لبنان: المبنيان الفرنسيان في مخيم الجليل يواجهان خطر الانهيار
استمع إلى الملخص
- يعاني المخيم من تدهور البنية التحتية، مع تشققات ورطوبة تهدد بانهيار المباني، ومشاكل في الكهرباء والصرف الصحي، مما يعرض السكان للخطر في ظل غياب الصيانة.
- استجابة "أونروا" للمناشدات جزئية، مما يزيد الوضع خطورة، والحاجة ملحة لخطة شاملة لتحسين الظروف المعيشية وضمان سلامة العائلات.
بعد النكبة الفلسطينية عام 1948، نزح آلاف الفلسطينيين إلى لبنان، واستقر عدد كبير منهم في مدينة بعلبك شرقي البلاد، حيث أُنشئ مخيم الجليل عام 1949 على أرض كانت في الأصل ثكنة عسكرية فرنسية مهجورة تتألف من مبنيَين، وتُراوح مساحتها ما بين 42 و43 دونماً. واستُخدم المبنيان الفرنسيان القديمان اللذان يعودان إلى الحقبة الاستعمارية، ملجأ للعائلات الفلسطينية، رغم أنهما لم يُصمّما أساساً للسكن. وعلى أطراف المخيم وفي داخله "إسطبل" عبارة عن غرف للخيول صارت منازل اللاجئين الفلسطينيين.
ومع مرور الوقت، تفاقمت حالة المبنَيين الفرنسيَّين لجهة القصور في البنية التحتية والجهوزية الملائمة للسكن، ما جعلهما اليوم من أكثر الأبنية هشاشة وخطورة. وبحسب إحصاءات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يضم المخيم، المعروف أيضاً باسم "مخيم ويفل" نسبة إلى مدرسة فرنسية قديمة قريبة من المكان، نحو 650 عائلة، أضف إلى 650 عائلة أخرى في محيطه.
ويعاني المبنَيان الوسطيان في مخيم الجليل، والمعروفان بالمبنَيين الفرنسيَّين، تدهوراً خطيراً في بنيتهما الإنشائية والبنى التحتية، إذ تظهر تشققات كبيرة ورطوبة متزايدة تُضعف الأعمدة والأسقف، ما يجعلهما مهددين بالانهيار الجزئي أو الكلي في أي وقت، خصوصاً عند هطول الأمطار أو حدوث أي اهتزازات. إضافة إلى ذلك، يواجه لاجئو المخيم مشاكل متكررة في الكهرباء بعد احتراق القاطع الكهربائي، ناهيك عن تدهور الصرف الصحي وتسرّب المياه والاكتظاظ السكاني. الأمر الذي يعرّض العائلات المقيمة فيه للخطر، وسط غياب أي صيانة جذرية أو حلول بديلة من الجهات المعنية أو خطة شاملة لترميم المبنيَين.
ويكشف أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة البقاع، خالد أحمد عثمان، والمقيم في مخيم الجليل، أن المبنَيين الفرنسيَّين يُعتبران من أقدم الأبنية، حيث يتجاوز عمرهما 100 عام، وهما مهددان بالانهيار. ويقول لـ"العربي الجديد": "عام 2012، انهار جسر علوي داخل أحد المبنيَين، وتولت وكالة أونروا ترميمه بشكل جزئي، غير إن المشكلة لا تزال قائمة مع استمرار تساقط الإسمنت من الأسقف والجدران، ووجود تشققات كبيرة في أسطح البنايات، خصوصاً خلال فصل الشتاء الذي يمتد في المنطقة من 6 إلى 7 أشهر بسبب طبيعتها الجبلية الباردة".
وينبّه عثمان إلى أن المبنيَين يواجهان اكتظاظاً سكانياً حاداً، خصوصاً منذ بداية نزوح الفلسطينيين من سورية بين عامَي 2011 و2013، إذ ارتفع عدد العائلات فيهما من نحو 75 عائلة إلى أكثر من 125 عائلة. ويوضح أن المبنيَين يعانيان كذلك من مشاكل في التهوية والإنارة، حيث إن الغرف ضيقة، وبعض المرافق الصحية أُنشئت على الشرفات، ما يزيد من معاناة المرضى وكبار السن. كذلك، تعاني شبكات المياه والصرف الصحي من أعطال متكررة، فيما تتجمع مياه الأمطار في أماكن عدة داخل المخيم.
ورغم المناشدات المتكررة من اللجان الشعبية، تبقى استجابة "أونروا" جزئية وغير شاملة، فيما تزداد الخطورة نتيجة وجود أجزاء إنشائية متهالكة داخل المبنيَين قد تهدد سلامة سكان المخيم. وتتحدث اللاجئة الفلسطينية فايزة، عن ولادتها ونشأتها داخل أحد هذين المبنيَين، وتقول لـ"العربي الجديد": "نعيش خوفاً دائماً بسبب تدهور حالة المبنى، حيث تشققت الجدران وبدأت قطع الإسمنت تتساقط، ما يؤشر إلى حجم الخطورة، ولا سيما خلال الشتاء. أضف إلى ضيق الغرف واكتظاظ المنازل، إذ يقيم أكثر من خمسة أفراد في مساحة صغيرة، ناهيك عن الأعطال المتكررة في المياه والكهرباء. ورغم الترميم الجزئي الذي قامت به "أونروا" قبل سنوات، غير إن المخاطر لا زالت قائمة". وتؤكد الحاجة الملحّة إلى خطة شاملة لإصلاح المبنى وتحسين التهوية وشبكات الخدمات وتخفيف الاكتظاظ، لضمان سلامة العائلات.
ويبدي اللاجئ الفلسطيني، محمد حمد، قلقه إزاء تدهور وضع المبنى الذي تسكنه العائلات الفلسطينية منذ عقود طويلة، ويقول لـ"العربي الجديد": "ازدادت التشققات في الجدران، إلى جانب تساقط أجزاء من الأسقف، ما يدفع الصغار والكبار إلى توخي الحذر، خوفاً من التعرض للأذى. ولا يمكن أن نغفل تدهور شبكات المياه والكهرباء، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية للاجئين صعبة جداً، لا سيما في فصل الشتاء الطويل، حيث يرتفع معدل تسرّب الأمطار والرطوبة إلى المنازل". ويرى حمد أنه "رغم تكرار المناشدات للجهات المسؤولة، وتحديداً وكالة أونروا، لم تتحسن الأوضاع بشكل ملموس، لذلك، فإنّ الحاجة ضرورية إلى تدخل عاجل لإصلاح المبنى وتوفير حياة آمنة للسكان، حيث إنّ هذا الأمر أصبح مسألة حياة أو موت".