استمع إلى الملخص
- تعاني الجالية الأفغانية في باكستان من ضغوطات كبيرة، حيث يتعرضون للملاحقة والابتزاز، ويطالب الناشطون الأفغان المؤسسات الدولية بالتدخل لحماية حقوقهم.
- يواجه اللاجئون تحديات يومية من ابتزاز الشرطة، ويعبرون عن استيائهم من القرار الحكومي الجديد الذي يزيد من معاناتهم، داعين المجتمع الدولي للتدخل.
قررت الحكومة الباكستانية منع اللاجئين الأفغان من الدخول إلى العاصمة إسلام أباد من دون تصريح أمني، بزعم أنها اعتقلت عدداً منهم خلال عملية فض اعتصام لأنصار رئيس الوزراء السابق عمران خان، أمام مقر البرلمان يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي قتل فيها عشرات. وطلبت وزارة الداخلية الباكستانية من كل الأفغان المتواجدين في العاصمة أن يذهبوا إلى مكتب العمدة أو مسؤول الأمن، ليحصلوا على تصريح كي يسمح لهم بالعيش في إسلام أباد.
وأغضب القرار السلطات في كابول، وقالت السفارة الأفغانية لدى إسلام أباد، في بيان صدر في 29 نوفمبر، إن اللاجئين الأفغان "أبرياء"، وليس لهم أي دور فيما يحصل في باكستان، وإن ما تقوله الداخلية الباكستانية عن ضلوعهم في أعمال الشغب أو التظاهرات السياسية ليس صحيحاً، وإنما تهمة بلا دليل.
وطلبت السفارة الأفغانية من الحكومة الباكستانية ألّا تستخدم ورقة اللاجئين من أجل مصالح سياسية، معتبرة الأمر يتعارض مع الأعراف الدولية، ومشددة على أن الحكومة الأفغانية لن تترك قضية اللاجئين، وأن مثل هذه الأعمال ليست في صالح أي جهة، وتخلق حالة من عدم التوافق بين الجارتين، محذرة من أي عمل يزيد الفجوة، وأن قضية اللاجئين خطّ أحمر.
وتناولت الأروقة السياسية والإعلامية في أفغانستان القضية بحساسية بالغة، واعتبرها البعض حلقة جديدة من العداء الباكستاني لأفغانستان، وأن إسلام أباد لم يعد بيدها بطاقات أخرى سوى بطاقة اللاجئين التي تستخدمها بشكل غير إنساني.
يقول الناشط الأفغاني حيات الله خان لـ"العربي الجديد" إن "ما يجري أمر مؤسف للغاية، فالعالم أجمع يعرف أن اللاجئين الأفغان يعيشون في باكستان تحت وطأة الخوف، والسلطات الأمنية تلاحقهم في كل مكان وفي كل الأوقات، وهم مساكين لا يستطيعون أن يزاولوا أعمالهم، ولا يستطيعون أن يسافروا من مدينة إلى أخرى بحرية، والشرطة تأخذ منهم الأموال والرشاوي. في ظل هذه الحالة المأساوية، تأتي الحكومة الباكستانية لتعلن أنها اعتقلت عشرات منهم، وتتهمهم بأنهم ضالعون في أعمال الشغب لصالح حزب سياسي باكستاني. هذا كذب، ولا ينفع باكستان البتة، فقد خسرت وستخسر كثيراً".
ويوضح الناشط الأفغاني أن "حكومة كابول تقوم بدورها، وتعمل على خطط مختلفة لحل قضية اللاجئين، من بينها العمل على إعادة اللاجئين إلى بلادهم، ومنحهم كل التسهيلات في الداخل، كما تعمل لرفع الظلم الذي تقوم به الحكومة الباكستانية على الأصعدة المختلفة، ويبقى الآن دور المؤسسات الدولية كي تسأل حكومة إسلام أباد عن حقوق هؤلاء اللاجئين الذين أعلنت اعتقالهم، فأين هم؟ ولماذا لا تظهر هوياتهم؟ وعلى المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين أن تهتم بالقضية، وتطالب الحكومة الباكستانية بالتوقف عن استغلال قضية اللاجئين التي تستغلها منذ عقود".
وبعيداً عن المواقف الرسمية، يواجه اللاجئون الأفغان الذين يعيشون في العاصمة الباكستانية مشكلات كثيرة، حتى قبل هذا القرار الحكومي الجديد، والذي يضيف إليهم المزيد من القيود والمعوقات. تقول الأفغانية لطيفة خرم، التي تسكن في إسلام أباد منذ سنتين كون اثنين من أبنائها يدرسان في جامعة باكستانية، لـ"العربي الجديد": "نواجه مشاكل متنوّعة التداعيات والتبعات، وكلها من قبل الشرطة والجهات الأمنية وليس من عامة المواطنين. لا أترك أولادي ولو نصف ساعة خارج المنزل خوفاً عليهم من تعديات الشرطة، فعناصر الأمن حين يرون أي لاجئ، يطلبون منه الرشاوي بعد التهديد بالاعتقال أو التوقيف في مراكز الشرطة، حتى لو كان لدى اللاجئ جميع الأوراق التي تُثبت قانونية وضعه".
وتتساءل السيدة الأفغانية: "في ظل هذه الأوضاع المعقدة، هل يمكن للاجئ أفغاني أن يصل إلى مقر البرلمان الباكستاني، ويشارك في احتجاج هناك؟ هذه كلها ادعاءات ملفّقة، ونطالب المجتمع الدولي أن يرفع صوته عالياً إزاء ما تفعله الحكومة الباكستانية، فقد فرضت علينا أن نأخذ تصريحاً من مكتب نائب العمدة أو من مكتب مسؤول الأمن، في حين أننا نعرف أن كلفة هذا التصريح ستكون مناسبة في العلن، لكن الحصول عليه سيكلفنا الكثير لأن الشرطة لا تنجز أي شيء خاص باللاجئين إلا بعد أخذ المال، وبالتالي فهذه فرصة اختلقتها الحكومة لرجال الشرطة كي يمارسوا ظلم الأفغان، ويأخذوا منهم الرشاوى".