ليبيا: حملات أمنية على عصابات في غربي طرابلس

17 يناير 2025
تعج مناطق في ليبيا بعصابات مسلحة، 14 يناير 2023 (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلقت حكومة الوحدة الوطنية حملة عسكرية في يناير تستهدف التهريب والهجرة غير الشرعية والمخدرات في الساحل الغربي، مع التركيز على مدينة الزاوية، ولاقت ترحيب السكان المحليين.
- تعتبر مدن الزاوية وصبراته وزوارة مراكز للعصابات المسلحة التي تمتهن الجريمة، وأظهرت فيديوهات اقتحام محلات المخدرات واستهداف مواقع التهريب.
- يطالب الناشطون بتفعيل دور المجالس الاجتماعية لاستيعاب الشبان المنخرطين في العصابات، وإجراء تحقيقات مع قادة العصابات لضمان استعادة الأمن والاستقرار.

يؤيد الليبيون الحملات الأمنية على أوكار العصابات بعدما طاولت أضرار الجرائم حياتهم. وتشير تقارير إلى أن العصابات استثمرت أهمية المدن في تنويع أنشطتها، ومن بينها بيع المخدرات والإتجار بالمهاجرين وتهريب الوقود 

أطلقت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري حملة عسكرية أمنية في مناطق الساحل الغربي للعاصمة طرابلس، خصوصاً مدينة الزاوية التي تبعد 40 كيلومتراً من غربي العاصمة، من أجل استهداف أوكار التهريب والهجرة غير الشرعية والمخدرات. وأكد قادة عسكريون استمرار العملية وتوسعها لتشمل مناطق أخرى غرب العاصمة بعد مدينة الزاوية، وسط ترحيب أهلي.
وتعد مدن الزاوية وصبراته وزوارة من أكثر المناطق التي تعج بعصابات مسلحة تمتهن الجريمة للحصول على مصادر تمويل من خلال أنشطة بيع المخدرات وتجارة المهاجرين وتهريب الوقود. وتنتشر هذه الأنشطة داخل هذه المناطق وعلى طول شواطئها. وقال قادة عسكريون إن مدن الساحل الغربي تحديداً تشهد انتشاراً لتجار المخدرات وقطّاع الطرق. 
وأوضح القادة أن المرحلة الأولى من الحملة الأمنية تستهدف مدينة الزاوية التي تعد أكثر مناطق غربي طرابلس احتضاناً للجرائم.
وبعد أيام من الجدل حول حقيقة أهداف الحملة العسكرية الأمنية، وقول البعض إن الحكومة تستهدف خصومها السياسيين تحديداً، وإن توقيتها يأتي في ظل متغيّرات سياسية تشهدها البلاد، خرج عشرات من مواطني الزاوية لتأييد الحملة وأهدافها في مكافحة الجرائم وطرد المسلحين.
يبدى رجب القويضي، من سكان مدينة الزاوية، ارتياحه لنتائج الحملة، ويقول لـ"العربي الجديد": "بعثت مظاهر انتشار الجيش النظامي وحدها مشاعر الاطمئنان إلى وجود الأمن الذي فقدناه سنوات عندما كانت المليشيات تتحكم بالأمور. وفعلياً عاش الناس الاحتراب بين هذه المليشيات حول المراكز ومواقع القوة".
ويتحدث القويضي عن "وجود محلات تبيع المخدرات علناً داخل الزاوية منذ سنوات، وتنفيذ عمليات خطف وتعذيب ضد من عارضوا وجود العصابات التي تضم شباناً عاطلين من العمل أو يرغبون في الحصول على مصادر دخل كبيرة. وحالياً لا يهم تنفيذ الحملات الأمنية لصالح أي طرف، بل النتائج التي تحققها على الأرض ومساهمتها في إنقاذ الشباب".
ويوافق هشام البشتي، الناشط المدني من الزاوية، على دعوة الحكومة المواطنين إلى الابتعاد عن أوكار الجريمة، ويقول لـ"العربي الجديد": "يُفهم من هذا الطلب أن الأوكار يعرفها جميع المواطنين، وأن الحكومة تطالب المواطنين بمساعدتها في مداهمة هذه الأوكار".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويؤكد البشتي أن حياة المواطنين تضررت كثيراً جراء انتشار مظاهر الجريمة في مناطق غربي طرابلس، ويقول: "نوّعت عصابات الجرائم أنشطتها في مدن مختلفة، إذ نشطت عمليات تهريب الوقود في الزاوية وزوارة اللتين تضمان ميناءين، في حين كثرت أنشطة تهريب البشر في صرمان وصبراته بسبب اتساع شواطئها وصعوبة مراقبتها. وقد انخرط شبان هذه المناطق في العصابات، لذا نطلب الآن إجراء تحقيقات واسعة مع قادة العصابات الذين يعتقلون من أجل النظر في أسباب اضطرار الشباب الى الانضمام إلى العصابات، علماً أنه ليس من العدل القبض على هؤلاء الشباب ومعاقبتهم في وقت قست الظروف الاقتصادية عليهم. تتحمل الدولة جزءاً من العبء وتقف وراء بعض    الأسباب. أما قادة العصابات المسلحة الذين فروا الى خارج هذه المناطق فيفترض ملاحقتهم والقبض عليهم ومعاقبتهم".

طالبت حكومة طرابلس المواطنين بالابتعاد عن مواقع أوكار الجريمة، 22 يوليو 2022 (حازم تركية/ الأناضول)
طالبت حكومة طرابلس المواطنين بالابتعاد عن مواقع أوكار الجريمة، 22 يوليو 2022 (حازم تركية/ الأناضول)

وأظهرت فيديوهات نشرتها المنطقة العسكرية الغربية المسؤولة عن العملية الأمنية مشاهد لاقتحام عناصر أمن محلات كانت تبيع المخدرات في شكل علني داخل مدينة الزاوية، كما نشرت صوراً لاستهداف طائرات مسيّرة مواقع لتهريب الوقود والبشر.
وطالما شهدت مدن في غربي طرابلس اشتباكات مسلحة بين عصابات مسلحة تنافست على مواقع التهريب وأنشطة المخدرات، خصوصاً الزاوية التي نزح سكان بعض أحيائها مرات بسبب وجودهم داخل مناطق شهدت اشتباكات بين العصابات باستخدام أسلحة ثقيلة أحياناً.
ويؤكد البشتي أن عدداً من سكان المناطق القريبة من مصفاة الزاوية وأوكار الجرائم تركوا منازلهم إلى مناطق أكثر أماناً، كما هاجر بعضهم إلى العاصمة طرابلس حتى عودة الاستقرار والهدوء للمدينة.

ويطالب البشتي بضرورة تفعيل دور المجالس الاجتماعية لرأب الصدع في النسيج الاجتماعي الذي أحدثته خلافات عصابات الجريمة، مضيفاً أن بعض العصابات تلقت حماية من أطياف قبلية قد تصبح هدفاً للانتقام في حال انحسر نفوذها.
يضيف: "إذا نفِذت هذه العمليات لصالح أطراف في السلطة فلا يجب منحها مجالاً أوسع، ويجب البدء فعلياً في رأب الصدع الاجتماعي لتفويت فرصة توظيف أي طرف له. أيضاً نحتاج إلى استيعاب الشبان الذين انخرطوا في أنشطة هذه العصابات في ظل معاناتهم من قلّة فرص التوظيف والعمل، خصوصاً أن معظمهم يافعون، ما يشكل فرصة لتوجيههم وإنقاذهم من السلوكيات الاجرامية التي اكتسبوها خلال الفترات الماضية".

المساهمون