ليبيا تعجز عن توفير لقاحات الأطفال الأساسية

ليبيا تعجز عن توفير لقاحات الأطفال الأساسية

06 فبراير 2022
تنشغل مراكز التلقيح لتوفير لقاحات كورونا (حازم تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
في إنتظار الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد-19 (فرانس برس)

يُعاني الليبيون صعوبة في توفير اللقاحات المختلفة للمواليد الجدد وكبار السن، في الوقت الذي يبدو فيه القطاع الصحي منهمكاً بتأمين اللقاحات المضادة لفيروس كورونا الجديد، وإطلاق حملات في غالبية مناطق البلاد من أجل إيصالها إلى أكبر عدد من المواطنين.
ومنذ مارس/ آذار عام 2020، لم يعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، المسؤول عن توزيع اللقاحات، عن تحديث للجدول الوطني للتلقيح، في وقت تعاني غالبية مراكز التلقيح نقصاً حاداً في بعض أنواعها. ويقول رجب أبوعلة، وهو مواطن من بنغازي، إنه لم يتمكن من توفير اللقاح السداسي (يضم ستة لقاحات وهي: الخانوق (الدفتيريا)، الكزاز (التيتانوس)، الشاهوق (السعال الديكي)، مرض شلل الأطفال، التهاب الكبد الوبائي "ب"، أنفلونزا الهموفيليس النوع "ب") لطفله إلا بعدما تجاوز العمر المقرر لتلقي هذا اللقاح. ويؤكد في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه اضطر للسفر إلى طرابلس لجلب اللقاح، وقد أعطاه لطفله وعمره أربعة أشهر بدلاً من الشهربن. 
ويشير أبو علة إلى أن بعض اللقاحات الخاصة بالمواليد الجدد باتت شبه مفقودة، ويتوجب على الأهل التنقل من مدينة إلى أخرى للبحث عنها. ويتحدث عن عدم توفر لقاح الإنفلونزا الموسمي لكبار السن للسنة الثانية على التوالي. وخلال السنوات الماضية، عانت البلاد نقصاً حاداً في اللقاحات الخاصة بالأطفال والمواليد الجدد، ما دفع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إلى التحذير من خطورة الأمر عام 2019. وفي فبراير/ شباط 2020، أبلغ مسؤولون في وزارة الصحة منظمة الصحة العالمية أن غالبية مستودعات اللقاحات في البلاد باتت خالية من اللقاحات الخاصة بالأطفال، وأهمها لقاح الفيروس العجلي (Rotavirus vaccine) ولقاح شلل الأطفال وبالتالي تأخر الكثير من الأطفال عن مواعيد حصولهم على اللقاحات، ما دفع "يونيسف" إلى الإعلان في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 أن نفاد لقاحات الأطفال يجعل أكثر من 250 ألف طفل "دون عمر السنة عرضة لخطر الأوبئة"، قبل أن تستدرك السلطات الأمر وتستورد كميات كافية منها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول الطبيب في أحد مراكز اللقاحات أنور فرحات إن هذه المراكز باتت أكثر انشغالاً بتوفير اللقاحات المضادة لكوفيد-19.
وفي ليبيا نحو 700 مركز تلقيح موزعة على مختلف أنحاء البلاد، إلا أن غالبيتها منهمكة في العمل على تأمين اللقاحات المضادة لكوفيد-19 وإعطائها للمواطنين. ويشير فرحات في حديث لـ "العربي الجديد" إلى أن المشكلة لا تتعلق بالنقص في الكوادر الطبية المسؤولة عن إعطاء اللقاحات سواء للأطفال أو الفئات العمرية الأخرى، بل بالروتين الإداري المرتبط بتوفير الميزانيات الخاصة لاستيراد اللقاحات. يضيف: "من المؤكد أن كورونا أربك بشكل كبير الكوادر الإدارية والحكومية الأمر الذي أدى إلى إهمال أمور أخرى"، من دون أن ينسى التطرق إلى الفساد الذي يعاني منه القطاع الحكومي. 


وأجرت الفرق التابعة لوزارة الصحة العديد من الزيارات للمدارس بهدف تلقيح التلاميذ. كما نشرت العديد من المراكز الصحية في مختلف أرجاء البلاد أخباراً عن توفير اللقاحات الأساسية للمواليد الجدد. ويلفت فرحات إلى أن اللقاحات التي يجب أن يحصل عليها الأطفال خلال السنوات الأولى متوفرة وتعمل فرق التلقيح على زيارة المدارس دورياً لتوفيرها، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مراكز التلقيح تفتقد اللقاحات الأساسية الخاصة بالمواليد الجدد، بالإضافة إلى لقاح الإنفلونزا الموسمي لكبار السن، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق بغياب اللقاحات تماماً بل العجز في استيراد الكميات المطلوبة في ظل انشغال السلطات باستيراد اللقاحات المضادة لكوفيد-19. 
ويؤكد فرحات على ضرورة توفير بعض اللقاحات وخصوصاً تلك المضادة لمرضي الحصبة وشلل الأطفال، مشدداً أيضاً على ضرورة توفير اللقاح السداسي، محذراً من انتشار الأمراض بين الأطفال من جراء عدم حصولهم على اللقاحات. 
وتفتقد مراكز التلقيح في الجنوب للقاح السل (BCG). ويقول محمد الرطيبي، الذي يتحدر من قرية سمنو في الجنوب الليبي، لـ "العربي الجديد" إنه اضطر للسفر إلى طرابلس لتأمين اللقاح لطفله وذلك من خلال علاقاته. 

ويتحدث فرحات عن أهمية توفير لقاح الإنفلونزا الموسمي لكبار السن أكثر من أي وقت مضى. ويقول إن "نشرات مراكز الصحة العالمية أكدت على أهميته لتجنيب كبار السن الكثير من المضاعفات الناتجة عن الإنفلونزا الموسمية، وأهمها الالتهاب الرئوي الذي قد يعرض المريض للموت". يُتابع: "من غير المعقول الاكتفاء فقط بتحذير كبار السن بضرورة التقيد بالإجراءات الوقائية من كورونا وخصوصاً الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض الكلى والسكري والقلب".
ويؤكد فرحات أن لقاح الإنفلونزا الموسمي لا يحمي من الإصابة بكورونا، إلا أنه يساعد على التخفيف من مضاعفات الفيروس. لذلك، يطالب السلطات بضرورة توفير هذا اللقاح لدعم الحملة ضد كورونا والتقليل من مخاطرها على فئة كبار السن.

المساهمون