قطاع الصحة في المغرب على صفيح أشدّ سخونة: احتجاجات لمدة 3 أسابيع

15 يناير 2025
أطباء بالقطاع العام في احتجاج سابق، المغرب، يناير 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشهد قطاع الصحة في المغرب توتراً متزايداً بسبب اتهامات النقابات للوزارة بعدم الوفاء بالتزاماتها، مما أدى إلى إضراب شامل في المستشفيات الحكومية باستثناء أقسام الطوارئ والإنعاش.
- تتضمن الاحتجاجات سلسلة من الإضرابات والوقفات، حيث يعتزم الأطباء تعليق الفحوصات والامتناع عن تسليم بعض الشهادات، مع تأكيد النقابة على أهمية الحوار الفعّال مع الحكومة.
- تطالب النقابة بتحسين النظام الوظيفي وزيادة الأجور، محذرة من عدم تفعيل النقاط المتفق عليها سابقاً، ومشددة على ضرورة الحوار الجاد لضمان استقرار القطاع الصحي.

يشهد قطاع الصحة في المغرب تصاعداً إضافياً في حدّة الاحتقان، وسط اتهامات توجّهها النقابات الصحية للوزارة الوصية على هذا القطاع بـ"عدم الوفاء" بالتزاماتها المتعلّقة بتحسين أوضاع العاملين فيه وحماية المكتسبات. وفي خطوة لافتة، سُجّلت حالة من الشلل في مستشفيات المغرب الحكومية، اليوم الأربعاء، وذلك على خلفية الإضراب الذي دعت إليه النقابات الصحية الموحّدة في "التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة"، احتجاجاً على "عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها وعدم الاستجابة للمطالبة العادلة والمشروعة لمهنيّي الصحة".

وبينما وجد المواطنون أنفسهم محرومين من العلاج، أفاد التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة بأنّ الإضراب في المغرب يأتي في ظلّ حالة من الاحتقان في القطاع، وهو "يعبّر عن السخط المتزايد لتأخّر تنفيذ الاتفاق الموقّع مع الحكومة". وكان التنسيق النقابي قد أفاد، في بيان أصدره أوّل من أمس، بأنّ "هذا الحراك جاء بعد نحو ستة أشهر من توقيع الاتفاق مع الحكومة (اتفاق 23 يوليو/ تموز 2024)، من دون تنفيذ بنوده، رغم منح وزير الصحة الجديد فترة كافية للاطلاع على الملفات ومواصلة النقاشات السابقة". وانتقد التنسيق ما وصفه بأنّه "تعامل سلبي للإدارة الجديدة مع قضايا العاملين"، مشيراً إلى أنّ ذلك يعكس "غياب الإدراك بأهمية الموارد البشرية بصفتها شريكاً أساسياً في أيّ إصلاح للمنظومة الصحية".

ويأتي إضراب اليوم، الذي يشمل كلّ المستشفيات الحكومية في المغرب مع استثناء أقسام الطوارئ والإنعاش فيها، عقب سلسلة من الاحتجاجات، بما في ذلك الإضرابات، التي نُظّمت في العام الماضي. ومن المزمع تصاعد الاحتقان في مواجهة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من خلال خوض أطباء القطاع العام على مدى ثلاثة أسابيع سلسلة إضرابات جديدة، وذلك في 21 و22 يناير/ كانون الثاني الجاري، ثمّ في الـ28 والـ29 والـ30 من الشهر نفسه، بالإضافة إلى "أسبوع غضب" من الثالث إلى التاسع من فبراير/ شباط المقبل، علماً أنّ الأمر يشمل وقفات احتجاجية وتعليق خدمات مختلفة. كذلك تتضمّن الخطوات الاحتجاجية، التي تأتي بدعوة من النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، تعليق كلّ الفحوصات الطبية في مراكز التشخيص ما بين الثالث والسابع من فبراير المقبل، والامتناع عن تسليم الشهادات الخاصة برخص قيادة المركبات وكلّ التقارير الطبية باستثناء تلك المرضيّة.

في هذا الإطار، قال الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام المنتظر العلويي لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ نقابته وجدت نفسها "مضطرة إلى الاحتجاج" على خلفية عدم احترام وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وكذلك الحكومة الاتفاقات المعقودة، ولا سيّما ما اتُّفق عليه في محضر الاتفاق الموقّع بتاريخ 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، بالإضافة إلى "المحضر الخاص بين نقابتنا ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية في نهاية يناير 2024". وأشار العلوي إلى أنّ نقابته "ترجّح دائماً كفّة الحوار، وتؤمن بأنّ الحوار الحقيقي يؤدّي إلى نتائج ملموسة"، مشدّداً على أنّهم واجهوا "عدم التزام حكومي بما جرى الاتفاق عليه، الأمر الذي جعلنا ندرك أنّ جلسات الحوار التي شاركنا فيها كانت فقط جلسات استماع في وقت نحتاج فيه إلى حوار حقيقي".

وحمّل المسؤول النقابي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والحكومة "مسؤولية الاحتقان ومسؤولية أيّ ضرر قد يلحق بالمواطنين من جرّاء الإضراب"، مبيّناً أنّ "الأطباء يحافظون في احتجاجاتهم على الحدّ الأدنى من الخدمات الطبية المقدّمة، تحديداً الإنعاش والطوارئ والمصالح الحيوية الأخرى، بعد أن وجدوا أنفسهم مضطرّين إلى هذه الخطوات الاحتجاجية في وقت ووجهت طلبات الحوار التي قدّموها إلى الوزارة بالتسويف والتأخير والتراجع عن الاتفاقات التي كان قد جرى التوصّل إليها". وأوضح العلوي أنّ "مطلبنا الأوّل في الوقت الراهن هو حوار حقيقي وجاد لا جلسات استماع؛ حوار بناء على قواعد جديدة تتضمّن مقاربة تشاركية حقيقية في كلّ مراحل صياغة القوانين والالتزام بالاتفاقات السابقة. وحتى ذلك الحين، لا يسعنا، بصفتنا نقابة، إلا الاستمرار في درب النضال، خصوصاً أنّ مسبّبات الاحتقان ما زالت قائمة".

وتشمل المطالب الحالية للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، إلى جانب إعادة فتح حوار جاد وحقيقي، تحسين النظام الأساسي للوظيفة العامة من أجل ضمان الحقوق المكتسبة، والحفاظ على المناصب المالية والرواتب المرتبطة بالميزانية العامة، وكذلك التراجع عن مشروع النظام الأساسي النموذجي والمراسيم المرفقة، واعتماد صياغة مشتركة، مع تفعيل النقاط العالقة منذ عام 2011 وفي مقدّمتها الدرجات فوق الإطار.

وحذّر العلوي، في حديثه إلى "العربي الجديد"، من عدم تفعيل النقاط المتّفق عليها سابقاً في الشقّ المادي، التي تنصّ على "إضافة درجتَين بعد خارج الإطار، وزيادة أجر الأطباء الثابت، ونقاش باقي النقاط العالقة ذات الأثر المادي، من ضمنها التعويض عن المسؤولية الطبية وزيادة التعويض عن التخصص وحلّ مشكلة التعويض عن تخصص طبّ الشغل، إلى جانب حلّ مشكلة المدرسة الوطنية للصحة العامة، وملاحظات أخرى تخصّ النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بخصوص النقاط المطلبية التي بقيت عالقة". تجدر الإشارة إلى أنّه لم يتسنَّ لـ"العربي الجديد" الحصول على تعليق من قبل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب بشأن الإضراب الجديد الذي ينظمه أطباء القطاع العام، على الرغم من المحاولات المتكرّرة اليوم الأربعاء.

المساهمون