استمع إلى الملخص
- أصبحت حقن التنحيف شائعة في تونس، حيث يلجأ العديد إلى مراكز غير مرخصة، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر هذه الحقن المزيفة التي تحتوي على مكونات ضارة.
- يؤكد الخبراء على خطورة استخدام حقن التنحيف من قبل غير المتخصصين، مشددين على أهمية التحقق من كفاءة مقدمي خدمات التجميل الطبي لتجنب المخاطر الصحية.
تتردد التونسية سعاد (42 سنة)، على عيادة طبيب متخصص في الأمراض الجلدية لمعالجة تورمات والتهابات في مناطق متفرقة من جسمها نتجت عن تلقيها حقن تنحيف في أحد مراكز المساعدة على فقدان الوزن.
وتقول الشابة التونسية إنها كانت تتردد على المركز للتخلص من دهون متراكمة في منطقتي البطن والأرداف عن طريق التدليك اليدوي وبعض الآلات التي تستعمل للمساعدة على تفتيت الشحوم، قبل أن تتعرف إلى حقن التنحيف في المركز ذاته، باعتبارها الحل السريع، وإنها اقتنعت باستخدامها حلاً بعد مشاهدة مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتم حقن منطقتي البطن والذقن من قبل إحدى العاملات في المركز التي تم تقديمها لها باعتبارها متخصصة في حقن إذابة الدهون.
تضيف سعاد: "شعرت بعد الحصول على الحقن بتورم في المناطق التي جرى حقنها، غير أن متخصصة المركز طمأنتني، مؤكدة أن الأمر طبيعي، ثم تعكرت صحتي لاحقاً، وتعرضت لالتهابات شديدة اضطرتني إلى التردد على طبيب للأمراض الجلدية لمساعدتي على الشفاء من آثار الالتهابات الناجمة عن عملية الحقن. رجّح الطبيب المتخصص أن تكون الأعراض التي شعرت بها ناجمة عن خطأ في طريقة الحقن، أو بسبب نوعية المادة المحقونة، والتي لا أعرف عنها أي شيء سوى أنها فعالة وسريعة في إذابة الدهون".
وتحولت "إبر التنحيف" إلى ظاهرة في تونس بحثاً عن الوزن المثالي، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر نتيجة إقبال العديد من الراغبين في التخلص من الدهون على مراكز غير مرخصة، أو لا تلتزم الشروط الطبية. وشكّلت وسائل التواصل الاجتماعي فضاء مناسباً لتسويق حقن التنحيف باعتبارها حلاً سحرياً لإذابة الدهون، رغم تحذيرات طبية من مخاطر استعمالها من قبل غير المتخصصين.
في يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيراً لمواطني عدة دول بضرورة تجنب حقن تنحيف مزيفة تم اكتشافها، وأنها قد تكون قاتلة. واكتشفت منظمة الصحة تك الحقن في عدة دول، أبرزها المملكة المتحدة والولايات المتحدة والبرازيل، وقالت إنه "يتم توفير هذه الحقن في سلسلة التوريد المنظمة، ما يعني من قبل عيادات أو أطباء. هذه المنتجات المزيفة تحتوي على مكونات ضارة، ما يعرض حياة مستخدميها للخطر". ودعت المنظمة الأممية الجهات التنظيمية إلى بذل العناية بشأن مصادرة دفعات من حقن "أوزيمبيك" وغيرها من حقن إنقاص الوزن.
بدوره، يؤكد الرئيس السابق للجمعية التونسية لأطباء التجميل نبيل الجلازي وجود مخاطر عالية من استعمال حقن التنحيف من قبل غير المتخصصين، معتبراً أن "فوضى الدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي تتسبب في وجود ضحايا لهذه الحقن التي يفترض أن تستخدم وفق بروتوكولات طبية صارمة".
وأوضح الجلازي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "استعمال حقن التنحيف كان إلى حدود التسعينيات مقتصراً على الأغراض الطبية والمساعدة على إزالة تكتلات دهنية على أثر تدخلات جراحية، قبل أن يتوسع استعمالها لأغراض تجميلية. فوضى الممارسات التجميلية خارج الإطار الطبي باتت تشكل خطراً على صحة المواطنين بسبب استعمال أدوية وحقن غير خاضعة للمراقبة، ومن قبل غير متخصصين، فالحَقن هو اختصاص طبي بحت، ولا يمكن ممارسته إلا من قبل طبيب حاصل على شهادة في الطب، ومسجل لدى هيئة عمادة الأطباء".
يضيف: "قد تُظهر الدعاية جدوى سريعة لحقن التنحيف في إذابة الشحوم، غير أن المضاعفات التي قد تنتج عنها في حال حقنها من قبل غير المتخصصين خطيرة على الصحة العامة. هناك حقن تخسيس يتم تداولها خارج الإطار الرسمي، ولا تخضع للمراقبة من قبل إدارة الدواء والصيدلة التابعة لوزارة الصحة، وهذه الحقن تدخل في إطار ما يعرف بتجارة الشنطة. المواطن مسؤول عن الحفاظ على صحته، وتجنّب الوقوع في شرك الدعاية المضللة، والاختصاصات الطبية واضحة، ولا يمكن لأي كان ممارستها. طب التجميل أصبح اختصاصاً طبياً قائماً بذاته في تونس منذ عام 2023، ويمكن التأكد من قائمة المتخصصين لدى هيئة الأطباء".
وتسجل تونس سنوياً نحو 500 شكوى متّصلة بشبهة أخطاء طبية تتعلق بتدخلات جراحية في اختصاصات مختلفة، من بينها التدخلات التجميلية. ويقول رئيس الجمعية التونسية لإعانة المتضررين من الأخطاء الطبية عصام العامي، لـ"العربي الجديد"، إن "المسؤولية لا تقع فقط على مقدمي خدمات التجميل، بل يتعين على المواطنين حماية أنفسهم بعدم الانسياق وراء الدعايات المضللة والأسعار الرخيصة، وتحري كفاءة مقدمي خدمات التجميل الطبي".