استمع إلى الملخص
- شهدت المفاوضات انقساماً بين الدول الطموحة التي تسعى لمعاهدة شاملة ودول منتجة للنفط تفضل التركيز على إدارة النفايات، مما أدى إلى مماطلة وقلق الدول الطموحة.
- حذرت منظمة التعاون والتنمية من تضاعف التلوث بالبلاستيك بحلول 2060، وأكدت الدول المعارضة التزامها بمكافحة التلوث مع احترام مواقفها.
لم يتوصّل المفاوضون إلى اتفاق حول معاهدة خاصة بأزمة التلوّث بالبلاستيك العالمية في المحادثات التي عُقدت أخيراً في مدينة بوسان جنوبي كوريا الجنوبية. وكانت الدورة الخامسة للجنة التفاوض الحكومية الدولية لوضع معاهدة دولية ملزمة قانوناً بشأن التلوّث بالبلاستيك، بما في ذلك التلوّث البحري بالبلاستيك، قد عُقدت على مدى أسبوع، بين 25 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم والأوّل من ديسمبر/ كانون الأول الجاري (أمس الأحد)، في مركز بوسان للمعارض والمؤتمرات في كوريا الجنوبية.
وقال رئيس المفاوضات سفير الإكوادور لويس فاياس فالديفييسو، في الجلسة العامة الأخيرة لمفاوضات الأمم المتحدة، إنّ "قضايا حاسمة عديدة ما زالت تمنعنا من التوصّل إلى اتّفاق عام. وما زالت هذه القضايا التي لم تُحَلّ شائكة، وهي في حاجة إلى مزيد من الوقت لحلّها بصورة فعّالة". وشدّد فالديفييسو على "وجوب أن نبني على التقدّم الذي أُحرِز (خلال أسبوع من العمل)"، مؤكداً أنّ "ثمّة توافقاً عاماً على استئناف المفاوضات في موعد لاحق" لم يُحدَّد، غير أنّه سوف يكون في العام المقبل، ولا سيّما أنّ العام الجاري يشارف على الانتهاء.
ويبدو المفاوضون في مأزق بشأن المعاهدة المتوقّعة، ولا سيّما في ما يخصّ تضمّنها بنوداً بشأن تقليل إجمالي البلاستيك على كوكب الأرض وفرض ضوابط قانونية عالمية على المواد الكيميائية السامة المستخدمة في صناعة البلاستيك. وكان من المفترض أن تكون المفاوضات التي عُقدت في بوسان كوريا الجنوبية الجولة الخامسة والأخيرة من أجل التوصّل إلى أوّل معاهدة دولية ملزمة قانوناً بشأن التلوّث بالبلاستيك، بما في ذلك في المحيطات، بحلول نهاية عام 2024. لكن مع نفاد الوقت في وقت مبكر من اليوم الاثنين، يخطّط المفاوضون لاستئناف المحادثات في العام المقبل.
وبعد عامَين من المحادثات، كان أمام أكثر من 170 دولة ممثّلة في الاجتماع الخامس والأخير (بحسب المفترض) للجنة التفاوض الحكومية الدولية لمعاهدة مكافحة التلوّث بالبلاستيك (INC-5) حتى مساء أمس الأحد للتوصّل إلى اتفاق. لكن منذ افتتاح الجلسة في 25 نوفمبر المنصرم، تحوّلت المفاوضات إلى ما يشبه حوار الطرشان بين أغلبية من الدول الراغبة في اتفاق طموح ومجموعة صغيرة من الدول المنتجة للنفط بقيادة روسيا والسعودية وإيران.
“The world’s demand for this treaty is undeniable.”
— UN Environment Programme (@UNEP) December 2, 2024
Progress was made at #INC5 in Busan, but the work to finalize a global #PlasticsTreaty continues.
“We have to #BeatPlasticPollution, and we have to do it as soon as possible.”@andersen_inger: https://t.co/D39UqsQCmq pic.twitter.com/k6kgyECAi3
عرقلة معاهدة التلوّث بالبلاستيك مستمرّة
في هذا الإطار، قالت وزيرة الطاقة الفرنسية أولغا جيفيرنيه "نحن قلقون بشأن استمرار العرقلة" من قبل دول منتجة للنفط. من جهته، تحدّث دبلوماسي أوروبي شارك في المفاوضات، إلى وكالة فرانس برس، عن مماطلة واجتماعات لا نهاية لها من ضمن مجموعات الاتصال المختلفة، استمرّت حتى الساعات الأولى من الصباح من دون تحقيق أدنى تطوّر. أضاف الدبلوماسي، الذي تحفّظ عن ذكر هويّته: "كانت هناك مداخلات وصلت إلى نحو 60 مداخلة، مدّة كلّ واحدة منها خمس دقائق، لتغيير جملة بسيطة" من مسوّدة الاتّفاق. وتابع: "من الأفضل المغادرة من دون اتفاق بدلاً من الخروج باتفاق سيّئ، لكنّنا غير سعداء. الوضع سيّئ جداً".
وكان الشعور بالإحباط قد تزايد طوال الأسبوع لدى "تحالف الطموحات العالية" الذي يجمع الدول المؤيّدة لتبنّي معاهدة قوية تتناول "دورة حياة" البلاستيك بأكملها، أي بدءاً من إنتاج البوليمرات من المنتجات البترولية وحتى إدارة النفايات البلاستيكية. وتعارض التحالف مجموعة صغيرة تقودها روسيا والسعودية وإيران التي ترى وجوب أن تتناول المعاهدة فقط إدارة النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها.
لكنّ الدول الطموحة أرادت اختتام مؤتمر بوسان بنبرة إيجابية. وقالت رئيسة الوفد الرواندي جولييت كابيرا في الجلسة العامة: "لقد أحرزنا تقدّماً، نحن في أمسّ الحاجة إليه، في مجموعة من القضايا التي سوف تكون حاسمة بالنسبة إلى المعاهدة لتحقيق هدفها المتمثّل في حماية صحة الإنسان والبيئة من الآثار الضارة للتلوّث بالبلاستيك".
أضافت كابيرا أنّ "مع ذلك، فإنّنا نعرب عن قلقنا العميق بشأن الدعوات المستمرّة من قبل مجموعة صغيرة من الدول لإزالة الأحكام الملزمة الضرورية لجعل المعاهدة فعّالة". ودعت كابيرا التي كانت تتحدّث نيابة عن مجموعة مؤلّفة من 85 دولة، من جميع المندوبين الذين يشاركونها موقفها القاضي بالوقوف عند نهاية كلمتها، فقوبلت بتصفيق حار.
"فجوة كبيرة" بين المواقف
وفي حال لم تُنفَّذ خطوة سوف يتضاعف التلوّث بالبلاستيك ثلاث مرّات في كلّ أنحاء العالم بحلول عام 2060، بعدما تضاعف الإنتاج العالمي ثلاث مرّات إلى 1.2 مليار طنّ في مقابل 460 مليون طنّ في عام 2019، وفقاً لحسابات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وقد كلّفت مجموعة الدول المعارضة للاتفاق الذي ينصّ على تخفيض الإنتاج الكويت بالتعبير عن موقفها في نهاية المفاوضات. وقال مندوب الكويت إنّ "المسألة ليست مسألة أقلية أو أغلبية. إنّ وجودنا هنا يعكس التزاماً صريحاً بمكافحة التلوّث بالبلاستيك"، مطالباً بـ"احترام" مجموعته.
أضاف مندوب الكويت: "لكن لا بدّ من أن نعرب عن قلقنا البالغ بشأن الطريقة التي جرت بها هذه المفاوضات"، مشيراً إلى أنّ المندوبين تجاوزوا تفويضهم بالمطالبة بتخفيض الإنتاج. وتابع أنّ "الغرض من هذه المعاهدة هو إنهاء التلوّث بالبلاستيك، وليس البلاستيك نفسه (...) لم نسمع أيّ مقترحات بشأن ما يمكن أن يحلّ محلّ البلاستيك".
من جهته، أقرّ عضو في الوفد الإيراني بوجود "فجوة كبيرة" بين مواقف الدول. وقال: "ما زلنا مصمّمين على مواصلة المفاوضات البنّاءة"، لافتاً إلى أنّه مستعدّ لاستئناف المفاوضات في وقت لاحق على أساس مسوّدة الاتفاق التي جرى التفاوض عليها في بوسان.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)