لبنانيو القرى الحدودية: الجنوب لا يعرف الخضوع

27 يناير 2025
لبنانيون عادوا إلى قراهم الجنوبية، 26 يناير 2025 (رامز دله/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار، بدأ النازحون اللبنانيون بالعودة إلى قراهم الحدودية، متحدين جيش الاحتلال الإسرائيلي رغم المخاطر، مؤكدين على حقهم في العودة واستعادة أراضيهم.
- تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات توثق عودة الأهالي، حيث واجهوا الجنود الإسرائيليين وأدوا صلاة الشكر، مما يعكس إصرارهم على استعادة أراضيهم والارتباط العميق بالهوية.
- انتشرت معلومات عن انتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، وسط دعوات للإضراب العام، بينما يواصل الأهالي العودة رغم المخاطر، مع الأمل في انسحاب جيش الاحتلال.

تتواصل عودة الكثير من النازحين اللبنانيين إلى قرى الجنوب الحدودية مع فلسطين المحتلة منذ انقضاء مهلة الستين يوماً المقررة في اتفاق وقف إطلاق النار، في محاولة لإلزام جيش الاحتلال بالانسحاب من تلك القرى بعد إصراره على مخالفة بنود الاتفاق.
وتداعى أهالي الجنوب إلى التجمع والانطلاق في مواكب نحو قراهم تحت شعار "أرض الجنوب لا تعرف الخضوع"، غير آبهين برصاص جيش الاحتلال الذي استهدف العائدين، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، لتختلط مشاعر الفرح بالشوق للأرض بعد تهجير تجاوز السنة، رغم المخاطر والدمار الكبير وانعدام مقومات الحياة.
وتحت وسم #راجعين_يا_جنوب، تداول رواد مواقع التواصل صوراً ومقاطع فيديو لأهالي من القرى الحدودية يؤدون صلاة الشكر، ويرفعون الأذان بعد عودتهم، وآخرين يقفون بوجه الجنود والدبابات الإسرائيلية، ويصرّون على عبور الحواجز والسواتر الترابية، إلى جانب صور لعائلات تزور مقابر الشهداء، وسيدة مسنّة تبكي أمام ما تبقى من شجر الزيتون في بلدتها.
من بلدة كفركلا، يقول رضا شيت في اتصال مع "العربي الجديد"، إنه غادر بيروت صباح الأحد، وقصد منزل شقيقه في مدينة النبطية (جنوب)، بانتظار وصول أبنائه للذهاب معاً إلى بلدته الحدودية. ويضيف: "سأقصد البلدة بعد قليل رغم أن بيتي دمر، وكذلك منازل أهلي وجيراني. لا نأبه لنيران العدو، فهذه أرضنا ومنازلنا، وسنعود إليها ولو كانت ركاماً".
يضيف الأب لخمسة أبناء: "ندرك حجم الدمار والخراب الذي لحق بمعظم منازل كفركلا، وعودتنا رسالة لإثبات حقنا، وخطوة نحو استعادة ممتلكاتنا من جيش الاحتلال. إن لم يلتزم العدو بالانسحاب، فردنا سيكون: إن عدتم عدنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي، فلا يمكن لأحد أن يسلخنا من هذه الأرض، فهي لنا ولأولانا وأحفادنا، وسنبقى متمسكين بكل شبر من الأراضي اللبنانية حفاظاً على الجذور والهوية".
لم يتمكن محمد خليل من العودة إلى بلدة العديسة الحدودية بسبب عمله، ورغم تدمير منزله بشكل كامل، لكنه يؤكد نيّته العودة إلى بلدته خلال أيام. يقول لـ"العربي الجديد": "العديد من أهالي البلدة عادوا رغم تعرضهم لإطلاق النار من قبل القوات الإسرائيلية. اعتدنا بوصفنا أهالي قرى حدودية على ممارسات العدو وغدره وإجرامه، وندرك أنه يريد إقامة منطقة عازلة، لكن هذه أرضنا، ولن نتخلى عنها، وكلنا أمل بأن تؤدي عودة الأهالي إلى انسحاب جيش الاحتلال".

عودة متواصلة إلى جنوب لبنان، 26 يناير 2025 (رامز دله/ الأناضول)
عودة متواصلة إلى جنوب لبنان، 26 يناير 2025 (رامز دله/ الأناضول)

وانتشرت معلومات تفيد بانتشار الجيش اللبناني في أكثر من منطقة حدودية، بعد أن دخلها رفقة الأهالي، وسط مناشدات لوزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، بتعطيل المدارس يوم الاثنين، وإعلانه "يوم الجنوب"، مع دعوات لإعلان الإضراب العام.
ويوضح مختار بلدة ميس الجبل الحدودية، محسن دعيبس، لـ"العربي الجديد" أن "المشهد لا يزال ضبابياً لغاية الساعة، رغم أن الأهالي تمكنوا من الوصول إلى وسط البلدة، وتعرضوا للاستهداف الإسرائيلي، وسقط عدد من الشهداء والجرحى، وهم موجودون عند حدود البلدة بعد أن أغلقت الآليات العسكرية الإسرائيلية الطريق بسواتر".
يضيف دعيبس: "إنه يوم وطني حافل بالعز والشرف، وهو يشبه أيام التحرير، وقد لمسنا فرحة أهالي القرى الحدودية واندفاعهم للعودة رغم الدمار الهائل، ورغم أن الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض. إنه شوق العودة إلى المنازل حتى لو كانت مدمرة، لقد جاؤوا سيراً على الأقدام، وقفزوا فوق السواتر الترابية والأحجار، شبانا وشابات وأطفالا وكبار سن، وسيأتي المزيد من الأشخاص خلال الأيام التالية".
ويلفت المختار إلى أن "جيش الاحتلال واصل تفجيراته حتى مساء السبت الماضي لتدمير ما تبقى من منازل ميس الجبل، والتي فخخ وفجر وأحرق وقصف معظم منازلها. إنها غطرسة العدو الذي لا يريد عودة أهالي البلدات الواقعة عند خطوط التماس مع المستوطنات الإسرائيلية. فجروا منزلي الذي قضيت 13 عاماً في بنائه، لكنني سأعود، ولن ننتظر القرار الدولي. لا نريد أن نعيش مأساة القنيطرة السورية في الجولان المحتل، والتي لم يعد أهلها إليها منذ السبعينيات حتى اليوم".

في المقابل، يفضّل صبحي عبدالله من بلدة حولا الحدودية، التريث إلى حين صدور بيان عن الجيش اللبناني بأن المنطقة أصبحت آمنة. ويقول لـ"العربي الجديد": "ما زلت مقيماً مع عائلتي في النبطية. نتمنى العودة إلى قرانا وأراضينا، لكننا لن نعود تحت النار، ومن دون وجود جهة تتحمل المسؤولية، وقد شهدنا سقوط عدد من العائدين شهداء وجرحى".
بدوره، يترقب أيمن حمود من بلدة مركبا الحدودية تطور الأوضاع الأمنية، ويقول لـ"العربي الجديد: "ما زلت في بيروت بانتظار استقرار الأوضاع وعودة مقومات الحياة، لكن توجه الأهالي إلى بلداتهم هو رسالة لجيش الاحتلال بأن الأرض أرضنا، وأننا سنستردها". 
قرر أبو مهدي عدم العودة إلى بلدة بليدا الحدودية قبل صدور إيعاز من البلدية بالتنسيق مع الجيش اللبناني. لكنه يصف لـ"العربي الجديد"، اندفاع الأهالي إلى قراهم، بأنها عودة عفوية لا تنتظر أي قرار، من منطلق حقهم الشرعي بدخول بلداتهم وتفقد أراضيهم وممتلكاتهم.
لم يعد إبراهيم أحمد الأب لسبعة أولاد إلى بلدة بيت ليف الحدودية، خشية أن تتعرض عائلته لاستهداف إسرائيلي، ويقول لـ"العربي الجديد": "فضّلت انتظار استقرار الأوضاع الأمنية، وصدور قرار من الجيش اللبناني بالعودة، على أمل الفرج القريب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضينا. تعرضت خالتي المسنّة للضرب على يد جنود الاحتلال، عندما كانت تقف بوجههم وتتحداهم. لحق دمار كبير بمنزلي، وبغالبية منازل البلدة، وأتمنى العودة سريعاً بعد أكثر من سنة من التهجير".

المساهمون