استمع إلى الملخص
- يعبر المدرسون عن أملهم في صرف التعويضات واحتساب سنوات الخدمة، حيث استمر العديد منهم في العمل التربوي بطرق غير رسمية رغم التحديات، ويطمحون للمساهمة في تطوير المؤسسات التعليمية.
- يواجه المدرسون تحديات مثل استغلال غيابهم والاستيلاء على رواتبهم، ويعتبرون عودتهم استعادة للكرامة والحقوق، ويأملون في تنفيذ القرار سريعاً لتجنب عدم الاستقرار التعليمي.
أعلنت وزارة التنمية الإدارية السورية، الثلاثاء 15 إبريل/نيسان الماضي، القوائم الأولى لأسماء الموظفين المفصولين تعسفياً على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية، وذلك بعد استكمال دراسة ملفاتهم بهدف إنصافهم، وتضم القوائم آلاف المعلمين. ويأمل هؤلاء سد الفجوة القائمة في الكادر التعليمي بما لديهم من خبرات اكتسبوها خلال سنوات عملهم في مناطق ريف حمص الشمالي وشمال غربي سورية.
وقالت الوزارة، في بيان، إن "عدد المدرسين المقرّرة إعادتهم إلى عملهم يبلغ 14.646 مدرساً، ودعت المدرجين في القوائم إلى مراجعة مديريات التربية في المحافظات لاستكمال الإجراءات الإدارية اللازمة لعودتهم إلى العمل، وتسوية أوضاعهم وفق القوانين النافذة".
يقول المدرس محمد عبد الواحد، المنحدر من مدينة تلدو في ريف حمص الشمالي، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار عودة المدرسين المفصولين إلى عملهم يشكّل بارقة أمل بعد سنوات من المعاناة، ونأمل أن يشمل القرار صرف التعويضات واحتساب سنوات الخدمة أسوة ببقية الوزارات. في عام 2012، كنت من بين 22 مدرساً من أبناء تلدو فُصلوا ضمن 48 مدرساً في محافظة حمص، لكن الواجب المهني والوطني لم يثنِني عن العمل، فأسست مع رفاقي إدارة التربية الحرة خلال فترة وجودنا في ريف حمص الشمالي، ونظّمنا امتحانات للشهادتين الإعدادية والثانوية، وأنشأنا معهد إعداد المدرسين، واستمر عملنا حتى عام 2018، حين خرجنا قسراً من المنطقة".
يضيف عبد الواحد: "تفرّقنا بعد تهجيرنا إلى شمالي سورية، ولم تعد هناك جهة تربوية نتبع لها، فاندمجنا في المجتمع، والتحق بعضنا بمدارس خاصة، أو اتجهنا إلى أعمال أخرى، وبعد قرار عودة كل المفصولين إلى وظائفهم، نأمل أن يكون القرار منصفاً، وأن يعوّضنا عن سنوات الخدمة التي ضاعت، وأن يشمل صرف الرواتب المستحقة، وتعويضات التأمين الوظيفي والتقاعدي".
يتابع: "نريد أن نكون جزءاً من عملية بناء وتطوير المؤسسات التعليمية، فقد استكملت عملي التدريسي على مستوى المنطقة، وغيري عمل على مستوى الجامعات والمعاهد، وينبغي استثمار الكفاءات بدلاً من بقاء الفاسدين أو عديمي الكفاءة. نطمح للنهوض بالواقع التربوي من خلال التوجيه السليم، واستثمار الطاقات المؤهلة لبناء جيل يؤمن بالعلم ويملك أدوات المستقبل".
بدوره، كشف المدرس شادي الشبيب، المنحدر من منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب، لـ"العربي الجديد"، أنه تم فصله من عمله في عام 2013 بسبب مشاركته في الثورة، رغم أنه كان مُعيناً رسمياً، مشيراً إلى أن انتماءه إلى محافظة إدلب وموقفه المناهض للنظام كانا السبب وراء صدور قرار الفصل.
ويضيف الشبيب: "كان الفصل دافعاً لمواصلة النضال ضد نظام بشار الأسد المجرم، ورغم الظروف المعيشية القاسية، وحالة الحرب ضد الشعب، وعلمنا أن حياتنا معرّضة للخطر، لم تهتز ثقتي بالله، وكنت مؤمناً بأننا سننتصر في النهاية. التحقت بالثورة منذ بدايتها في عام 2011، وكنت من المشاركين في تأسيس قطاع التربية الحرة في محافظة إدلب، وحالي لا يختلف عن آلاف المفصولين الذين دفعوا ثمناً باهظاً لمواقفهم".
وتابع: "هناك من فصلهم النظام، ومن اعتُبروا مستقيلين قسراً، ومن تقاعدوا من دون حقوق، كما أن بعض موظفي المالية والأمن استغلوا غياب الموظفين المهجّرين للاستيلاء على رواتبهم، ولا يزال هناك مفصولون ومتقاعدون لم تُصرف رواتبهم، وهم بانتظار استكمال الإجراءات القانونية لاستعادتها. كان المدرسون من أكثر الفئات تعرّضاً للاضطهاد والإذلال من النظام، خصوصاً من ظل يعمل في مناطق سيطرته، وكانوا يعيشون الرعب في سبيل قبض رواتبهم، خاصة أولئك الذين يضطرون للسفر من مناطق المعارضة إلى مناطق النظام، فالغالبية العظمى من المعلمين تنتمي إلى الطبقة الفقيرة، وكان لفصلهم أثر كبير على معيشة أسرهم، واضطر كثيرون للعمل في مهن بسيطة لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم".
ويؤكد الشبيب أن "عودة المفصولين إلى عملهم بمثابة استعادة للكرامة والحقوق، وقد منحتهم أملاً جديداً لمواصلة الحياة، كما أن زيادة الرواتب شكّلت دعماً معنوياً ومادياً، ورسّخت الشعور بأن لنا قيمة في المجتمع، ودافعاً للمساهمة في بناء الوطن من جديد، وطن لا يُختزل في الحاكم، بل يبنى بسواعد أبنائه".
ويقول فاروق بكور فاعور، وهو أحد المعلمين المفصولين منذ عام 2012، إن قرار صرفهم من الخدمة وحرمانهم من حقوقهم كان قاسياً وظالماً، مؤكداً أن عودتهم إلى العمل أمر يبعث الأمل في نفوسهم بعد سنوات من التهميش والمعاناة. ويوضح لـ"العربي الجديد": "نتمنى أن يكون هناك اهتمام حقيقي بأوضاع المفصولين، فنحن لم نغادر بإرادتنا، بل تم طردنا، وحرصنا على مواصلة عملنا رغم الظروف الصعبة، لكن الدولة نظرت إلينا بوصفنا مذنبين. شخصياً أنوي العودة إلى العمل، فلم أتخلَّ يوماً عن مهنتي، وقبل فترة حاولت الانخراط في المجمع التربوي، والعمل من دون أجر، لكن طلب مني تقديم طلب نقل. في ذلك الوقت كنت أفتقر إلى رقم وظيفي في حكومة الإنقاذ، ما أدى إلى رفض طلبي".
يتابع فاعور: "لا نعلم حتى الآن إن كان قرار عودتنا إلى العمل سيدخل حيّز التنفيذ مع بداية العام الدراسي الجديد، أو في نهاية العام الحالي، ونأمل أن يتم تفعيل القرار في نهاية العام لإتاحة الفرصة أمام المفصولين كي يُعاملوا كأنهم على رأس عملهم. تأجيل تنفيذ القرار إلى بداية العام الدراسي القادم قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، ما ينعكس سلباً على العملية التعليمية ككل".