قرى سيناء تنتظر إعادة الإعمار

قرى سيناء تنتظر إعادة الإعمار

12 يناير 2021
لم تعد الحياة إلى طبيعتها بعد بالنسبة لكثيرين (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

أنهى الجيش المصري سيطرة تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" على عدد من القرى بنطاق مدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، والتي استمرت لأشهر طويلة، ومنها قرى قاطية، وأقطية، والمريح، والجناين، ورابعة، والهميصة، وتفاحة، وقصرويت. وبعدما ترك التنظيم خلفه كثيراً من الدمار، نتيجة الاشتباكات مع قوات الجيش، وكذلك نتيجة القصف الجوي والمدفعي على هذه القرى، خسر عشرات المواطنين منازلهم ومزارعهم، والبنى التحتية كالمياه والكهرباء والاتصالات. في الوقت نفسه، ما زالت الإدارات الحكومية تتقاعس عن استكمال إجراءات تعويضهم، وإعادة إعمار ما دمّر بفعل آلة الحرب على مدار الأشهر الماضية، بما يعيد الحياة إلى طبيعتها في هذه القرى التي يصرّ أهلها على البقاء فيها، على الرغم من كلّ المخاطر الأمنية التي تحيط بهم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في هذا الإطار، يقول الحاج عيد سليمان، أحد مشايخ قرى جنوب بئر العبد، لـ"العربي الجديد" إنّ "بعض أجهزة الدولة ترى أنّ مهمتها تتلخص بإنهاء سيطرة التنظيم الإرهابي على قرانا، التي دافعنا عنها مع الجيش، وقدمنا من دماء أبنائنا على طريق تحريرها من الإرهاب، بينما يستمر الخراب الهائل الذي أصاب القرى نتيجة سيطرة داعش، ثم عمليات الجيش المصري، في السيطرة والتطهير، والتي كان جزء منها من دون مبرر، إذ استهدفت الغارات الجوية منازل مواطنين وبنى تحتية بعيدة عن يد التنظيم، كردّ فعل انتقامي على هجمات لداعش أوقعت خسائر بشرية ومادية في صفوف القوات". يتابع: "على الرغم من هذا الدمار، لم تتخذ الجهات الحكومية أيّ إجراء ملموس على أرض الواقع لتعويض المتضررين، وإعادة إعمار البنى التحتية الضرورية لاستمرار الحياة الطبيعية في القرى سابقة الذكر".
يضيف سليمان أنّ الأهالي، بجهود مقدرة من بعض الشخصيات في المنطقة، عملوا على إعادة خطوط الكهرباء والمياه والاتصالات بعد أسابيع طويلة من سيطرة الجيش على هذه القرى، وذلك كله بالحدّ الأدنى من الخدمة التي كانت متوفرة قبل حلول "داعش" هناك، بينما دور المحافظة والوزارات المختلفة كان مقتصراً على معاينة الضرر، وتسجيل تقارير به، من دون الاتجاه إلى تعويض المواطنين أو إصلاح الضرر، ما أجبر السكان على عيش مزيد من المعاناة فوق تلك التي تعرضوا لها خلال فترة سيطرة التنظيم، حتى أنّ المسؤولين الحكوميين لا يأتون على ذكر القرى المتضررة، ولم يفكروا بزيارتها طوال الفترة الماضية، للاطلاع على الوضع المأساوي فيها، ومؤازرة الأهالي في التغلب على الضرر الذي لحق بهم، وفقدانهم أبناءهم ومنازلهم ومصادر رزقهم، ما يشير إلى أنّ هناك تجاهلاً حكومياً رسمياً لمعاناة المواطنين، ليدفعوا فاتورة الإرهاب من البداية حتى النهاية كما جرت العادة على أرض سيناء.
يشار إلى أنّ تنظيم "داعش" فرض سيطرته على عدد من القرى في نطاق مدينة بئر العبد بدءاً من مارس/ آذار 2020 بعد مرور عامين على العملية العسكرية الشاملة التي كان يراد منها إنهاء وجود التنظيم بشمال سيناء. واستمرت السيطرة على القرى في ظل عدم اتجاه الجيش المصري لتحريرها إلا بعد هجوم دموي في يوليو/ تموز الماضي، على معسكر للجيش، وانتشار النبأ عبر الإعلام، ما أجبر القوات المسلحة على التحرك في اتجاه طرد التنظيم من القرى التي يسيطر عليها، وعلى مدار عدة أشهر تمكن من إعادة السيطرة على معظمها.

كوفيد-19
التحديثات الحية

في المقابل، يقول مسؤول حكومي بمحافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إنّ برنامج التعويضات المعمول به في المحافظة، يتعلق بمتضرري المنطقة العازلة في مدينة رفح شرق المحافظة، بينما لا يحظى المتضررون من عمليات الجيش المصري للتصدي لإرهاب "داعش" في مناطق بئر العبد، ببرنامج لتعويضهم في الوقت الحالي، على الأقل، لكن، في حال استمر ضغط المواطنين من خلال إيصال مناشدات ورسائل إلى المسؤولين، خصوصاً نواب سيناء، وقيادة عمليات الجيش المصري، فإنّه قد يتم إقرار تعويضات لهم، بحسب الأضرار التي رصدتها الفرق الفنية التابعة للمحافظة. يؤكد من جهة أخرى، أنّ مسألة التعويضات أكبر من قدرة المحافظة على الوفاء بها، إذ تحتاج إلى تدخل حكومي على أعلى المستويات كما حصل في تعويضات رفح.

ألواح صفيح وعشش
يقول مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء، إنّ كثيراً من منازل قرى بئر العبد لم يعد صالحاً للسكن، ما اضطر أصحابها لإكمال حياتهم، في ألواح صفيح وعشش بنوها إلى جوار منازلهم المدمرة، علماً أنّها لا تتناسب مع ظروف الشتاء القارس في المحافظة، مؤكداً أنّ هذا المشهد لا يخفى على أحد في سيناء، بمن فيهم المسؤولون.

المساهمون