ليلى سويف في لندن.. 80 يوماً بلا طعام للإفراج عن علاء عبد الفتاح

18 ديسمبر 2024
ليلى سويف في اعتصامها اليومي بلندن، المملكة المتحدة، 18 ديسمبر 2024 (ربيع عيد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواصل ليلى سويف اعتصامها اليومي في لندن للمطالبة بالإفراج عن ابنها علاء عبد الفتاح، الذي انتهت محكوميته لكنه لا يزال معتقلاً في مصر، وتحظى قضيتها بتعاطف واسع.
- رغم تدهور حالتها الصحية بسبب إضرابها عن الطعام، تواصل نشاطها وتلقى دعماً من النواب البريطانيين، حيث طالب أكثر من مائة عضو في البرلمان بالإفراج عن علاء.
- تأمل ليلى في الإفراج عن ابنها وعودته لعائلته، خاصةً لحفيدها خالد، وتظل متفائلة بأن الجهود ستؤدي لنتيجة إيجابية.

على كرسيّ وطيء أمام وزارة الخارجية والتنمية البريطانية في لندن، جلست ليلى سويف في إطار اعتصامها الصباحي اليومي، مطالِبةً بالإفراج عن ابنها الناشط السياسي والكاتب المصري علاء عبد الفتاح (42 عاماً) الذي انتهت محكوميته لكنّه ما زال معتقلاً في سجون مصر. واليوم الأربعاء، بعد مرور 80 يوماً على الإضراب عن الطعام الذي أطلقته والدة علاء عبد الفتاح في القاهرة بعد انتهاء محكوميته في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تجمّع عدد من أصدقاء العائلة والناشطين حولها من أجل مؤازرتها في سعيها، هي التي قصدت لندن قبل أسابيع لحثّ الحكومة البريطانية على التحرّك والضغط على الحكومة المصرية من أجل الإفراج عن ابنها الذي يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب جنسيته المصرية.

يومياً، عند الساعة العاشرة صباحاً، تتوجّه الأستاذة الجامعية والمناضلة المصرية المعروفة ليلى سويف إلى النقطة الواقعة أمام مبنى وزارة الخارجية والتنمية البريطانية لتعتصم لمدّة ساعة من الوقت، وسط لافتات وصور علاء عبد الفتاح. واليوم، رفعت لافتة كتبت عليها "أن يكون علاء حرّاً هو كلّ ما أتمنّاه في عيد الميلاد"، وذلك قبل أسبوع واحد من عيد الميلاد. كذلك رفعت لافتة أخرى جاء فيها "ديفيد لامي أحضر علاء إلى المنزل"، في إشارة إلى وزير الخارجية البريطاني الذي التقته العائلة قبل شهر ووعدها بالعمل لإطلاق سراح أحد أبرز الناشطين في ثورة يناير (2011) في مصر.

الصورة
ليلى سويف ولافتة "أن يكون علاء حرّاً هو كلّ ما أتمنّاه في عيد الميلاد" - لندن - المملكة المتحدة - 18 ديسمبر 2024 (ربيع عيد)
ليلى سويف تحمل لافتة كتبت عليها "أن يكون علاء حرّاً هو كلّ ما أتمنّاه في عيد الميلاد"، لندن، المملكة المتحدة، 18 ديسمبر 2024 (ربيع عيد)

وتلفت ليلى سويف، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أنّ "التفاعل جيّد" مع اعتصامها وثمّة "تعاطفاً كبيراً سواء من قبل الإعلام أو أعضاء البرلمان أو المنظمات أو الناس والأصدقاء وأفراد الأسرة الموجودين هنا". وتؤكد: "ثمّة تفاعل واهتمام ومساندة للضغط على الحكومة (البريطانية) حتى تتحرّك"، في وقت تحتسي الشاي وهو كلّ ما تتناوله في إضرابها عن الطعام بالإضافة إلى محلول مضاد للتجفاف.

على الرغم من حركتها المتثاقلة، تلتقي ليلى سويف الصحافيين وتواصل نشاطها في خارج المنزل، ليس فقط في اعتصامها الصباحي اليوم إنّما في إطار نشاطات أخرى. على سبيل المثال، شاركت أمس الثلاثاء في وقفة مسائية، أمام تجمّع احتفالي خاص بعيد الميلاد، حضره وزير الخارجية ديفيد لامي. كذلك تخطّط للمشاركة مع داعمين لها، غداً الخميس، في وقفة أخرى تُنظَّم بالتزامن مع أمسية احتفالية خاصة بعيد الميلاد من المتوقّع أن يحضرها رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر.

وتطمئن ليلى سويف بأنّ "حتى الآن، لم أعانِ من أيّ مشكلات صحية دقيقة، لكنّني خسرت أكثر من 20 كيلوغراماً من وزني"، وتلفت إلى أنّ "عند فحص مستوى السكّر في الدم ومستوى ضغط الدم أجد أنّ السكّر منخفض فيما يتأرجح ضغطي. لكنّ لا حالة خطرة أو تهدّد بالخطر". وتقول: "أنا، شخصياً، أستغرب كيف صمد جسدي كلّ هذا الوقت"، وتبدو ممتنّة إذ إنّها "في هذه الحالة ولستُ منهارة ولا في أحد المستشفيات"، وذلك فيما تستعدّ للتوجّه إلى جلسة مجلس العموم البريطاني الأخيرة لهذا العام، التي يُسائل النواب فيها رئيس الحكومة. ولا تخفي سويف أنّ العائلة كانت تتمنّى أن يطرح أحد النواب سؤالاً بشأن قضية علاء عبد الفتاح المعتقل على خلفية تدوينة نشرها على موقع فيسبوك.

نواب في البرلمان البريطاني يتضامنون مع علاء عبد الفتاح

وكانت قضية ليلى سويف المتمثّلة بالإفراج عن ابنها علاء عبد الفتاح من سجون مصر قد حظيت في الأسابيع الأخيرة بأكبر تحرّك من قبل النواب البريطانيين في ظلّ حكومة حزب العمّال الجديدة. وقد وجّه أكثر من مائة عضو في البرلمان والنبلاء رسالة إلى وزير الخارجية أخيراً، عبّروا فيها عن انزعاجهم من استمرار اعتقال عبد الفتاح ودعوا إلى إطلاق سراحه.

وخلال وقفة صباح اليوم الأربعاء، حضرت النائب البريطانية كيم جونسون (عن حزب العمّال - دائرة ليفربول) وتحدّثت إلى ليلى سويف وأخبرتها بأنّها سوف تلجأ إلى خطوات معيّنة وتوجّه رسائل إلى حكومة بلادها بشأن الاستمرار في اعتقال علاء عبد الفتاح في سجون مصر على الرغم من انتهاء محكوميته. وفي وقت لاحق من هذا اليوم، نشرت جونسون تدوينة على موقع إكس، أفادت فيها بأنّ "ليلى في يومها الثمانين من الإضراب عن الطعام"، مشدّدةً على أنّ "الحاجة إلى إطلاق سراح علاء اليوم أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى".

وعند سؤال "العربي الجديد" ليلى سويف عن احتمال إطلاق "وعود جديدة" من قبل الحكومة البريطانية بخصوص التحرّك من أجل الضغط للإفراج عن علاء عبد الفتاح، تجيب بأنّ "ثمّة وعوداً تُطلَق في كلّ الأوقات، حتى خلال عهد الحكومة السابقة التي أعربت عن مساندتها وتعاطفها. لكنّنا في حاجة إلى نتائج". وتشدّد: "نحن في هذه الدوامة منذ سنوات، وأنا غير قادرة على الاستمرار طويلاً على هذه الحال، وفي حاجة إلى نتائج ملموسة". تضيف سويف أنّ "التعاطف والمساندة قائمان وأنا ممتنّة لجميع الناس على ذلك، لكنّنا نطلب النتائج من الحكومات"، وتؤكد "أنا وابني مواطنان مصريان وبريطانيان ولدينا حقوق عند الحكومتَين".

وكان من المفترض أن ينهي علاء عبد الفتاح فترة الحكم الصادر ضدّه بالسجن لمدّة خمس سنوات في 29 سبتمبر الماضي، إلا أنّ السلطات المصرية اختارت أن تحتسب فترة السجن ابتداءً من تاريخ التصديق على الحكم، أي في الثالث من يناير/ كانون الثاني من عام 2022، وليس منذ تاريخ إلقاء القبض عليه في 29 سبتمبر من عام 2019 بحسب ما تجري العادة. وهذا يعني أنّه يجب على عبد الفتاح أن يبقى في السجن حتى تاريخ الثالث من يناير من عام 2027.

تجدر الإشارة أنّ قضية علاء عبد الفتاح التي تحملها والدته ليلى سويف حظيت، بعد تمديد حبسه الأخير، باهتمام في داخل مصر. فأُصدرت بيانات عديدة تدعو إلى الإفراج عنه، حملت تواقيع مجموعة من المؤسسات مثل الجبهة المصرية لحقوق الإنسان التي عدّت اعتقاله انتهاكاً للمادة 482 من قانون الإجراءات الجنائية المصري. كذلك أصدرت عشرات الأحزاب والمبادرات والحركات السياسية والشخصيات المصرية بياناً مشتركاً، في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعت فيه النائب العام المصري إلى التدخّل مباشرة من أجل الإفراج عن عبد الفتاح إلى جانب الناشط المصري "محمد أكسجين" وتصحيح الخطأ الحاصل.

"أمل" رغم احتمالات الخاتمة المأساوية

في سياق متصل، وجّه "العربي الجديد" سؤالاً إلى وزارة الخارجية والتنمية البريطانية للاستفسار عمّا تقوم به حكومة حزب العمّال الجديدة من أجل إطلاق سراح علاء عبد الفتاح. فأجاب متحدّث باسم وزارة الخارجية والتنمية بأنّ "أولويتنا هي تأمين إطلاق سراح السيّد عبد الفتاح حتى يتمكّن من لمّ شمله مع عائلته. ونحن نواصل إثارة قضيّته مع أعلى مستويات الحكومة المصرية". أضاف: "لقد أثار وزير الخارجية قضيّة السيد عبد الفتاح مع وزير الخارجية (والهجرة) المصري بدر عبد العاطي في مناسبات عديدة، آخرها في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. كذلك أثارها وزير التنمية مع عبد العاطي في وقت سابق من هذا الشهر". يُذكر أنّ المتحدّث باسم وزارة الخارجية والتنمية لم يجب على سؤال لـ"العربي الجديد" بشأن تأثير صفقات السلاح بين الحكومتَين البريطانية والمصرية على إثارة قضية علاء عبد الفتاح.

وتأمل ليلى سويف بانتهاء هذا الفصل الطويل من سجن ابنها علاء عبد الفتاح بالإفراج عنه وعودته إلى حضن العائلة. وتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "خالد ابن علاء موجود هنا"، مشيرةً إلى أنّه "طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد تمكّنّا من تسجيله في مدرسة خاصة جيّدة جداً، وهو سعيد هنا بما يتعلّمه". تضيف سويف أنّ حفيدها "لا يستطيع أن يواجه أيّ نوع من أنواع عدم الاستقرار"، لافتةً إلى أنّ "الخاتمة التي أرغب فيها هي أن ينضمّ علاء إلى خالد وتنتهي القضيّة من دون صدمات". لكنّها لا تستطيع الامتناع عن التساؤل: "هل هذا ما سوف يكون؟ أنا في نهاية المطاف أستاذة رياضيات، ويجب عليّ أن أكون مدركة لكلّ الاحتمالات. وثمّة احتمال أن نصل إلى خاتمة مأساوية لا أتمنّاها، ليس لنفسي فأنا في نهاية المطاف.. عمري 68 عاماً، إنّما من أجل أولادي حتى لا يعيشوا الخاتمة المأساوية".

وقبل أن تنهض عن كرسيها الوطيء، تنهي ليلى سويف الرشفة الأخيرة من كوب الشاي، صباح هذا اليوم البارد في لندن، بعدما اقتلعت الريح عدداً من اللافتات وصور علاء عبد الفتاح المعلّقة على سور مبنى وزارة الخارجية والتنمية البريطانية. وتؤكد سويف أنّ "كلّ الاحتمالات مفتوحة، لكنّ ثمّة جزءاً في قلبي ينبئني بأنّ الخاتمة السعيدة سوف تكون أكبر".

المساهمون