرة للقلق، كالتي اكتشفت لأول مرة في جنوب أفريقيا والبرازيل. يضيف أن "المتحوّر كان موجوداً وبمستويات منخفضة في الهند على مدى أشهر، كما ظهر في أماكن أخرى، الأمر الذي يشير إلى أنه قد لا يكون قابلاً للانتشار مثل المتحوّر البريطاني".

إلى ذلك، ومع احتمال استمرار الإمداد العالمي باللقاحات حتى نهاية هذا العام، فإن المطلوب الآن، بحسب صحيفة "الغارديان"، قيادة دولية والاعتراف بأن الفيروس قد يزداد سوءاً، بهدف الخروج من الأزمة التي تشهدها الهند. وترى الصحيفة أن التفكير السحري الذي أبدته حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والتي زعمت بأن الوباء كان في نهايته في مارس/آذار الماضي، في حين كانت البلاد تتجه نحو موجة ثانية من العدوى، لم يكن مختلفاً كثيراً عن أخطاء القادة الآخرين، بما في ذلك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي اعتقد أن الفيروس سيختفي ببساطة.
الأمر المختلف في الهند - الدولة ذات النظام الصحي الهش وحتى المراقبة الضعيفة- هو الاحتمال الهائل للضرر محلياً وعالمياً، وربما على نطاق لم نشهده بعد.

المساهمون