قانون الأسرة... برلمان مصر يربط أي تعديل بالأزهر

قانون الأسرة... برلمان مصر يربط أي تعديل بالأزهر

27 مايو 2022
اعتراض الأزهر جمّد مشروع قانون الأسرة الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان (إسلام صفوت/ Getty)
+ الخط -

أبلغت مصادر في مجلس النواب المصري "العربي الجديد" أن رئيسه حنفي جبالي، اجتمع، على هامش جلسات الدورة الحالية للبرلمان التي تستمر حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، مع رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون التشريعية، إبراهيم الهنيدي، ورئيس لجنة التضامن الاجتماعي عبد الهادي القصبي، وطالبهما بنقل تعليمات إلى أعضاء اللجنتين بعدم التحدث لوسائل الإعلام عن أي اقتراحات لتعديل قانون الأحوال الشخصية (الأسرة)، حتى انتهاء الدورة.
ونقلت المصادر عن جبالي قوله للهنيدي والقصبي: "لا مجال لمناقشة أي تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية، خلال الفترة الباقية من الدورة البرلمانية، بسبب انشغال لجان البرلمان بمناقشة بنود الميزانية الجديدة للدولة، تمهيداً لاعتمادها قبل بدء العام المالي في الأول من يوليو (تموز) المقبل". وكشفت أن جبالي رفض مناقشة التعديلات على قانون الأسرة إلا بعد أخذ رأي الأزهر الشريف، وإعلان موافقته على اقتراحات التعديل بعد منح رأيه الشرعي الخاص بحذف اقتراحات، أو إضافة أخرى أو إجراء تعديلات عليها، في ضوء التزام مجلس النواب المادتين الثانية والسابعة من الدستور، وتمسكه بتجنب الصدام مع المؤسسة الدينية الأهم في البلاد.
وتنص المادة الثانية من الدستور المصري على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، فيما تخوّل المادة السابعة الأزهر الإشراف على كل جوانب التشريع، "لكونه المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم".

رؤية المجلس القومي للمرأة
وأشارت المصادر إلى أن "جبالي أوضح أيضاً أن رؤية المجلس القومي للمرأة حول تعديل قانون الأسرة ستؤخذ في الاعتبار خلال مناقشة القانون المرجحة نهاية العام الجاري، شرط أن يعلن الأزهر موقفه الصريح منها". ونقلت عنه قوله: "ليس الأزهر الشريف جهة تشريعية، لكن القانون يرتبط بمبادئ الشريعة الإسلامية، ويخشى الطعن بعدم دستورية أحد مواده إن خالفت هذه المبادئ".
وتتضمن رؤية "المجلس القومي للمرأة" نقاطاً كثيرة مثيرة للجدل تميل غالبيتها لمصلحة حقوق النساء، ومنها "الحق في الكد والسعاية، واستقلال الذمة المالية للزوجين، والتحقق من موافقة الزوجة الأولى على الزواج الثاني لرجلها، ومنح الولاية للمرأة الراشدة بحسب اختيارها ومصلحتها، بما يشمل عقد زواجها بنفسها".
كذلك عرضت هذه الرؤية "لإمكان كشف الحسابات المصرفية للزوج، وضمان الحقوق المالية للمرأة في المتعة والمؤخر، وعدم سقوط حضانة الأبناء بالنسبة إلى الأرمل أو الأرملة، وإلغاء أحكام الطاعة التي تمنح الزوج حق رفع دعوى".
وتحدثت المصادر البرلمانية نفسها عن أن "تجميد مشروع قانون الأسرة الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان في فبراير/ شباط 2021، يعود إلى اعتراض الأزهر على الكثير من مواده، ولا سيما تلك المتعلقة بتنظيم الخطبة، وعقد الزواج وآثاره وأحكامه، والطلاق والنفقة والحضانة، لكن مواضيعه طُرحت مجدداً للنقاش بعدما قدم نواب اقتراحات لتعديل القانون، إثر عرض مسلسل "فاتن أمل حربي" خلال شهر رمضان الأخير".

وأثار المسلسل الذي أدت الممثلة نيللي كريم دور بطلته، جدلاً كبيراً خلال عرضه، باعتباره يدين تشريعات مصرية خاصة بالمرأة المعيلة، وحقوقها بعد الطلاق، ما رفع سقف التوقعات لدى البعض بإمكان تغيير بعض القوانين، وهو ما حصل بعد عرض فيلم "أريد حلاً" للممثلة الراحلة فاتن حمامة دور البطولة فيه عام 1979، حين جرى تعديل قانون الأحوال الشخصية.

السيسي والأزهر
وفي مداخلة هاتفية مع قناة "صدى البلد" في 10 مايو/ أيار الجاري، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن "المرأة المصرية مظلومة، وقضايا الأحوال الشخصية من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع، وتؤثر بمستقبله في شكل أو آخر". وجدد دعوته إلى إعداد تشريع جديد للأحوال الشخصية "يُلزم الجميع بحل قضايا الأسرة، وذلك بمشاركة الحكومة والبرلمان والأزهر وكل مؤسسات المجتمع، من أجل الوصول إلى قانون متزن وعادل يراعي مصالح الجميع".

يعجز القضاء المصري عن إصلاح الخلافات في بعض الدعاوى (الأناضول)
يعجز القضاء المصري عن إصلاح الخلافات في بعض الدعاوى (الأناضول)

وسبق ذلك قول السيسي في 11 سبتمبر/ أيلول 2021 "إنه تجنب الصدام مع مؤسسة الأزهر بعدما رفضت طلبه عدم اعتماد الطلاق الشفهي في حال عدم توثيقه". وأضاف: "تحدثت كثيراً عن تجديد الخطاب الديني، ورفضت التمسك برأيي في مواجهة المؤسسة التي عارضته، وتعمدت شخصياً ترك الموضوع يتفاعل في المجتمع لمنع الصدام، واحترام منطق الزمن والتغيير".
وتكشف إحصاءات أصدرها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وهو هيئة حكومية، وجود أكثر من مليون قضية للأحوال الشخصية أمام المحاكم التي لم تفصل فيها، في وقت تجاوز عدد حالات الطلاق 222 ألفاً خلال عام 2020 مقابل 876 ألف حالة زواج، أي بنسبة تجاوزت 25 في المائة.

مشروع الحكومة
وينص مشروع القانون الذين أعدته الحكومة على "منح المرأة التي تزوج زوجها عليها حق طلب الطلاق منه إذا لحق بها ضرر مادي أو معنوي يمنع استمرار العشرة بينهما، حتى في حال لم تشترط في العقد ألا يتزوج عليها. وللزوجة الجديدة أن تطلب الطلاق إذا لم تعلم بأنه متزوج من أخرى، ثم تبين العكس. وإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة".

ولحظ مشروع القانون أيضاً تقديم حضانة الأب إلى المرتبة الرابعة (بعد الأم ووالدة الأم ووالدة الأب)، وتوقيع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، ودفع غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (2700 دولار)، ولا تزيد على 200 ألف جنيه (أكثر من 10,800 دولار) لكل زوج أو شخص شارك في زواج طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، والحكم على المأذون أو الموثق بالعزل.
وفي مواجهة ظاهرة السفر مع الأطفال إلى الخارج، أفضى مشروع القانون بـ "عدم جواز تغيير اسم المحضون أو سفره إلى خارج البلاد بمفرده، أو برفقة الحاضن، إلا بناءً على موافقة موثقة من الوالدين". وحدد انتهاء حق الحضانة بـ "بلوغ الصغير سن الـ 15، حين يخيره القاضي بالبقاء مع الحاضن من دون أجر حضانته (إذا كان الحاضن امرأة)، حتى يبلغ سن الرشد أو الزواج".

المساهمون