ليبيا: ملاحقة متهمين بجرائم عمرها سنين

ليبيا: ملاحقة متهمين بجرائم عمرها سنين

05 ديسمبر 2022
تلاحق الشرطة الليبية متورطين بجرائم (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت النيابة العامة الليبية، مؤخراً، ضبط وإحضار 123 مطلوباً في جرائم مختلفة لدى مديريات الأمن في مناطق غرب البلاد، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، مؤكدة أنها تواصل تدابير ملاحقة الفارين من العدالة، بهدف "إنفاذ القانون وفق نسق يهدف إلى إتمام إجراءات الاستدلال المتعلقة بوقائع انطوت عليها البلاغات والشكاوى المقدمة إلى مراكز الشرطة". وأكدت النيابة أن الغرف الأمنية تولت تنفيذ التدابير لإحضار مرتكبي الجرائم الماسة بحقوق الإنسان في الحياة والحرية وسلامة البدن، والصادرة بحقهم أوامر قضائية، بعضها صدر قبل سنوات، وأوضحت أن من بين المعتقلين 31 متهماً في قضايا قتل، و49 متهماً في قضايا جرائم الحرابة، وسبعة في جرائم اختطاف، و10 في جرائم حيازة سلاح واستخدامه في تهديد حياة الآخرين.
وسبق أن كشف عدد من مديريات الأمن في شرق وغرب ليبيا، عن ضبط مطلوبين في جرائم سابقة. على سبيل المثال، أعلنت مديرية أمن طرابلس، في منتصف العام الجاري، إزاحة الغموض حول جريمة تعود وقائعها إلى عام 2013، كما أعلنت مديرية أمن بنغازي، القبض على متهم بقتل امرأة دهساً بسيارته قبل أن يختفي لعدة سنوات. وفي منطقة النواحي، جنوب شرقي طرابلس، أعلنت مديرية الأمن القبض على متهم في عشر قضايا جنائية، ارتكبها خلال عدة سنوات، من بينها قضية قتل. وفي مدينة صبراتة، غرب طرابلس، اعتقلت مديرية الأمن، متهماً في العديد من القضايا، من بينها الاتجار بالمهاجرين السريين، فضلاً عن قضايا قتل مهاجرين أو تعذيبهم.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ويبدي الناشط المدني، الجيلاني إزهيمة، ترحيبه بحملة القبض على المطلوبين، ويرى أن تصاعد اهتمام السلطات بها مؤشر إيجابي، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الجهود السابقة كانت تبذلها مديريات الأمن استنادا إلى محاضر الشرطة، لكن مؤخراً ارتفع مستوى الاهتمام بهذه القضايا بالتنسيق بين مديريات الأمن والقضاء".
ويأمل إزهيمة في أن تفتح هذه الخطوات الطريق أمام "نبش الملفات الجنائية المسكوت عنها"، ويقول: "ربما تكون بعض الوقائع الجنائية حدثت في مناطق لا تزال تحت سيطرة المتهمين فيها، كمجازر بنغازي التي لا تزال تحت قبضة مليشيا (اللواء المتقاعد) خليفة حفتر، لكن قضية كبيرة كقضية المقابر الجماعية في ترهونة تبدو الأقرب لدخول دائرة الاهتمام الرسمي، علاوة على أن القضايا الأخرى طاولها الزمن، لكن مقابر ترهونة قضية تتجدد كل أسبوع تقريباً عبر الكشف عن جثث جديدة".
ويطالب الناشط الليبي بضرورة إزاحة الغطاء السياسي عن هذه القضايا، مشيراً إلى أن بعض المتحكمين في المشهد يستغل كل طرف منهم هذه القضايا ضد الآخر، "لكن انتقالها إلى أيدي المؤسسة القضائية بعيداً عن العراك السياسي سيجعل تناولها أيسر، وستكون هناك جدية في الوصول إلى نتائج".

الصورة
تنسيق بين الشرطة الليبية والسلطات القضائية (محمود تركية/فرانس برس)
تنسيق بين الشرطة الليبية والسلطات القضائية (محمود تركية/فرانس برس)

من جانب آخر، لا يرى الناشط الحقوقي، جمال الأنصاري، أن الحملات الأمنية والقضائية للقبض على متورطين في جرائم سابقة تحمل مؤشرات إيجابية، موضحاً أن "السجون التي يودع فيها المقبوض عليهم تعاني أصلاً من تكدس السجناء، ومن عدم حصولهم على الحق في المحاكمة أو الترافع".
ويضيف الأنصاري في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العديد من التقارير الدولية والمحلية تؤكد أن مئات الأشخاص تم القبض عليهم، وأودعوا في السجون من دون أن يقدموا إلى المحاكمة، فهل سيقدم المقبوض عليهم مؤخراً للمحاكمة، أم أن الأمر سيقتصر على تداول أنباء القبض عليهم، والإشادة بنشاط وجهود المؤسسة القضائية والأمنية فقط؟". ويعبر الناشط الحقوقي عن عدم ثقته في نزاهة بعض العناصر الأمنية، موضحاً أن "عددا من الفرق الأمنية هي بالأساس مجموعات مسلحة تفرض نفسها على الواقع، وتعمل تحت مسميات رسمية، لكنها لا تخضع لمنظومة الأمن وضوابط قوانينه، وفي الغالب هذه المجموعات المسلحة نفسها متورطة في جرائم".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، كشفت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومقرها في جنيف، عن مقتل ما لا يقل عن 581 شخصاً، بين مواطن ليبي ومهاجر، على يد أفراد من المجموعات المسلحة خلال الفترة من يناير/كانون الثاني، إلى مارس/آذار 2022. وأشارت المنظمة إلى أن بعض تلك المجموعات المسلحة تعمل تحت مسمى "قوة إنفاذ القانون"، مؤكدة أنها وثقت جرائم قتل تم تنفيذها داخل مراكز الاحتجاز، إما عبر الإعدام المباشر، أو الموت تحت التعذيب، وأنها تستند إلى مقابلات مع شهود عيان وناجين من سجون المجموعات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد، وأن هناك 487 حالة قتل موثقة لمدنيين ليبيين، والبقية من المهاجرين السريين القادمين من بلدان أفريقية عبر الحدود.

المساهمون