ليبيا: ضبط صناعة قوارب تهريب البشر

ليبيا: ضبط صناعة قوارب تهريب البشر

13 أكتوبر 2021
قارب خشبي يغصّ بالمهاجرين السريين (كارلوس جيل أندرو/ Getty)
+ الخط -

 

كثّفت الأجهزة الأمنية الليبية في مناطق غربي البلاد مراقبة تصنيع القوارب، بهدف الحدّ من استفادة مهربّي البشر منها في نقاط التهريب المنتشرة على طول ساحل ليبيا الغربي. وقد داهمت أخيراً عناصر جهاز أمني ليبي ورشة نجارة في منطقة المطرد على خلفية الاشتباه بتقديم صاحبها خدمات لمهرّبي البشر. كذلك، وفقاً لمصدر أمني في مدينة الزاوية المجاورة، فإنّ "جهاز البحث الجنائي بالمدينة رصد عدداً من ورش صناعة القوارب على خلفية تقارير تؤكد علاقة أصحابها بمهرّبي البشر وتوفير قوارب لهم لاستعمالها في تهريب المهاجرين". ويشير المصدر الأمني نفسه إلى أنّ "الحراك الأمني الأخير استند إلى شكاوى وردت من أطراف خارجية على علاقة بملف الهجرة غير الشرعية في أثناء تواصلها مع السلطات الليبية"، مضيفاً أنّ "جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية يقوم على رسم خطط من شأنها تقويض كلّ السبل الداعمة لنشاط التهريب، من بينها نشاط صناعة القوارب".

وتنشط مجموعات تهريب البشر المرتبطة مع شبكات المتّجرين بالبشر عبر الصحراء والمناطق الداخلية عبر نقاط  عديدة على شاطئ البحر تمتد على مسافة تزيد عن 500 كيلومتر، بدءاً من زليتن شرق طرابلس وصولاً إلى زوارة على الحدود مع تونس. ويُهرَّب مهاجرون على متن قوارب ذات صناعة محلية في غالب الأحيان. وكانت تقارير كثيرة أصدرتها منظمات دولية معنية بالمهاجرين كشفت مقتل مئات من المهاجرين السريين في عرض البحر، بسبب تهالك القوارب التي يسافرون على متنها أو سوء تصنيعها. كذلك قد يتسبب تكدّس المهاجرين على متنها في انقلابها وغرق معظمهم.

وفي مطلع يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت فرقة التحري التابعة لمركز شرطة مدينة زوارة الحدودية مع تونس عن ضبط ورشة لصناعة القوارب الخشبية، مؤكدة أنّ تلك القوارب مخصصة لنقل مهاجرين سريين. وقد أوضحت حينها مديرية أمن زوارة، في منشور على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، أنّها تلقّت معلومات عن تحويل استراحة على شاطئ البحر بالمدينة الى ورشة لصناعة القوارب. وبعد التأكد من ذلك، داهمت المكان، مشيرة إلى أنّ المداهمة أسفرت عن إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص من الجنسية المصرية يصنّعون القوارب. أضافت: "وقد انتهوا من تنفيذ قاربَين حتى الآن، والمصنع مملوك لشخص ليبي من مدينة مجاورة استأجر الاستراحة. فتمّ التحفظ عليهم، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

في سياق متصل، تناقلت وسائل إعلام ليبية أنباء حول تفجير استهدف مصنعاً لصناعة القوارب المخصصة لنقل مهاجرين سريين في مدينة صبراته، في مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، مشيرة إلى أنّ ملكية المصنع تعود إلى أحد أشهر المتوّرطين في الاتّجار بالبشر. ولم تتّضح صحة الأنباء حول استهداف المصنع بقصف جوي نفذته طائرة حربية. ففي حين أفاد أهالي المنطقة بأنّهم سمعوا أصوات تحليق طيران قبل سماعهم أصوات تفجيرات في المكان، تحدّثت أنباء أخرى عن تفجير المصنع بواسطة حقيبة متفجرات، في إشارة الى صراع بين المهرّبين. ولا يدلي المصدر الأمني الذي تحدّث لـ"العربي الجديد" بأيّ تفاصيل حول الحادثة، لكنّه يقول إنّ "التحقيقات في حادثة التفجير أكدت وجود خمسة قوارب جاهزة للعمل، كانت قريبة من موقع المصنع في طريقها إلى إحدى نقاط التهريب".

وفي هذا الإطار، يقول خيري الشريف، أحد سكان مدينة الزاوية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نشاط صناعة القوارب ازدهر قبل سنوات في أكثر من منطقة غربي طرابلس"، مشيراً إلى أنّ "انتشار ورش النجارة في مناطق المطرد وصولاً الى زوارة أمر تمكن ملاحظته حتى بالنسبة إلى متابع عادي". يضيف الشريف أنّ "عوامل دفعت إلى ازدهار صناعة القوارب، منها كثرة الطلب عليها بسبب نشاط التهريب على شواطئ هذه المناطق، بالإضافة إلى عدم تقيّدها بالمواصفات المعروفة في صناعة القوارب التي لا يشترطها المهرّبون". ويتابع الشريف أنّ "إجراءات السلطات لا يجب أن تتوقف عند حدّ مداهمة مصانع القوارب، بل منع منح تراخيص لهذا النشاط".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّ الاتحاد الأوروبي كان قد أقرّ، في يوليو/ تموز 2017، قيوداً على تصدير القوارب المطاطية والمحركات المنفصلة للقوارب إلى ليبيا، في محاولة للحدّ من الهجرة السرية إلى أوروبا. وقد أكّدت حينها المسؤولة في الاتحاد عن السياسات الخارجية فيديريكا موغيريني أنّ الاتحاد اتخذ القرار بالإجماع لـ"فرض قيود على تصدير القوارب المطاطية والمحركات إلى ليبيا وتزويدها بها"، مضيفة أنّ "هذه المعدات تُستخدم من قبل المهرّبين للقيام بأنشطة تهريب. وسوف يساعد هذا القرار الذي اتخذناه على مستوى الاتحاد الأوروبي في جعل أعمالهم وحياتهم أكثر تعقيداً".

المساهمون