لماذا يموت الرجال أكثر من النساء بفيروس كورونا في أميركا؟

لماذا يموت الرجال أكثر من النساء بفيروس كورونا في أميركا؟

20 يناير 2022
أسباب عديدة تساهم في ارتفاع وفيات الرجال المصابين بكورونا (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن دراسات عديدة حاولت تفسير أسباب ارتفاع نسبة وفيات الرجال مقابل النساء، إثر إصابتهم بفيروس كورونا، ومنها ما عزت ذلك إلى الهرمونات أو الطبيعة البيولوجية للرجل، إلا أن تلك النتائج لم تكن نهائية، وهو ما دفع عدداً من الباحثين إلى إعادة النظر في الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع.

وبحسب دراسة حديثة نشرت في مجلة science direct الأميركية، ونقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الأربعاء، فقد حللت الفروقات المسببة للوفاة بين الجنسين بمرور الوقت في الولايات المتحدة، ووجدت أنه وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الوفيات لدى الرجال مقارنة بالنساء، إلا أن هذه النتيجة لم تكن مُعممة في كل الولايات الأميركية، ما يعني إمكانية أن تلعب العوامل الاجتماعية دوراً في نسب الوفيات.

وتشمل العوامل الاجتماعية أنواعاً مختلفة من الوظائف والأنماط السلوكية والقضايا الصحية الأساسية.

ووجدت  الدكتورة سارة ريتشاردسون، مديرة مختبر GenderSci في جامعة هارفارد، (مركز يدرس كيفية تفاعل الجنس البيولوجي مع التأثيرات الثقافية في المجتمع)، أن إمكانية ارتفاع نسبة الوفيات لدى الرجال مقارنة بالنساء قد يكون سببها مجموعة متنوعة من العوامل، وهو ما دفعها وفريق عملها إلى البدء بجمع المعلومات عن الفروقات الجنسية للمصابين بالفيروس، وتحليل أسباب الوفاة.

وقامت المجموعة البحثية بفحص بيانات كل ولاية، وقد مكنت هذه البيانات الباحثين من تحليل معدلات حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 والوفيات في جميع الولايات الخمسين، وواشنطن العاصمة، على مدار 55 أسبوعاً.

ما هي النتائج؟

على الصعيد الوطني، لم يجد الفريق فروقات كبيرة في معدل وفيات النساء والرجال بشكل عام، ولكن بالنظر إلى حجم الوفيات داخل كل ولاية، وتقسيمه على النسبة الإجمالية للسكان، فقد كان عدد الوفيات للرجال أعلى من عدد وفيات النساء.

وفي ولاية تكساس، على سبيل المثال، توفي الرجال بمعدل أعلى أسبوعياً. وفي ولاية نيويورك أيضاً، كان معدل وفيات الرجال أعلى من معدل وفيات النساء، بينما كان عدد الوفيات في ولاية كونيتيكت من الرجال أقل من حصة النساء، وكذلك الأمر في ولايتي رود آيلاند وماساتشوستس. كما تبين أن ولايات أخرى كانت المعدلات فيها متساوية تقريباً.

ماذا يعني ذلك؟

بحسب عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية والمهندسة في جامعة واشنطن في سانت لويس، كاثرين لي، فإن العوامل الاجتماعية والسلوكية يمكن أن تساعد في تفسير العديد من هذه الأنماط.

على سبيل المثال، من المرجح أن يكون لدى الرجال وظائف في النقل والمصانع والزراعة والبناء، أي يشتغلون في مهن ذات معدلات أعلى للتعرض لفيروس كورونا، وبالتالي ارتفاع نسبة الوفيات، كما أن الرجال قد يكونون أكثر عرضة للسجن والتشرد، مما يزيد من خطر تعرضهم للفيروس.

في المقابل، من المرجح أن النساء قد يحرصن على الاهتمام بمعايير النظافة أكثر، مثل غسل اليدين وارتداء الأقنعة، والامتثال لقيود التباعد الاجتماعي، وهو ما يقلل من خطر الإصابة بالفيروس. إضافة إلى هذه الأسباب، فإن العديد من النساء قد يرغبن بالتطعيم مقابل انخفاض النسبة لدى الرجال.

القيود تلعب دوراً؟

ووجدت الدراسة أن التشدّد في القيود قد يساهم في انخفاض نسبة الوفيات حتى لدى الرجال. فعلى سبيل المثال، قارن الباحثون تحرك هامش الإصابة والوفيات في ولاية نيويورك قبل وبعد فرض القيود. وتبين أنه في الأسابيع الستة الأولى، حيث لم تفرض الولاية قيودا مشددة، كانت نسبة وفيات الذكور أعلى من نسبة وفيات النساء، لكن هذه النسبة تراجعت بمجرد فرض القيود.

ولم يكن لدى المجموعة البحثية للدكتورة ريتشاردسون إمكانية الوصول إلى البيانات العمرية لكل جنس، وهو ما يعتبر عاملا مهما في تحديد نسب الوفيات، على اعتبار أن كبار السن هم أكثر عرضة للوفاة بسبب فيروس كورونا، ولكن رغم ذلك أشاد العديد من الخبراء بالنتائج التي توصل إليها فريق البحث.

عوامل مشتركة

وبحسب عالمة الأحياء الدقيقة والمديرة المشاركة لمركز جونز هوبكنز لأبحاث صحة المرأة والجنس، صبرا كلاين، قد يكون من الصعب ملاحظة أسباب ارتفاع الوفيات لدى الفئات الجنسية في مرض معقد مثل فيروس كورونا، وبالتالي "لا يمكننا القول إن أسباب الوفاة قد تكون عوامل بيولوجية فقط، أو اجتماعية، أي لا يمكن أن نعزوها لعوامل محددة، سواء بيولوجية، أو اجتماعية".

وبحسب بحث قامت به الدكتورة كلاين، باستخدام السجلات الصحية الإلكترونية من مستشفيات جونز هوبكنز في ماريلاند وواشنطن العاصمة، تبين أن هناك معدلات أعلى للإصابة بمرض كورونا الحاد والوفيات لدى الرجال، لكن النمذجة الإحصائية الحيوية أظهرت أن "ذلك قد يكون سببه زيادة الاستجابات الالتهابية بين الرجال مقارنة بالنساء".

وفي التجارب التي تبحث في تأثيرات فيروس كورونا حسب الجنس، أظهرت مجموعة الدكتور كلاين أن أداء الذكور أسوأ، وقد يعرضهم للإصابة بالفيروس، فيما أظهرت دراسات أخرى أن النساء ينتجن استجابة مناعية أقوى من الرجال.

من جهته، رجّح عالم نفس الصحة العامة والمدير المشارك لمعهد العدالة العرقية في جامعة جورج، تاونديريك غريفيث، أن تلعب عوامل مثل التوتر والأعباء المالية والتمييز "دوراً وراء الاختلافات العرقية أو بين الجنسين في النتائج الصحية، ولكن يصعب تحديدها".

ووجد الدكتور غريفيث أن الاختلافات العرقية في نتائج كورونا "لا تزال معقدة، ففي المراحل الأولى من الوباء تكهن العلماء بأن أصحاب البشرة السوداء أقل عرضة للإصابة بالفيروس، وربما لديهم بعض وسائل الحماية البيولوجية، ولكن أظهرت بعد ذلك البيانات ارتفاع نسبة الوفيات لدى أصحاب البشرة السوداء مقابل الأشخاص من ذوي البشرة البيضاء" .

اعترف الدكتور غريفيث بأن "هناك العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على التفاوتات الصحية، وقد لا تكون العوامل البيولوجية المسؤولة الوحيدة عن ارتفاع نسب الوفيات".

المساهمون