مؤسسة دولية: جنود الاحتلال يتسببون بإعاقات دائمة للأطفال الفلسطينيين

مؤسسة دولية: جنود الاحتلال يتعمدون التسبّب بإعاقات دائمة للأطفال الفلسطينيين

28 نوفمبر 2020
الإحتلال يصيب الأطفال من مسافة قريبة وفي الأجزاء العليا من الجسد(سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، اليوم السبت، عن شهادات لأطفال تمّ استهدافهم من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، مؤكّدة أنّ جنود الاحتلال يتعمّدون التسبّب بإعاقات دائمة للأطفال الفلسطينيين.

بشار فقد عينه اليمنى

"كنت موجوداً بالقرب من المسجد الكبير للمخيم مع شقيقي الذي يكبرني بسنتين، كنّا في طريقنا للمنزل عائدين من المدرسة، ولاحظنا خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدخل المخيم، وأنّ عدداً من الجنود اعتلوا أسطح المنازل، فعرفنا أنهم سيقتحمون المخيم". قال الطفل بشار حمد (15 عاما)، من مخيم قلنديا شمال القدس، وهو يروي للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، تفاصيل إصابته بعيار معدني مغلّف بالمطاط في عينه اليمنى، ما أدّى لاستئصالها.

وأضاف الطفل بشار: "كان ذلك يوم الثلاثاء، 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عند الواحدة والربع بعد الظهر تقريباً. بدأ الجنود بإطلاق قنابل الصوت، وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل كثيف جداً، لدرجة أنني لم أعد أستطيع الرؤية، حتى شقيقي لم أعد أراه، ولم أكن أريد العودة للمنزل بدونه، فتوقّفت قرب المسجد للحظات، وعندها شعرت بشيء قوي جداً ضرب عيني اليمنى، فوضعت يدي عليها وإذا بالدماء تنزف بغزارة، فعرفت وقتها أنني أصبت، وشعرت بعدم توازن. بدأت بالصراخ عندها أنني أصبت، فحضر عدد من الشبّان وحملوني إلى المستشفى، لكنهم سلكوا طرقاً فرعية خوفاً من أن يقوم جنود الاحتلال بإعاقتنا".

نُقل الطفل إلى مجمع فلسطين الطبي، بمدينة رام الله، حيث أُجريت له إسعافات أولية قبل أن يتم تحويله إلى مركز طبي خاص بالعيون في المدينة، ومن ثم إلى المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله، ثم إلى مستشفى جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، وهناك أُدخل على الفور إلى غرفة العمليات.

وقال الطفل بشار: "صحوت في اليوم التالي، ليخبرني والدي الذي رافقني إلى المستشفى، بأنّني أصبت بعيار معدني مغلّف بالمطاط، أدّى إلى تضرّر عيني اليمنى بشكل كامل، لذلك تمّ استئصالها، إضافة إلى كسر فوق الحاجب الأيمن وتهتك في الجيوب وكدمات طفيفة".

"ما تعرّضت له صعب جداً، وصعب أكثر عليّ. أتمنى أن أستطيع التأقلم مع هذا التغيّر الذي حصل في حياتي، وأتمنى بأن يتقدم الطبّ في المستقبل لدرجة أن أتمكن من زراعة عين حقيقية أستطيع الرؤية فيها (...). سوف يزرعون عيناً تجميلية مكان عيني التي فقدتها، بعد استقرار وضعي الصحي بشكل كامل".

مالك فقد عينه اليسرى

أحداث إصابة مالك، شبيهة إلى حدّ ما بأحداث إصابة الطفل بشار، إذ فقد مالك عيسى ابن الثماني سنوات، عينه اليسرى، جرّاء إصابته بعيار "إسفنجي" في الخامس عشر من فبراير/ شباط 2020، أثناء عودته من المدرسة في قريته العيسوية، بالقدس المحتلة.

وقال والد الطفل للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال: "نزل مالك من حافلة المدرسة حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، وتوجّه إلى بقالة قريبة لشراء بعض التسالي، وعند خروجه من البقالة واجتيازه الشارع باتجاه المنزل وسط القرية، الذي لا يبعد كثيراً عن البقالة، ودون أي سابق إنذار أو أيّ سبب، أُصيب بعيار إسفنجي بين عينيه، أطلقه أحد جنود الاحتلال الذين كانوا في الحيّ وقتها، بهدف اعتقال شاب".

وأضاف: "إنّ عدداً من الشبّان نقلوا طفلي بواسطة سيارة خاصة إلى مستشفى هداسا العيسوية، ومن ثم جرى تحويله إلى مستشفى هداسا عين كارم".

وأوضح الوالد أنّ طفله خضع لعمليتين جراحيتين، الأولى كانت لإيقاف النزيف الذي تسبّبت به الإصابة، والثانية لترميم منطقة الكسور في الجمجمة. وأضاف أنّه تم استئصال العين اليسرى لطفله لأنها تضرّرت بشكل كامل، وأنّ الأطباء حاولوا إنقاذها ولكن بسبب وجود جرح خلفها، كان يجب أن استئصالها لمعالجته، خوفاً من أيّ تبعات صحية سلبية على الطفل.

شهود العيان الذين قابلتهم الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أكّدوا أنّ جنود الاحتلال كانوا في المنطقة بهدف اعتقال شاب، وأنه لم تكن هناك أي مواجهات لحظة إصابة الطفل مالك. كما أكّدوا أنّ أحد جنود وحدة "اليسام" الاحتلالية الخاصة، أطلق النار على الطفل من مسافة تقدّر بـ15 إلى 20 مترا فقط.

أمير ... العيش مع بقايا رصاصة

"بعد أن خرج أمير من غرفة التصوير بالأشعة، لاحظت عدم رضى الأطباء عن وضعه الصحي،  فأدركت أنّ إصابته ليست سهلة، وهذا ما أكدّه لي لاحقاً أحد الأطباء"، قال عم الطفل أمير في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.

والطفل أمير جودة (15 عاما) من بلدة حزما، بمحافظة القدس المحتلة، أُصيب في الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بعيار ناري حيّ في رأسه، أطلقه جنود الاحتلال الإسرائيلي من مسافة تراوحت بين 150 و200 متر، أثناء لعبه مع عدد من أقرانه قرب المقبرة، حسب شهود عيان.

وقال عم الطفل: "الإصابة كانت في الرأس، فوق الأذن اليسرى تحديداً، وقد استمرّت عمليته حوالي ساعتين، تمّ خلالها استخراج شظايا الرصاصة التي انفجرت عند الإصابة، وترميم المنطقة المصابة، وإزالة جزء من عظام الجمجمة بهدف الترميم على أنّ يتم إعادتها بعد حوالي 6 أشهر، بعد أن يستقرّ وضع الطفل الصحي".

وأوضح أنّه لم يتم استخراج جميع شظايا الرصاصة، "فقد بقي جزء منها في رأس أمير لأنّ استخراجها يشكّل خطورة على حياته".

وقال: "إنّ الإصابة تركت أثرها على أمير، فهو الآن لا يستطيع تحريك الجزء الأيمن من جسده إلاّ بشكل بسيط جداً، وكذلك أثّرت على نطقه، وهو بحاجة إلى عدّة جلسات من العلاج الطبيعي".

محمد اشتيوي ...عيار "مطاطي" اخترق جمجمته وأقعده 

ما زال الطفل محمد اشتيوي (15 عاما)، من قرية كفر قدوم بمحافظة قلقيلية، يخضع للعلاج، ولا يقدر على الحركة وحده نهائياً، بسبب إصابته بعيار معدني مغلّف بالمطاط في الجهة اليمنى من رأسه اخترق جمجمته، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي اندلعت في القرية، في الثلاثين من شهر يناير/ كانون الثاني 2020.

شاهد عيان روى للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أنّ جنود الاحتلال لاحقوا الشبان والأطفال ذلك اليوم وأطلقوا صوبهم قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المعدني المغلّف بالمطاط.

وقال شاهد العيان: "اختبأ عدد من الأطفال ومن بينهم محمد اشتيوي، خلف الصخور حتى لا تصيبهم الأعيرة، فاقترب ثلاثة جنود منهم حتى مسافة 20 متراً تقريباً، وعندما حاول محمد الفرار من المكان، أطلق عندها عليه أحدهم النار فسقط فوراً على الأرض".

وأضاف: "توجّهت نحوه على الفور. كان ملقى على وجهه، صرخت عليه ليقف، ولكنه لم يستجب، فقلبته على ظهره وإذ بالدماء تنزف من الجهة اليمنى من رأسه، وكان لا يتحرّك نهائياً. حملته عندها بمساعدة بعض الشبان الذين حضروا إلى المكان، ونقلناه في سيارة خاصة، وسط إطلاق النار علينا من قبل جنود الاحتلال".

سيارة إسعاف فلسطينية استلمت الطفل على طريق قلقيلية، نابلس، ونقلته إلى مستشفى رفيديا بمدينة نابلس، وهناك تمّ إدخاله لغرفة العمليات من أجل إيقاف النزيف، ومن ثم جرى تحويله إلى مستشفى داخل أراضي عام 1948، بسبب خطورة وضعه الصحي، حيث استقرّ العيار المعدني المغلف بالمطاط في جمجمته، وفق ما رواه الأهل.

ويضيف الأهل، أنّ طفلهم الآن لا يستطيع التحرّك وحده، فهو يتنقّل بواسطة كرسي متحرّك، وبمساعدتهم، وأوضحوا أنّ الإصابة أثّرت على الجهة اليسرى من جسده، وقد خضع لعملية جراحية أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لإزالة سائل من الدماغ، ومن المقرّر أن يخضع لعملية جراحية أخرى، من أجل إزالة عظم من القدم اليمنى ووضعه في رأسه، بهدف الترميم.

وأكّدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أنّ جنود الاحتلال الإسرائيلي يتعمّدون استهداف الأطفال الفلسطينيين بالرصاص الحي، والمتفجّر، والمعدني المغلّف بالمطاط، من مسافة قريبة وفي الأجزاء العليا من الجسد، بهدف قتلهم أو التسبّب بإعاقات دائمة لهم، مستغلّين عدم مساءلتهم ومظلّة الحماية التي توفرّها لهم دولة الاحتلال.

ودعت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، على إدراج قوات الاحتلال الإسرائيلي على لائحة الجيوش والمجموعات المسلّحة المنتهكة لحقوق الأطفال، في تقريره السنوي حول الأطفال والصراعات المسلّحة، لارتكابها انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، خاصة عمليات قتلهم وتشويههم، لضمان تحقيق العدالة للأطفال الفلسطينيين، ومساءلة مرتكبي هذه الانتهاكات.

وعلى صعيد منفصل، حذّر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدري أبو بكر، في تصريح لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، اليوم السبت، من خطورة تفاقم الوضع الصحي لثلاثة أسرى مصابين بالسرطان، وهم: نضال أبو عاهور، وعماد أبو رموز، وعمر عرابي، محملاً سلطات الاحتلال مسؤولية سياسة الإهمال الطبي المتعمّد في سجونها.

وقال أبو بكر: "إنّ وضع الأسير أبو عاهور الصحي خطر، نتيجة معاناته من الفشل الكلوي الذي تفاقم إلى سرطان بالكلى، نتيجة الإهمال الطبي". وأشار  إلى أنّ معاناة الأسرى في سجون الاحتلال تزداد مع دخول فصل الشتاء، بسبب النقص في الأغطية والألبسة المسموح بإدخالها، إضافة إلى سوء التدفئة.

المساهمون