قداس الميلاد في كنائس العراق... متى يعود النازحون إلى منازلهم؟

قداس الميلاد في كنائس العراق... متى يعود النازحون إلى منازلهم؟

25 ديسمبر 2020
قداس الميلاد بكنيسة سيدة النجاة في بغداد (تويتر)
+ الخط -

كان الاحتفال بعيد الميلاد مختلفا هذا العام في مدينة الموصل، شمالي العراق، عن السنوات الثلاث التي أعقبت تحرير المدينة في منتصف 2016. وأقامت كنيسة البشارة، التي تعرضت لدمار واسع خلال سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، قداس الميلاد، الجمعة، بحضور عشرات من الأهالي المسيحيين، كما حضر عدد من المسلمين كما جرت العادة منذ عقود ضمن تبادل المشاركة بالاحتفالات والأعياد.

حتى الآن، لم يعد من العراقيين المسيحيين سوى عشرات من العائلات من بين آلاف الأشخاص الذين غادروا المدينة بعد سيطرة داعش. ورغم مرور ثلاث سنوات على تحرير المدينة، إلا أن ضعف الأمن، وسيطرة المليشيات المسلحة، فضلا عن الدمار الواسع للمنازل والممتلكات من بين الأسباب التي تمنع اكتمال عودة سكان سهل نينوى الذي كان معروفا بالغالبية العربية المسيحية.
وقرعت أجراس كنائس الموصل، مساء أمس، وصباح اليوم، في مشهد ذكر السكان بـ"أيام الخير والأمن"، في إشارة إلى ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق، وما سببه من هجرات للأقليات. وشارك عشرات الأشخاص في تزيين شجرة ميلاد ضخمة نصبت في وسط المدينة.

كل عام وانتم بخير من كنيسة البشارة في الموصل اليوم قداس العيد🌹❤🌹

Posted by ‎غزوان فوزي النقاش‎ on Friday, 25 December 2020

وقال الشماس صباح توما، الذي قدم من دهوك للمشاركة في القداس، لـ"العربي الجديد"، إن "الموصل تتعافى تدريجيا، ولو كان ذلك ببطء، وعلامة التعافي هي عودة المدينة إلى احتضان الديانات والثقافات المتنوعة كما كانت"، مطالبا الحكومة بتصحيح المعادلة الأمنية في المدينة، "فما سبب وجود كل هذه الأعداد من المليشيات رغم وجود الجيش والشرطة وأجهزة أمنية أخرى؟".
وشهدت كنيسة مار كوركيس في سهل نينوى، القداس الأول منذ تحرير المنطقة من تنظيم "داعش"، وحضره مسؤولون محليون وقادة أمنيون في محاولة لإرسال رسائل طمأنة للسكان. وقالت سلمى مبارك، التي عادت قبل أشهر إلى منزلها في محلة باب حلب بالموصل، بعد ترميمه على نفقتها الخاصة، إن "العيد الحقيقي هو عودة كل الجيران والأقرباء إلى حيث ولدوا وعاشوا".


وأضافت في حديث لـ"العربي الجديد": "صلينا اليوم، ودعونا الله أن يحفظ العراق وأهله، وأن يعود الأمن، ويختفي العنف والحزن، فقد تعب الجميع"، معتبرة أن "عدم عودة آلاف المسيحيين إلى منازلهم رغم التحرير أبرز أسبابه تنصل الحكومة من دفع التعويضات، واستمرار وجود جماعات مسلحة تهدد الأمن".

من جانبه، أعرب قائد شرطة نينوى العميد ليث الحمداني، أثناء حضوره القداس، عن أمنياته بعودة المسيحيين إلى الموصل في أقرب وقت، مضيفا للصحافيين: "المسيحيون جزء أساسي من المجتمع في المحافظة، ولا يمكن الاستغناء عنهم".
وأمس، الخميس، شارك رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والمبعوثة الخاصة للأمم المتحدة جنين بلاسخارت، في قداس الميلاد بكنيسة سيدة النجاة في وسط العاصمة بغداد، والذي حضره المئات، وكانت لافتة مشاركة سياسيين وقيادات أحزاب نافذة في السلطة بالمراسم التي أقامتها كنائس عدة في بغداد، ما اعتبر رسائل سياسية.

 وقال المحلل السياسي العراقي أحمد النعيمي إن "فقدان صفة التنوع الديني والثقافي يحرم العراق من تميزه عن بقية دول الإقليم، وهو ما بات يدركه عدد من الساسة الذين ساهموا بعد 2003 في محاربة هذا التنوع"، وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أولى الخطوات لتصحيح المعادلة يجب أن تبدأ من وقف الاستيلاء القسري على منازل من هاجروا من المسيحيين والصابئة والأيزيديين والأرمن وغيرهم من الأقليات الدينية، ثم وقف السطوة الدينية للمليشيات ومنعها من التدخل في حياة الناس، من قبيل تفجير متاجر الكحول، وفرض عادات وأنماط تخالف معتقدات الناس وثقافتهم".

المساهمون