استمع إلى الملخص
- تعمل السلطات الليبية على مكافحة الاتجار بالبشر من خلال ملاحقة عصابات التهريب، حيث تم القبض على تجار بشر في زلة، وكشفت التحقيقات عن تورط عصابات نيجيرية في الاتجار الدولي.
- تواجه ليبيا تحديات كبيرة مع تدفق المهاجرين السريين، حيث يُقدر عددهم بأكثر من ثلاثة ملايين، وتشتكي من نقص الدعم الدولي لجهودها في الحد من الهجرة السرية.
أعلنت سلطات ليبية أمنية، شرق البلاد، اكتشاف مقابر جماعية تضم عشرات الجثث لمهاجرين سريين، قُتلوا على أيدي عصابات الاتجار بالبشر في صحراء جنوب شرق البلاد. ويوم الثلاثاء الماضي، انتهى مركز طب الطوارئ والدعم في مدينة الكفرة، أقصى الجنوب الشرقي، من انتشال 64 جثة لمهاجرين سريين، بعد جهود استمرت على مدار خمسة أيام.
وذكر المركز أن فرقه، بالتعاون مع الطب الشرعي وممثلين عن جهازي المباحث الجنائية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، أخذ العينات اللازمة من الجثث التي دفنت في مكان مخصص لها. ويؤكد رئيس فرع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بجنوب ليبيا، محمد الفضيل، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن التحقيقات لا تزال جارية للكشف عن ملابسات هذه الواقعة.
وخلال الأسبوعين الماضيين، كشف عن مقابر جماعية عدة، اثنتان منها في منطقة أجخرة وسط جنوب البلاد. وعثر في الأولى على 19 جثة وفي الثانية على 28 جثة، قبل الكشف عن مقبرة الكفرة التي اكتشف فيها 58 جثة قبل أن يرتفع العدد إلى 64 جثة.
وبحسب مكتب النائب العام، فإن هذه المقابر تكشف عن عمليات واسعة للاتجار البشر، موضحاً أن إجراءات التحقيق الأولي أوضحت وجود عصابة تعمّد أفرادها حجز حرية مهاجرين سريين وتعذيبهم وتعريضهم لضروب من المعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية.
ويذكر أن شهادات الناجين أفادت بأن غالبية أفراد هذه العصابات من جنسيات أفريقية تنقل المهاجرين وتوصلهم إلى مراكز الاحتجاز التي يديرها مهربون ليبيون، مؤكداً أن تلك الشهادات تشير إلى خيوط ستساعد على القبض على أفراد هذه العصابات. ويفيد بأن مشهد الجثث يشير إلى أن غالبيتهم من الجنسيات الأفريقية، وتراوح أعمارهم ما بين 20 و40 عاماً. وخلال اكتشاف المقبرتين في أجخرة، نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لفتيات من الجنسية الأفريقية، عثرت عليهن فرق جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وسط الصحراء وهن يستغثن ويشرن إلى وجود مقابر جماعية بالقرب من المكان الذي كن فيه.
ويُظهر الفيديو الفتيات برفقة عدد آخر من المهاجرين وسط الصحراء. ولم تصرح أية جهة أمنية في موقع التصوير، وما إذا كان على علاقة بالمقابر المكتشفة في الكفرة وأخجرة. لكن الناشط المدني أنور الزوي يرجح أن يكون المكان قريباً من الكفرة، وأن من ظهر فيه هم من الناجين من عصابات التهريب.
وينقل الزوي عن أفراد مركز طب الطوارئ والدعم، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، صدمتهم بالمشاهد المروعة لجثث المهاجرين أثناء انتشالها من المقابر، مؤكداً أن من قابلهم من أفراد المركز ذكروا له أن غالبية الجثث ظهر عليها طلق ناري أدى إلى الوفاة.
ويلفت الزوي إلى أن عمليات مداهمة أوكار المهربين كانت تجري بشكل واسع وفي مرات عدة، لكن اكتشاف المقابر الجماعية للمهاجرين "أمر جديد، بل إنه من الصادم أن تكتشف المقابر بشكل متوالٍ".
وتعد المقابر الجماعية للمهاجرين السريين جديدة في ملف أزمة الهجرة التي تعانيها ليبيا، ولم يسبق إعلان اكتشاف هذه المقابر باستثناء إعلان العثور على مقبرة جماعية تضم رفات 65 مهاجراً العام الماضي في منطقة الشويرف، وسط جنوب البلاد.
وبالتزامن مع اكتشاف مقبرة أجخرة، نقلت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية كلمة للوزير عماد الطرابلسي، يشكو فيها تخلي المجتمع الدولي عن دعم ليبيا في جهودها للحد من ظاهرة الهجرة السرية، وأن تدفق المهاجرين إلى ليبيا جعلها أكثر الدول تضرراً. ويكشف الطرابلسي أن في ليبيا أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر سري، مضيفاً: "نحن في مرحلة خطرة. كافحنا الهجرة العابرة للحدود وحدنا. وفي حال تقاعس الدول عن دعم برامج العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم، قد نلجأ إلى الترحيل القسري"، مستشهداً بعدد من البلدان التي رحلت المهاجرين قسراً. ويوضح: "لذلك، من حق أي دولة أن تحافظ على أراضيها واستقلالها ومواردها".
وفي سياق ملاحقة السلطات الأمنية لعصابات التهريب ومداهمة أوكارها، كشفت مديرية أمن الجفرة، عن نتائج التحقيقات الجنائية مع أربعة أشخاص من تجار البشر ضبطوا في منطقة زلة، وسط الجنوب. وأوضحت أن التحقيقات مع التجار الأربعة بينت اقترافهم لعمليات "بيع وشراء المهاجرين وضربهم وتعذيبهم والتنكيل بهم لابتزازهم مالياً ومقايضة ذويهم في مقابل عشرة آلاف دولار للمهاجر الواحد". ومن بين الجرائم التي اقترفها هؤلاء التجار "اغتصاب واستغلال جنسي وتجويع وصولاً إلى صهر أنابيب البلاستيك على ظهور المهاجرين"، بالإضافة إلى اعترافهم "بقتل بعض المهاجرين ودفنهم في الصحراء".
وقبل أشهر، كشفت السلطات القضائية في ليبيا عن تطور في ملف الهجرة السرية يتعلق بانتقال عصابات التهريب الأفريقية إلى البلاد، بعدما كانت عمليات التهريب تتم من خلال شبكات تربط بين مهربين محليين وآخرين في دول المصدر. ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن مكتب النائب العام انخراط "عصابات إجرامية نشطة على أراضي جمهورية نيجيريا الاتحادية، تسللوا إلى البلاد ومارسوا فيها إجراماً منظماً".
وذكر مكتب النائب العام أن السلطات الأمنية تمكنت من ضبط خمسة وثلاثين مهاجراً سرياً مرتبطين بمنطقة إجرامية تتخذ من جمهورية نيجيريا الاتحادية مقراً لها، موضحاً أن المقبوض عليهم دخلوا الأراضي الليبية ومارسوا فيها أعمالاً غير شرعية ، ومنها "تنظيم حركة الهجرة غير الشرعية نحو دول شمال المتوسط، والاتجار بالنساء على نطاق دولي" وغيرها من الأعمال.
وذكر بيان مكتب النائب العام أن المنظمات الإجرامية النيجيرية هي: إمسي، وإيّي، والفأس الأسود، وحركة السود الجديدة في أفريقيا، بالإضافة إلى منظمة فايكينج العليا التي قبض على قائدها أيضاً.