لا مخيمات صيفية لأطفال المغرب للعام الثاني

لا مخيمات صيفية لأطفال المغرب للعام الثاني

16 يوليو 2021
كورونا خلّف ضغوطاً كبيرة على أطفال المغرب (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

 

لن يستطيع أطفال المغرب، للعام الثاني على التوالي، الإفادة من المخيمات الصيفية، سواء تلك التي تخضع لإشراف الحكومة أو التي تديرها مؤسسات خاصة، إذ قررت السلطات منع تنظيمها بسبب استمرار تداعيات جائحة كورونا، ما أغضب جمعيات أهلية تنفذ نشاطات خاصة بالتخييم، ودفعها إلى إبداء استيائها من الضغوط التي يتعرض لها الأطفال بسبب الجائحة وتأثيراتها.

عموماً، يستفيد أكثر من 250 ألف طفل مغربي سنوياً من المخيمات الصيفية التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب والرياضة والجمعيات ضمن برنامج "عطلة للجميع"، وتلك التي تخضع لإشراف مؤسسات وجمعيات خاصة بالشركات والمؤسسات العامة والخاصة. ويبدأ عادة البرنامج الوطني للتخييم الذي يتضمن أربع مراحل، في الأسبوع الأول من يوليو/ تموز، وينتهي في الأسبوع الأول من سبتمبر/ أيلول. وتمتد كل مرحلة 12 يوماً، علماً أن البرنامج يخلق آلاف فرص العمل التي تتنوع بين الإدارة والنقل والتغذية والحراسة والتنظيف، كما يوفر مصدر دخل ضريبي للدولة.

تعدّ المخيمات الصيفية ملاذاً للأطفال الفقراء وأولئك المتحدرين من أوساط اجتماعية شعبية في المغرب. وتهتم بإكسابهم معارف ومهارات جديدة، وصقل شخصياتهم المستقبلية، وتحصينهم من أخطار الوقوع في شرك الإدمان. وتشكل أيضاً فضاءً للترفيه والتفريغ النفسي، وتنمية القدرات والكفاءات الثقافية والإبداعية لدى الأطفال عبر نشاطات عدة. لكن أزمة فيروس كورونا ألغت برنامج التخييم هذا العام، والذي استبدل ببرنامج يقدم خدمات ترفيه للأطفال من دون مبيت أو سفر.

وخلال جلسة عقدها مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) أخيراً، قال وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس إن "الحركة الواسعة التي يشهدها موسم الصيف وتزامنه هذه السنة مع عيد الأضحى وعودة المغتربين المغاربة، يخلقان عوامل تجعل إقامة برنامج التخييم في شكله التقليدي أمراً صعباً، علماً أن اتخاذ قرار إلغاء المخيمات الصيفية لم يكن سهلاً، إذ لا يمكن أن تتلاعب أي وزارة بالسلامة الصحية للأطفال". وأضاف أن "ما زاد تعقيد الوضع أكثر أن الأطفال واليافعين والشبان الذين لا يتجاوزون الـ35 من العمر، هم فئات لم تستفد من التطعيم حتى اليوم. وانتشار وباء كورونا ضمن هذه الفئات قد يهدد سكان المغرب جميعهم، خصوصاً في ظل انتشار متحوّرات".

وأمام صعوبة تقيد الأطفال واليافعين والشبان بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس القاتل، اقترح الفردوس برنامجاً لصيف 2021 يوفر ترفيهاً مخصصاً للأطفال من دون مبيت وتنقل، وجعل خدمات الترفيه تشمل أطفال الأحياء من أجل احتواء الآثار السلبية التي خلفتها الجائحة على نفسيتهم. وسيستفيد من البرنامج الجديد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و15 سنة، واليافعون بين 15 و18 سنة، والشبان الذين تجاوزوا الـ 18 من العمر. ومن أجل إنجاحه ستشرف وزارة الثقافة والشباب والرياضة على قطاع التخييم ضمن منشآتها غير المستخدمة حالياً في تنفيذ حملة التطعيم ضد فيروس كورونا. وتشمل هذه المنشآت 250 داراً للشباب و100 نادٍ للسيدات. وسيضع أطر عمل البرامج نحو ألف إداري و25 ألف شخص يعملون في جمعيات.

الصورة
وسائل ترفيه محدودة لأطفال المغرب بلا مخيمات صيفية (راكيل باغولا/ Getty)
وسائل ترفيه محدودة لأطفال المغرب بلا مخيمات صيفية (راكيل باغولا/ Getty)

وفيما تتطلع الوزارة إلى تجاوز انعكاسات قرار مواصلة منع المخيمات الصيفية على آلاف الأطفال، للعام الثاني على التوالي، يرى نائب منسق ائتلاف اليوسفية للتنمية الذي يضم جمعيات غير حكومية عبد الواحد الزيات في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "إجراءات الوزارة محدودة ومرتجلة، وتظهر جلياً أن المسؤولين الحكوميين لا يملكون خططاً واعية، ما حتم اكتفاءهم بإلغاء البرنامج الوطني للتخييم، واتخاذ قرار إقامته من بعد". يضيف الزيات: "موقفنا في الائتلاف تمثل في ضرورة تنظيم البرنامج الوطني للتخييم مع احترام التدابير الاحترازية. وعرضنا أفكارنا في هذا الشأن، مستشهدين بنجاح الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني خلال الموسم الدراسي، وذلك رغم وجود أكثر من 4 ملايين شخص يمثلون التلاميذ وكوادر التعليم والأساتذة والأسر".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويعتبر الزيات أن "وزارة الثقافة والشباب والرياضة تخلّت عن تنظيم البرنامج الوطني للتخييم بحجج غير منطقية، في حين تشرف مديريتها في الرباط على تنظيم أعمال المسبح الكبير الذي يرتاده آلاف يومياً، ما يعني أن تبريرات الوزير غير مقنعة، في وقت كان يجب أن تشكل المخيمات متنفساً للأطفال والشبان من عواقب وتأثيرات الجائحة". ويتابع الزيات: "تطرح أسئلة عدة عن معطيات الإلغاء التي استند إليها وزير الثقافة والشباب والرياضة، في وقت تشهد الشواطئ ووسائل النقل العمومي والمطاعم والأسواق إقبالاً كبيراً. وأرى أن ما يحصل هو هروب سياسي مرتبط بعدم تحضير الوزارة البرنامج الوطني للتخييم، والبرنامج الوطني التنشيطي. ويمكن القول إن وزارة الثقافة والشباب والرياضة تخلفت عن موعد التحضيرات الميدانية عبر سلسلة إجراءات مرتجلة، في حين توجب الاستعداد بجدية وفي شكل منظم لتدابير العطلة المخصصة للأطفال والشبان، من أجل تجنب أن يقضي أبناء الفئات الهشّة عطلتهم في أزقة وشوارع ومناطق خطرة".

المساهمون