ضوء ليزر وإلقاء حجارة على المستوطنين.. ذريعتا الاحتلال للانتقام من أهالي قرية المغير

11 ديسمبر 2024
قوات الاحتلال عند نقطة تفتيش بقرية المغير، 13 إبريل 2024 (جعفر أشتية/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حملة عسكرية وانتقامية: تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية على قرية المغير شمال شرق رام الله، مما أدى إلى اعتقال 30 فلسطينياً، معظمهم أطفال وطلاب، وتعرضهم للضرب والتنكيل، بالإضافة إلى اقتحام المنازل وتدمير الممتلكات.

- الضغط على المجلس القروي وأهالي القرية: بدأت الاقتحامات في نوفمبر، حيث احتل الجيش منزل نجل عضو المجلس القروي مرزوق أبو نعيم، محولاً إياه إلى مركز تحقيق، مما زاد من الضغوط على الأهالي.

- أهداف الاحتلال والمستوطنين: يهدف الاحتلال إلى السيطرة على أراضي القرية ومنع الفلسطينيين من الوصول إليها، وسط محاولات لكسر مقاومة القرية وزرع الخوف بين الأهالي.

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرين يوماً حملة عسكرية انتقامية بحق أهالي قرية المغير شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة؛ بذريعة ملاحقة فتية يوجّهون أضواء مؤشر الليزر أو يلقون الحجارة على الشارع الاستيطاني المسمى "شارع ألون" شرق القرية، وفق ما يدعيه ضباط وجنود الاحتلال، فيما يعتقد الأهالي أن هذه الإجراءات تهدف إلى كسر القرية ومحاولة السيطرة على أراضيها. وطاولت حملة قرية المغير اعتقال 30 فلسطينيا، بقي منهم تسعة في السجون، ليرتفع عدد معتقلي المغير إلى أكثر من 60، بالإضافة إلى التحقيق الميداني مع العشرات؛ واقتحامات منازل وتدمير ممتلكات. الـ9 المتبقون في سجون الاحتلال حسب ما يفيد المجلس القروي هم أطفال دون سن الـ18، وطلبة في المدارس، منهم عمر رباح (16 عاما) الذي اعتقله جيش الاحتلال الأسبوع الماضي بعد أن جرى اعتقال شقيقه رباح (17 عاما).

يقول والدهما رائد رباح، لـ"العربي الجديد"، إن ابنه رباح خرج من السجن بعد ثلاثة أيام، لكن بعد دفع كفالة نقدية بقيمة 1200 شيكل (335 دولارا)، لكن ابنه عمر بقي رهن الاعتقال والتحقيق في مركز تحقيق "المسكوبية". وصادر جيش الاحتلال من عائلة رباح ثلاثة أجهزة هاتف محمول، وأعطبوا باب المنزل مرتين في الاقتحامين لاعتقال الشقيقين، ومارسوا ضدهما الاعتداء بالضرب. ويوضح رباح أن نجليه تعرضا للضرب خلال الاعتقال، وبعد الإفراج عن الابن الأول تبين أنه كان يتعرض للضرب طيلة طريق نقله إلى سجن عوفر، ما تسبب بعودته دون حذائه، ولا الملابس التي كان اعتقل فيها، لأنها تمزقت بسبب الاعتداءات والضرب والتنكيل.

أهالي قرية المغير يدفعون الثمن

ذلك جزء من الثمن الذي تدفعه العائلات في قرية المغير لكنه ليس كل شيء، فالاقتحامات شبه اليومية على مدار الحملة العسكرية تسببت كذلك بضغوطات على الأهالي، من خلال العبث بمحتويات المنازل، وبعض الخسائر المادية، فضلا عن الترهيب خلال عمليات التحقيق الميداني. ويشير رئيس المجلس القروي أمين أبو عليا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن قوات الاحتلال تتعمد في كثير من الأحيان اقتحام القرية عبر مصفحات "بوز النمر" كبيرة الحجم نسبيا، والتي يكون مرورها عبر شوارع القرية الصغيرة يعني تخريب عدد من المركبات التي تقف في الطرقات، أو بوابات المخازن والمحال التجارية. وتنفّذ الاقتحامات، بحسب أبو عليا، بأوقات مختلفة. ففي بعض الأحيان فجرا وتستمر حتى العصر، ثم ينسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليعود مرة أخرى في ساعات المغرب ويتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل. ففي أيام يتم التركيز على الليل وأخرى على النهار، بحيث تبقى القرية بحالة تأهب وقلق.

محاولات للضغط على المجلس القروي 

وبدأت عمليات الاقتحام المتكررة والمتواصلة في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، باحتلال منزل نجل عضو المجلس القروي مرزوق أبو نعيم لثلاثة أيام، وتحويله إلى مقر القيادة الميدانية لقوات الاحتلال المقتحمة للقرية ومركز للتحقيق الميداني.

يقول أبو نعيم لـ"العربي الجديد"، إن الجنود أجبروا عائلة نجله وحيد المكونة من ابنه وزوجته وأربعة أطفال لمغادرته الساعة 12 فجرا والنزول إلى الطابق الأرضي حيث يقطن أبو نعيم، مع منع العائلة من الخروج من منزلها. وبعد ذلك شرع الجنود بوضع الأعلام الإسرائيلية الكبيرة ورايات تعود لجيش الاحتلال على المنزل. ويروي أبو نعيم حوارا مع ضابط الاحتلال طلب فيه الأخير منه بصفته عضوا في المجلس القروي جمع أهالي القرية، والحديث معهم لمنع الفتية من توجيه مؤشر الليزر أو إلقاء حجارة على الشارع ومركبات المستوطنين.

رفض أبو نعيم وأخبر الضابط أن دور المجلس خدماتي، وليس له علاقة بما يطلبه، وأن بإمكانه التواصل مع الارتباط الفلسطيني (إحدى القنوات الرسمية في الاتصال بين السلطة الفلسطينية والاحتلال)، فرفض الضباط وقالوا إنهم يريدون حل الأمر بشكل مباشر مع أهالي القرية، مدعين أنهم تواصلوا مع رئيس المجلس القروي والذي قال إنه خارج القرية ولا يستطيع القدوم إليها حينها.

سأل أبو نعيم الضباط عن اعتداءات المستوطنين، وتساءل عن سبب عدم وضع جيش الاحتلال حدا لها، فردوا بأن لا علاقة له بهذا الأمر، وكما يقول أبو نعيم اقتاد الجنود عشرة من أهالي القرية على الأقل إلى المنزل للتحقيق معهم بداخله، وبعد ثلاثة أيام غادر الجيش المنزل مخلفا فيه تخريبا كبيرا، عبر إخراج كل شيء من داخل خزائن وأدراج المنزل وتفتيشه بشكل كامل، فضلا عن الأوساخ وآثار الجنود التي تركوها، لكن الاقتحامات في القرية استمرت.

الهدف أكبر من مؤشر ليزر أو إلقاء حجارة

يؤكد أبو نعيم أن المستوطنين هم من يحرضون الجيش على مثل هذه الاعتداءات، من أجل استكمال أطماعهم بالسيطرة على أراضي القرية، فالأهالي وعلى مدار موسمي زيتون لم يتمكنوا من قطف ثمارهم في معظم أراضي القرية، بسبب إجراءات جيش الاحتلال واعتداءات المستوطنين، فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث يمنع عن أي فلسطيني الوصول إلى أرضه شرق "شارع ألون" الاستيطاني الذي يبعد عن المنطقة السكنية للقرية قرابة 500 متر، ما يعني منع الوصول إلى آلاف الدونمات، وحتى المساحات الصغيرة غرب الشارع أي داخل القرية يجد المزارعون صعوبة في الوصول إليها، بسبب اعتداءات المستوطنين.

يقول رئيس المجلس القروي، أمين أبو عليا، إن ألف دونم فقط، بما فيها مساحة المنطقة السكنية، هي المتاحة للأهالي، من أصل 42 ألف دونم هي الأراضي التابعة للقرية، قبل شن الحرب على غزة، كانت حوالي 5 آلاف دونم محظورة على الأهالي بحكم إقامة بؤرة استيطانية وسطها، لكن منذ الحرب توسع الحظر بحكم القوة لا القرارات الرسمية العسكرية بالمصادرة ليشمل جلّ الأراضي، وكلها تقع شرق الشارع الرئيسي، بما في ذلك تجمعات بدوية هجرت قسرا.

يحيط بقرية المغير أربع بؤر استيطانية من كافة الجهات، اثنتان منها أقيمتا العام الجاري، ويهدف الاحتلال والمستوطنون من كل هذا الضغط على القرية كما يقول أبو عليا، وكسر أهلها، في نموذج معروف في كل المحيط بالتصدي والمواجهة ومقاومة الاحتلال على مدار سنوات ماضية. ويقول أبو عليا: "نظرة المجتمع الفلسطيني للمغير أنها بؤرة مقاومة، وهم يريدون كسر شوكتها، ليصل الرعب إلى كل القرى المحيطة". وكانت المغير تعرضت لعدة هجمات استيطانية، كان أبرزها في إبريل/ نيسان الماضي، حيث هاجم مئات المستوطنين القرية وأحرقوا منازل ومركبات وممتلكات، وهاجموا كذلك إحدى مركبات الدفاع المدني وأحرقوها.

المساهمون