ليبيا تعدّ برامج للتعايش مع فيروس كورونا

ليبيا تعدّ برامج للتعايش مع فيروس كورونا

18 أكتوبر 2020
تباعد اجتماعي في المسجد (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تتّجه الجهات المسؤولة في ليبيا إلى إنشاء برامج للتعايش مع فيروس كورونا، أو الاستفادة من برامج أثبتت نجاحها في عدد من الدول حول العالم. وقال رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بدرالدين النجار، إن هذا التوجه فرضه الأمر الواقع والأزمة الصحية التي تمر بها البلاد من جراء تفشي فيروس كورونا. ويؤكد النجار لـ "العربي الجديد"، أن الاستمرار في الإجراءات الاحترازية نفسها، كحظر التجول وإقفال المحال والمساجد والتجمعات الكبيرة، لم يعد مجدياً، ولم يأت بنتائج على أرض الواقع، مشيراً إلى أن المواطنين لم يلتزموا بتدابير الوقاية المفروضة عليهم.
وكانت وزارة الأوقاف التابعة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، قد أعلنت أخيراً عن إعادة فتح المساجد، بعد سبعة أشهر على إغلاقها، مشددة على ضرورة تقيد المصلين بالإجراءات الاحترازية خشية تفشي العدوى.
ويوضح النجار أن عدم جدوى الإجراءات السابقة "يدفعنا للنظر في بدائل يمكن أن تجعل التعايش مع الفيروس في إطار استراتيجية كاملة أكثر فعالية للوقاية منه". وعن تفاصيل تلك الاستراتيجية، يوضح أنها قيد الدراسة، لكنّه يؤكد أن نجاحها يرتكز على تقبل المواطن لجهود التوعية والتزامه بالضوابط الصحية، مثل ارتداء الكمامات والتباعد قدر الإمكان وغيرها من التدابير التي لا تحتاج إلى تذكير.
ويلفت النجار إلى أن زيادة انتشار الفيروس ملحوظة بسبب عدم فعالية الإجراءات المتبعة من جهة، وعدم تقيد المواطن بتدابير الوقاية من جهة أخرى. كذلك، يتحدث عن اتساع رقعة انتشار الفيروس، خصوصاً في المدن الكبرى كطرابلس ومصراته وبنغازي.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

من جهة أخرى، بدا لافتاً تقيّد مرتادي المساجد بالإجراءات الوقائية، وقد سادت موجة من الفرح بين الناس على خلفية قرار وزارة الأوقاف إعادة فتح المساجد المقفلة منذ أشهر. ويؤكد الإمام صالح بلال، أن المصلين لم ينتظروا دعوة للتقيد بالتباعد الاجتماعي التي حددتها لجنة المسجد على الأرض. يضيف في حديث لـ "العربي الجديد": "مرت أيام ولم نلحظ أي تجاوزات، بل كان هناك تعاون حتى بين المصلين الذين راحوا ينبهون بعضهم بعضاً إلى ضرورة التقيد بالإجراءات".
ويشير إلى أن أكثر المصلين لا يستخدمون دورات المياه وأماكن الوضوء في المساجد، خشية الاختلاط أو انتقال الفيروس من خلالها.
وفي مدينة زليتن شرق طرابلس، يؤكّد الإمام مختار الزوام، أن بعض المساجد فتحت أبوابها منذ شهر قبل صدور القرار الحكومي، لا سيما تلك الموجودة في الأرياف، مؤكداً أن التقيد بالتباعد داخل المسجد كان تلقائياً. ويقول: "يأتي المصلي ويقف على بعد خطوة من المصلي الآخر من دون أي دعوة مني كإمام". ويذكر أن غالبية المصلين يحرصون على ارتداء الكمامات عند المجيء إلى المسجد.
من جهته، يلفت رمزي أبو ستة، وهو طبيب ليبي وعضو في إحدى لجان الرصد والتقصي التابعة للجنة العليا لمكافحة كورونا، إلى أهمية التوعية من خلال المساجد، مشيراً إلى أن الخطاب الديني أكثر تأثيراً في الناس بالمقارنة مع التوعية الإعلامية. ويطالب أبو ستة، في حديثه لـ "العربي الجديد"، السلطات بضرورة توعية الناس حول مخاطر الفيروس والمشاركة في الحد من تفشيه.
وفي ما يتعلق بنجاح برامج التعايش مع المرض، يقول رئيس اللجنة العلمية الاستشارية لمكافحة كورونا، خليفة البكوش، إن نجاح البرامج "ممكن لو التزمنا بالضوابط الوقائية". ويلفت إلى أن عودة النشاطات الاجتماعية في الآونة الأخيرة، وفتح صالات الأفراح والعزاء على الرغم من الحظر المفروض، أدى إلى زيادة نسبة تفشي الفيروس. ويوضح أن عودة العمل في القطاع العام بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى سيارات المواصلات والمطاعم والمقاهي ممن لم يلتزموا بالشروط، كلها عوامل ساهمت في زيادة عدد الإصابات بالفيروس.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وإزاء تأكيد البكوش على تراخي المسؤولين في وزارة التعليم، مع بدء امتحانات الثانوية العامة التي تستمر حتى نهاية الشهر الجاري، في فرض الإجراءات الاحترازية للحفاظ على صحة التلاميذ والمعلمين، يقول أحد التلاميذ، وائل المصراتي: "سأتقيد بالإجراءات بسبب وجود إهمال واضح في المدارس". يتابع لـ "العربي الجديد" إنه عاد إلى مدرسته لاستكمال مقررات العام الماضي. إلا أنه لاحظ إهمالاً من قبل التلاميذ والمعلمين في التقيد بالإجراءات المعروفة، لكنّه وصفه بـ "الإهمال النسبي".
وعلى واجهات غالبية المحال التجارية في حي الأندلس، الذي يعد أحد أنشط الأحياء التجارية في طرابلس، وضع أصحابها لافتات تلزم الزبائن بارتداء الكمامات. أما في المحال الكبرى، فيوجد موظفون أمام الأبواب الرئيسية لتزويد الزبائن بالكمامات، الأمر الذي تفرضه أيضاً العيادات الخاصة التي تطالب المواطنين بوضع القفازات أيضاً. ويحذر البكوش: "في حال لم ننجح في الضبط وتشديد تدخل الجهات الأمنية والتعايش مع الفيروس من خلال الالتزام بالتدابير الوقائية، سنضطر إلى الإغلاق بالكامل".

دلالات

المساهمون