كويتيون يطالبون بإلغاء قانون "المجاهرة بالإفطار"

كويتيون يطالبون بإلغاء قانون "المجاهرة بالإفطار"

24 ابريل 2021
العقوبات تشمل المسلمين وغير المسلمين (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

تفرض القوانين الكويتية عقوبات على المجاهرين بالإفطار في أيام شهر رمضان، في حين يتكرر الجدال في كل عام حول مدى دستورية القانون الذي فُرض في عام 1968 ومدى ملاءمته واقع البلاد مع تزايد الوافدين من غير المسلمين، إلى جانب وضع المرضى الذين يضطرون إلى الإفطار والعمالة الوافدة التي تعمل تحت الشمس. ووفقاً لقانون رقم 44 لسنة 1968 فإنّ "كل من جاهر في مكان عام بالإفطار في نهار رمضان وكل من أجبر أو حرّض أو ساعد على تلك المجاهرة" يعاقب بغرامة لا تتجاوز 100 دينار كويتي (نحو 330 دولاراً أميركياً) وبالحبس مدّة لا تتجاوز شهراً أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ويعاني غير المسلمين في الكويت من تشدّد السلطات الأمنية في محاسبة المجاهرين بالإفطار وإنزال العقوبات القانونية بحقهم حتى مع شرب المياه فقط من دون تناول الطعام. وتوقف الشرطة المحلية في خلال هذا الشهر أعداداً كبيرة من الوافدين الذين يعملون في الشوارع ويعمدون إلى شرب المياه، وهؤلاء هم غالباً من غير المسلمين أو مسلمون اضطروا إلى ذلك بسبب الحر الشديد. وتواصل وزارة الداخلية تحذيراتها المتكررة للوافدين وبكل اللغات، من شرب المياه في الشوارع مؤكدة أنها ستقوم بتطبيق القانون بحقهم على الفور.

ويطالب محامون وقانونيون وناشطون كويتيون بإلغاء هذا القانون لعدم دستوريته وتعارضه مع "مفهوم الدولة المدنية". ويقول المحامي فواز الخطيب وهو أحد أبرز الداعين إلى إلغاء هذا القانون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قانون المجاهرة بالإفطار يتضمّن في مذكرته التفسيرية مبررات لإصدار هذا القانون، منها أنّ دين الدولة هو الإسلام ويتوجب مراعاة النظام العام على جميع سكان الكويت وأنّ القانون جاء حفاظاً على أحاسيس أهل الكويت والتمسّك بالدين والقيم الإسلامية، وأنّ الإفطار في الأماكن العامة يؤذي شعور المسلمين". لكنّ الخطيب يلفت إلى أنّ "القانون يخالف أكثر من خمس مواد أخرى في الدستور الكويتي، من بينها المادة 30 التي تنصّ على أنّ الحرية الشخصية مكفولة"، مشدداً على أنّ "المذكرة التفسيرية للقانون والتي تحدثت عن مراعاة النظام العام وأنّ الإفطار في الأماكن العامة يؤذي شعور المسلمين فيها نوع من المغالاة والمبالغة في فرض عقيدة معينة على جزء كبير من سكان الكويت لا يمارس الصيام بسبب اختلاف دينه".

قضايا وناس
التحديثات الحية

يضيف الخطيب: "لسنا في دولة دينية حتى نقول إنّ الإفطار في نهار رمضان مخالف للشريعة، وبالتالي يستوجب عقوبة قانونية. فثمّة أمور تحدث في الكويت مخالفة للشريعة وتطبّق ليلاً ونهاراً لأنّنا في دولة مدنية، من قبيل البنوك التقليدية والربوية وشركات التأمين المخالفة لفهم كثيرين للشريعة الإسلامية. كذلك فإنّ الدولة تتعاقد مع جيش أجنبي غير مسلم لفرض الحماية وغير ذلك، وكل هذه المظاهر تؤكد انفتاح الدولة وتقبلها التنوّع العالمي، ومن الواجب إذاً تقبل هذا التنوع في مسألة الإفطار في الأماكن العامة في شهر رمضان". ويروي الخطيب "قصة طبيبة أجنبية غير مسلمة، وصلت إلى الكويت للمرة الأولى في شهر رمضان، لمباشرة عملها في أحد المستشفيات الحكومية. وعند خروجها من المطار، كانت تتناول وجبة طعام سريعة بسبب إحساسها بالجوع بعد رحلة طويلة. فاستوقفها رجل أمن وأحالها إلى التحقيق بسبب مجاهرتها بالإفطار في رمضان، وحُبست على ذمة القضية لمدّة يوم كامل في أحد مخافر الشرطة. وبعد تدخّل وزارة الصحة والإفراج عنها، قررت الطبيبة مغادرة الكويت لتفاجئها بالإجراءات التي اتُّخذت بحقها. وهذه القصة تتعلق بطبيبة لها وضع مرموق في الدولة بسبب أهمية وظيفتها، فما بالكم بالعمال الذين تُعَدّ وظائفهم هامشية ويُعتقلون بسبب هذا القانون".

من جهتها، ترى الناشطة الكويتية شيخة العلي أنّ "قانون المجاهرة بالإفطار يُعَدّ أحد أبرز القوانين الواجب إلغاؤها أو تعديلها في الكويت"، مشيرة لـ"العربي الجديد" إلى أنّه "يتدخل في حريات الناس". وتقول: "أنا ضدّ من يحاول إلغاء القانون من أجل حماية غير المسلمين في الكويت فقط"، مؤكدة على "حق المسلمين في الإفطار بشكل علني في شهر رمضان من دون تدخل أحد لأنّ الصيام علاقة بين العبد وربّه لا يحق للدولة أو أيّ كان تحديدها والتدخل فيها".

في المقابل، كثر من رجال السياسة والدين في الكويت، بمن فيهم نواب في مجلس الأمة، يرفضون إزالة هذا القانون مؤكدين أنّه يمثل توجهاً دينياً وثقافياً مهماً للدولة لا بدّ من إظهاره. ويقول جابر العازمي وهو أستاذ منتدب في كلية الشريعة في جامعة الكويت لـ"العربي الجديد" إنّ "منع المجاهرة بالإفطار أمر ضروري ومهم لأنّ دين الدولة هو الإسلام وأيّ عمل مخالف للإسلام خصوصاً في الشعائر، ونعني بها المظاهر الثقافية للدين، لا بدّ من أن يُلغى. والإفطار جهاراً نهاراً أمام الناس في رمضان فيه خدش للشعائر الإسلامية، بل وإهانة لها". ويطالب العازمي في حركة مضادة الحكومة بـ"تغليظ العقوبة بحق مخالفي قانون المجاهرة بالإفطار ورفع قيمة الغرامة ومدة السجن". أمّا النائب الإسلامي حمد المطر فيقول لـ"العربي الجديد" إنّه "على الجميع احترام دين الدولة الذي هو الإسلام كما يحترم المسلمون أديان وثقافات العالم في الخارج، وهذا الأمر ينطبق على الإفطار في نهار رمضان".

تجدر الإشارة إلى أنّ لجنة فحص الطعون في المحكمة الدستورية الكويتية رفضت في عام 2019 طعناً تقدّم به أحد المواطنين مطالباً بإلغاء قانون المجاهرة بالإفطار، بحجة أنّه قانون دستوري ولا تشوبه أيّ شائبة. ولا يمكن تغيير القانون في الوقت الحالي إلا عبر قانون في مجلس الأمة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل سيطرة المعارضة ذات الخلفية الإسلامية على البرلمان.

المساهمون