ليبيا: اكتشاف مقابر جماعية للمهاجرين السريين

14 فبراير 2025
تدفقات المهاجرين تجعل ليبيا بين أكثر الدول تضرراً، 30 يناير 2024 (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اكتشفت السلطات الليبية مقابر جماعية لمهاجرين سريين في مناطق مثل الكفرة والزاوية، مما يبرز التحديات الإنسانية واللوجستية في أزمة الهجرة بليبيا.
- وزير الداخلية الليبي، عماد الطرابلسي، انتقد نقص الدعم الدولي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، داعيًا الدول الأوروبية للمساهمة في تكاليف الترحيل، محذرًا من اللجوء إلى الترحيل القسري.
- الخبراء يحذرون من نشاطات تهريب البشر في ليبيا، مؤكدين على أهمية دعم المجتمع الدولي والسيطرة على الحدود الجنوبية لمنع تهريب المهاجرين.

أضافت حوادث اكتشاف مقابر جماعية للمهاجرين السريين في ليبيا في الفترة الأخيرة شكلاً جديداً من أشكال تأزم ملف الهجرة التي أغرقت ليبيا بالمهاجرين 

خلال أقل من أسبوع أعلنت السلطات الأمنية في ليبيا اكتشاف مقابر جماعية في مواقع عدة ضمت عشرات من جثث المهاجرين السريين. ولم تكشف التحقيقات حتى الآن أسباب الوفيات ودفن الجثث في شكل جماعي.

وأعلن فرع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية جنوب شرقي ليبيا العثور على مقبرة جماعية على تخوم مدينة الكفرة، (أقصى جنوب شرق) ضمت نحو 30 جثة لمهاجرين. وأكد على صفحته الرسمية على "فيسبوك" استمرار عمليات البحث، مشيراً الى إمكانية أن يرتفع إلى 70 عدد الجثث في الموقع، علماً أن الكفرة تعتبر مركزاً مهماً للمهاجرين السريين القادمين من السودان باعتبارها تقع على حدوده.

أيضاً قالت مديرية أمن الواحات (جنوب شرق) إنها اكتشفت مقبرة جماعية في مزرعة بمنطقة إجخرة، وضمت 19 جثة لمهاجرين سريين، وذلك بعدما تلقت بلاغاً من أهالي المنطقة عن احتمال وجود مقبرة جماعية في موقع استخدمه تجار البشر. وأوضحت أنها استدلت على وجود المقبرة من خلال تتبع عناصرها آثار حفر متفرقة قبل أن يحددوا بمساعدة فرق الهلال الأحمر موقعاً أخرجوا منه 19 جثة. 

أما الفرع الغربي للهلال الأحمر فكشف انتشال جثث عشرة مهاجرين سريين على ساحل مدينة الزاوية غرب طرابلس. وتعد ظاهرة المقابر الجماعية للمهاجرين جديدة في ملف أزمة الهجرة في ليبيا التي تواجه تعقيدات لوجستية كثيرة وأخرى على صعيد الإمكانات المتوفرة، إذ سبق اكتشاف مقبرة جماعية واحدة تضم رفات 65 مهاجراً في منطقة الشويرف (وسط جنوب) العام الماضي.

وبالتزامن مع هذه الحوادث، بثت وزارة الداخلية في طرابلس كلمة للوزير عماد الطرابلسي اشتكى فيها من تخلي المجتمع الدولي عن دعم الجهود التي تبذلها ليبيا للحدّ من ظاهرة الهجرة السرية، وأيضاً من أن تدفقات المهاجرين إلى ليبيا جعلها أكثر الدول تضرراً.

وقال الطرابلسي: "يوجد في ليبيا أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر غير شرعي، وتتحمّل وزارة الداخلية صعوبات وتكاليف معالجة هذا الملف وحدها. نطالب المجتمع الدولي، خصوصاً إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي، بضرورة المساهمة في تكاليف ترحيل المهاجرين إلى بلدانهم". تابع: "ليبيا في مرحلة خطرة، فهي تكافح الهجرة العابرة للحدود وحدها، وفي حال تقاعست الدول عن دعم برامج العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم قد نلجأ إلى الترحيل القسري، وهو ما فعلته العديد من البلدان، إذ يحق لأي دولة أن تحافظ على أراضيها واستقلالها ومواردها".

الكفرة وإجخرة مركزان أساسيان لتجميع المهاجرين في ليبيا، 15 يوليو 2023 (محمود تركية/ فرانس برس)
الكفرة وإجخرة مركزان أساسيان لتجميع المهاجرين في ليبيا، 15 يوليو 2023 (محمود تركية/ فرانس برس)

ويرى عادل العمياني، الضابط في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، أن "التصريحات التي أطلقها الوزير الطرابلسي بالتزامن مع العثور على المقابر الجماعية للمهاجرين أمر جيد، يزيد وضوح حجم الدور الفعلي الذي يجب أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في وقت يبدو جلياً بحسب سياسات وممارسات الأعوام الأخيرة أنه حاول التنصل من مسؤولياته حيال ليبيا".

ويرى العمياني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ظاهرة المقابر الجماعية للمهاجرين "ناقوس بدأ يدق بقوة لينبه على مكامن الخطورة في مسارات وخطوط تهريب المهاجرين والمتاجرة بمصيرهم، ما يوجب على العالم كله دعم جهود الليبيين في القضاء على الظاهرة. والمقابر دليل يحدد بوضوح أماكن نشاط تجار البشر".

ويلفت إلى أنه "إضافة إلى العثور على مقبرة جماعية في الشويرف العام الماضي، برزت الكفرة وإجخرة مركزين أساسيين لتجميع المهاجرين، وهما منطقتان تقعان في منتصف المسافة بين الحدود الجنوبية وساحل البحر. وإذا كانت الحدود الجنوبية محل صراع دولي للهيمنة على فضاء أفريقيا فيجب السيطرة على الأقل على مناطق المرور مثل الشويرف وإجخرة لتهديد المهربين، ومنعهم من الاستفادة من مرحلة تجميع المهاجرين المهمة في مسار التهريب".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويرجح العمياني أن تطالب المؤسسات الدولية والأممية السلطات الليبية بالتحقيق في مقابر الكفرة وإجخرة، كما فعلت في السابق في مقبرة الشويرف من دون أن تقدم أي دعم في هذا الشأن. ويقول: "يعرف الجميع الحلول الجذرية، وأنه يمكن المساعدة في السيطرة على حدود البلاد الجنوبية، أما تركيز أوروبا جهودها على الساحل الشمالي لليبيا فيعني أنها تساعد في تحويل ليبيا إلى مخزن كبير للمهاجرين، وأن ظاهرة المقابر سترتفع فيها".

في الأشهر الماضية أطلقت السلطات الليبية مساراً قضائياً لملاحقة المهربين والمتورطين بشبكات الاتجار بالمهاجرين. وأصدرت النيابة العامة في مناسبات عدة أحكاماً قضائية متفاوتة ضد مهربين اعتقلوا خلال عمليات تفكيك شبكات التهريب.

المساهمون