ماذا ستفعل المكسيك إذا حاول ترامب ترحيل غير المكسيكيين جماعياً عبر الحدود؟

17 يناير 2025
إغلاق نفق هجرة عند الحدود الأميركية مع المكسيك، 16 يناير 2025 (هيريكا مارتينيز/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ترحب المكسيك بعودة مواطنيها المرحلين من الولايات المتحدة وتتعهد بمساعدتهم، بينما تظل قضية استقبال المهاجرين غير المكسيكيين غير واضحة، مع توقع ضغوط من ترامب لاستقبالهم.
- ليست المكسيك ملزمة قانونياً باستقبال غير المكسيكيين، لكنها قد ترضخ لضغوط ترامب الاقتصادية. في الماضي، استقبلت المكسيك مهاجرين من دول ناطقة بالإسبانية وهايتي، وتستمر في استقبال مهاجرين من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا.
- يراقب آلاف المهاجرين في المكسيك الوضع، حيث يواجهون تعزيز الإجراءات المكسيكية وسياسات بايدن الصارمة، مع رغبتهم في الوصول إلى الولايات المتحدة رغم الصعوبات.

في وقت تعبّر المكسيك عن ترحيبها بعودة مواطنيها في حال ترحيلهم من الولايات المتحدة الأميركية، بعد تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إدارة البلاد، فإنّ السؤال يُطرح حول كيفية تعاطيها مع المهاجرين غير المكسيكيين الذين قد يُرحَّلون عبر الحدود معها. وكانت سلطات المكسيك قد تعهّدت، في أكثر من مرّة، باستقبال المواطنين إذا نفّذت إدارة ترامب تهديداتها الخاصة بعمليات ترحيل واسعة النطاق. وشدّدت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم على أنّ "هذا التزامنا"، وشرحت خطة بلادها لتعزيز مساعدة ملايين المكسيكيين الذين يواجهون الترحيل المحتمل من الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك لزيادة المساعدات المخصّصة للذين سوف يُجبرون على العودة إلى البلاد.

وأشارت صحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية إلى أنّ الأمر الأقلّ وضوحاً والأكثر إشكالية، في هذا الإطار، هو كيفيّة ردّ المسؤولين في المكسيك إذا ضغط الرئيس الأميركي المنتخب عليهم، مثلما هو متوقّع، لاستقبال المرحّلين من دول أخرى كذلك، وهم إمّا طالبو لجوء أُعيدوا فوراً من الحدود وإمّا مهاجرون يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية. ورأت الكاتبة والخبيرة في قضايا الهجرة يونيس ريندون أنّ "هذه سوف تكون إحدى أولى القضايا الملحّة التي تواجه المكسيك". أضافت أنّ "دونالد ترامب سوف يرغب في إرسال أشخاص ليسوا مكسيكيين إلى المكسيك، خصوصاً من دول مثل فنزويلا، التي لا علاقات دبلوماسية لها مع الولايات المتحدة الأميركية".

تجدر الإشارة إلى أنّ المكسيك ليست ملزمة قانوناً باستقبال غير المكسيكيين، وإن سافر كثيرون منهم عبر المكسيك لبلوغ أراضي الولايات المتحدة الأميركية. لكنّها في الماضي رضخت، في ظلّ تهديدات بفرض رسوم عليها من الممكن أن تؤدّي إلى شلّ اقتصادها. ويتوعّد ترامب مجدّدا بفرض رسوم ضخمة ما لم ترضخ المكسيك، التي ترسل أكثر من 80% من صادراتها إلى شمال الحدود، لمطالبه. وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، صرّحت رئيسة المكسيك بأنّ حكومتها تفضّل أن ترسل واشنطن غير المكسيكيين مباشرة إلى أوطانهم الأصلية، لكنّها أشارت أخيراً إلى أنّ مكسيكو ربّما تتعاون مع واشنطن بشأن استقبال مواطني دول أخرى.

الصورة
مهاجرون في المكسيك يستعدون للعبور إلى الولايات المتحدة الأميركية - 15 يناير 2025 (خوسيه توريس/ الأناضول)
مهاجرون في المكسيك يستعدون للعبور إلى الولايات المتحدة الأميركية، 15 يناير 2025 (خوسيه توريس/ الأناضول)

ويتردّد أنّ إدارة ترامب، التي تتسلّم مهامها بدءاً من 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، تدرس إعادة إحياء اثنَين من برامجها المثيرة للجدال، "ريمان في المكسيك" و"تايتل 42"، اللذَين أعادا إلى المكسيك عشرات الآلاف من طالبي اللجوء غير المكسيكيين، بعد احتجازهم عند الحدود الجنوبية الغربية. ووفقاً لبرنامج "ريمان في المكسيك"، تأتي إعادة هؤلاء في انتظار مثولهم أمام المحاكم الأميركية. أمّا وفقاً لبرنامج "تايتل 42"، فإنّ أحد تدابير الصحة العامة التي اتُّخذت خلال جائحة كورونا كان ينصّ على إعادة المهاجرين فوراً إلى المكسيك من دون تحديد مواعيد لمثولهم أمام المحاكم. وقد وقع كثيرون من طالبي اللجوء الذين أعادتهم واشنطن إلى المكسيك ضحية للجرائم، وصاروا كذلك عبئاً على المدن والبلدات المكسيكية التي تؤويهم. يُذكر أنّ إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن كانت قد أنهت العمل بالبرنامجَين المشار إليهما.

خلال إدارة ترامب الأولى (2017-2021)، وافقت المكسيك على استقبال المرحّلين من غير مواطنيها، وكانوا خصوصاً من الناطقين باللغة الإسبانية من وسط وجنوب أميركا وكوبا بالإضافة إلى مواطني هايتي. وقالت شينباوم، في وقت سابق من هذا الشهر، إنّ في استطاعة المسؤولين المكسيكيين أن "يتعاونوا من خلال آليات مختلفة" مع نظرائهم في الولايات المتحدة الأميركية. لكنّ الرئيسة المكسيكية لم توضح، لا هي ولا ممثّلوها، ما هي الشروط التي سوف تقرّ، فيما أشار المحللون إلى أنّهم سوف يسعون بلا شكّ إلى تحديد أعداد المرحّلين وجنسياتهم.

وكانت المكسيك قد وافقت، بعدما أنهى بايدن برنامج "تايتل 42"، على استقبال ما يصل إلى 30 ألف مهاجر شهرياً من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا، وهي الدول التي تمثّل لأسباب سياسية وأخرى تحدياً على الترحيل المباشر من الولايات المتحدة الأميركية. وما زال هذا الاتفاق قيد التنفيذ. لكن بمجرّد تنصيب ترامب رسمياً رئيساً للبلاد، يوم الاثنين المقبل، يتوقّع الخبراء موجة من الأوامر التنفيذية بشأن الحدود الجنوبية الغربية وعمليات الترحيل "حجر الزاوية في حملة ترامب الانتخابية".

وبغضّ النظر عمّا سوف يحدث في يوم التنصيب، فإنّ آلاف المهاجرين في المكسيك المتّجهين إلى الولايات المتحدة الأميركية يراقبون الوضع عن كثب. وهؤلاء المهاجرون عالقون بين تعزيز الإجراءات المكسيكية (فالسلطات كانت قد أفادت بتسجيل احتجاز أكثر من مليون مهاجر في عام 2024، وهو ما يُعَدّ رقماً قياسياً، إذ أعادت كثيرين إلى جنوبي المكسيك) وبين سياسة إدارة بايدن التي أُقرّت في يونيو/ حزيران الماضي ورفعت المعيار القانوني لطلبات اللجوء ومنعت دخول المهاجرين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير نظامية.

ويبدو أنّ عدداً قليلاً من المهاجرين يرى في البقاء في المكسيك خياراً قابلاً للتحقّق. وتقول ديزي فيرنانديز (24 عاماً) من فنزويلا، واحدة من مئات المهاجرين الذين يقيمون في خارج محطة حافلات في مكسيكو سيتي، إنّ "من المهمّ بالنسبة إلينا الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية"، مشيرة إلى أنّ "الجميع يقول إنّ الأمر سوف يكون أكثر صعوبة بمجرّد تولّي ترامب الرئاسة". تضيف: "لدينا عدد كبير من الأصدقاء وأفراد العائلة في الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الراهن، الذين يقولون إنّ من الممكن العثور على وظيفة بسهولة، بمجرّد عبور الحدود. الحياة سوف تتغيّر على الفور للأفضل".

وتابعت الشابة الفنزويلية، التي تحدّثت مثل بقيّة المهاجرين عن الإساءات التي يرتكبها وكلاء الهجرة المكسيكيون والشرطة وكذلك المجرمون خلال اجتياز البلاد: "لا نريد البقاء في المكسيك في أيّ حال من الأحوال. هذا أمر لا يسرّنا". وأكملت فيرنانديز أنّ "ثمّة مشكلات كثيرة في المكسيك، ولا يتوفّر العمل. نحن نريد الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية، سواء أكان ترامب يرغب في ذلك أم لا". وتلفت إلى أنّه "في حال رحّلونا (الأميركيون) إلى المكسيك، سوف نستمرّ في محاولات العبور للوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية".

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون