استمع إلى الملخص
- استهدفت الناشطتان قبر داروين لمكانته العلمية، مؤكدتين دعمه لو كان حيًا، وحذرتا من فقدان كل شيء إذا لم يتم الحد من نفوذ الشركات الكبرى.
- أصدرت كنيسة ويستمنستر بيانًا حول تنظيف القبر، واعتقلت الشرطة السيدتين بتهمة إلحاق أضرار جنائية، وسط تساؤلات حول فعالية الاحتجاجات.
شهدت كنيسة ويستمنستر في لندن حادثة لافتة، في شهر يناير/ كتانون الثاني المنصرم، إذ أقدمت ناشطتان من جماعة Just Stop Oil على كتابة عبارة 1.5 Is Dead على قبر العالم البريطاني الشهير تشارلز داروين باستخدام طلاء رش برتقالي. أثار هذا الفعل اهتماماً واسعاً، ليس بسبب استهداف قبر داروين فحسب، بل لرمزية المكان وما حمله هذا الاحتجاج من رسالة قوية حول أزمة المناخ وتجاهل الحكومات لتحذيرات العلماء.
تشير العبارة المكتوبة 1.5 Is Dead إلى تقارير حديثة أكدت تجاوز درجة الحرارة العالمية في عام 2024 عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. هذا الحد هو الذي اتُّفق عليه في اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 حداً آمناً لتجنب أسوأ كوارث المناخ. قالت إحدى الناشطتين المشاركتين في هذا الاحتجاج إن العالم قد تجاوز العتبة التي كان يفترض أن تبقينا في أمان. أردفت متهكمة: "لا بد أن داروين يتقلب في قبره الآن، فهو يعلم بالتأكيد أننا نعيش في خضم الانقراض الجماعي السادس".
🚨 BREAKING: JUST STOP OIL PAINT CHARLES DARWIN'S GRAVE
— Just Stop Oil (@JustStop_Oil) January 13, 2025
🔥 This action follows the news on Friday that the world has smashed through the "safe" 1.5 degrees of warming limit agreed by world leaders.
☠️ 1.5 is dead. What will you do next? https://t.co/2pIZ8Kl0DF pic.twitter.com/MaHEfCqHIE
الناشطتان المشاركتان في الاحتجاج هما أليسون لي (66 عاماً)، وهي مساعدة تعليمية متقاعدة. أما زميلتها دي بليغ (77 عاماً)، فهي مديرة تنفيذية سابقة في مجلس مدينة ريدينغ الواقعة في جنوب شرق إنكلترا. وقد أكدت السيدتان أنهما استهدفتا قبر داروين تحديداً بسبب مكانة صاحبه، وقالتا إنهما تؤمنان بأنه لو كان على قيد الحياة، لكان يدعم احتجاجهما ضد الحكومات لعدم التزامها بالعلم وتجاهلها التغير المناخي. وفي مقطع الفيديو الذي نشرته مجموعة Just Stop Oil على الإنترنت، ظهرت دي بليغ وهي ترفع صوتها محذرة "نحن على وشك فقدان كل شيء إذا لم نعمل معاً للحد من نفوذ الشركات الكبرى التي تدفع العالم إلى حافة الكارثة... لقد تجاوزنا بالفعل عتبة 1.5 درجة التي كان من المفترض أن تبقينا آمنين. يُهجّر الملايين من أماكنهم الآن، وتندلع الحرائق في كل مكان، كما أن ثلاثة أرباع الحياة البرية اختفت منذ سبعينيات القرن العشرين".
من جانبها، أصدرت كنيسة ويستمنستر بياناً أعلنت فيه أنها بدأت فوراً تنظيف القبر، وأكدت أن الضرر لم يكن جسيماً. قال متحدث باسم الكنيسة إن الموقع مفتوح للزيارة كالمعتاد. وأكدت شرطة العاصمة أنها ألقت القبض على السيدتين بتهمة إلحاق أضرار جنائية، ومن المقرر مثولهما أمام المحكمة في منتصف فبراير/شباط المقبل.
وتُعرف جماعة Just Stop Oil بأساليبها الاحتجاجية اللافتة التي تستهدف مواقع بارزة لإثارة الانتباه إلى أزمة المناخ. وسبق للجماعة تنظيم احتجاجات في أماكن شهيرة، مثل المعرض الوطني في لندن، وغيره من الأماكن الأخرى ذات الطابع التاريخي والثقافي. ومنذ تأسيسها عام 2022، اعتُقل أكثر من 3000 شخص من أعضاء الجماعة خلال احتجاجاتهم المختلفة. وعلى الرغم من أن احتجاجاتهم لا تسبب عادةً أضراراً دائمة، إلا أنها تثير انقساماً بين من يرونها ضرورية لتسليط الضوء على القضية المناخية، ومن ينتقدون استهدافها لمواقع تاريخية وثقافية.
وقد تزامن هذا الاحتجاج مع تحذيرات العلماء من أن العالم قد تجاوز نقطة اللاعودة. فوفقاً لوكالة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة المناخ، كان عام 2024 العام الأكثر حرارة على الإطلاق، باستثناء أستراليا والقارة القطبية الجنوبية. يطالب الناشطون الحكومة البريطانية بالتخلص من الوقود الأحفوري بحلول عام 2030. ويتخوف النشطاء من أن خطط الحكومات الحالية قد تؤدي إلى زيادة درجات الحرارة بأكثر من ثلاث درجات مئوية، وهو الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى نتائج كارثية.
دُفن تشارلز داروين (1809 - 1882) في زاوية العلماء في ويستمنستر، إلى جانب أسماء بارزة مثل إسحق نيوتن وستيفن هوكينغ. وعلى الرغم من مرور نحو قرن ونصف على رحيله، يظل داروين رمزاً للعلم، ما يجعل قبره موقعاً "مناسباً" لاحتجاج كهذا. وقد أعاد هذا الاحتجاج الضوء إلى أزمة المناخ وضرورة العمل الجماعي لمواجهتها. ومع الجدل حول أساليب Just Stop Oil، يبقى السؤال الأهم: هل ستدفع هذه الاحتجاجات الحكومات إلى التحرك أم أننا قد تجاوزنا بالفعل نقطة اللاعودة وأن الكارثة ستستمر في التفاقم؟