فنلندا قلقة من انتشار مخدر الزومبي في الجثث والصرف الصحي

20 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 12:06 (توقيت القدس)
خطر المخدرات كبير في فنلندا، 30 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه فنلندا تحدياً متزايداً بسبب انتشار مخدر "فلاكا" الاصطناعي، المعروف بتأثيراته القوية على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى سلوكيات حادة مثل النشوة الشديدة والهلوسة. سجلت الشرطة الفنلندية أكثر من 350 حالة ضبط في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.

- أكدت وزيرة الداخلية الفنلندية، ماري رانتانين، أن "فلاكا" يمثل تهديداً شاملاً للمجتمع، داعية إلى تكاتف مؤسسات الدولة وتعزيز صلاحيات الشرطة لمكافحة العصابات المنظمة وتوفير العلاج للمدمنين.

- تشير البيانات إلى أن نحو 30% من البالغين في فنلندا جربوا المخدرات غير القانونية مرة واحدة على الأقل، وسُجلت 310 وفيات مرتبطة بتعاطي المخدرات في 2023، مما يثير قلقاً واسعاً.

تعيش فنلندا في قلق متصاعد من الانتشار السريع لمخدر "فلاكا" الاصطناعي الخطير الذي زاد اكتشافه في تشريح الجثث وعينات مياه الصرف الصحي في العاصمة هلسنكي، ما دفع السلطات إلى دق ناقوس الخطر واعتباره تهديداً حقيقياً للمجتمع.

الاسم العلمي لمادة "فلاكا" المخدرة هو "ألفا بي في بي" التي تنتمي إلى مجموعة تركيبات اصطناعية قريبة كيميائياً من "الأمفيتامين" و"الميفيدرون". وتُعرف بقدرتها على تحفيز الجهاز العصبي المركزي بشدة، وتُوصف شعبياً بأنها "مخدر الزومبي" بسبب التأثيرات السلوكية الحادّة التي تخلّفها على المتعاطين، منها النشوة الشديدة والهلوسة. وتتوفر المادة غالباً في شكل مسحوق أبيض أو أصفر يُستنشق أو يُبتلع، وأحياناً يُحقن. وقد تأتي أيضاً في شكل كبسولات أو أقراص.

ووصفت وزيرة الداخلية الفنلندية ماري رانتانين التي تنتمي إلى حزب "الفنلنديون الحقيقيون" اليميني المتشدد، مخدر "فلاكا" بأنه "ليس مجرد خطر على الأفراد، بل تهديد شامل للمجتمع". وأكدت أنه حلّ بدلاً من "الأمفيتامين" في بعض مناطق هلسنكي، و"التحدي يتجاوز قدرة الشرطة أو الرعاية الاجتماعية وحدها، ويجب أن تتكاتف مؤسسات الدولة كلها لمواجهته، وتتعزز صلاحيات الشرطة لتكثيف جهود ضد العصابات المنظمة، كما من المهم توفير علاج ودعم للمدمنين الراغبين في ترك عالمهم المظلم والحزين".

ولاحظ المعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية ارتفاعاً حادّاً في عدد حالات تعاطي مخدر "فلاكا"، سواء من خلال تحاليل الصرف الصحي أو تقارير تشريح الجثث. وفي الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، سجلت الشرطة الفنلندية أكثر من 350 حالة ضبط لهذه المادة، أي ثمانية أضعاف ما ضُبِط خلال الفترة نفسها من العام الماضي. ولم تتردد وسائل إعلام محلية  في التحدث عن "وباء مخدرات جديد".

وبحسب السلطات الصحية في فنلندا والدنمارك، يؤدي تعاطي فلاكا إلى النشوة واليقظة المفرطة، وفقدان الشهية، وتسارع الأفكار والكلام، والأرق والقلق والانفعال الحادّ، وتوسع حدقة العين. وعند زوال التأثير تظهر أعراض انسحاب واكتئاب حادة، ما يدفع المتعاطي إلى تكرار الاستخدام لتجنّب الانتكاس.

وتُواجه فنلندا التي يبلغ عدد سكانها 5.6 ملايين، تحدياً متنامياً على صعيد تعاطي المخدرات، وسط مؤشرات مقلقة أبرزها انتشار مخدرات مُصنّعة محلياً، مثل "فلاكا". وتشير بيانات المعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية إلى أن نحو 30% من البالغين جربوا المخدرات غير القانونية مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وتحدثت عن انتشار واضح لمادة القنب و"الأمفيتامين"، في حين قدَّرت عدد متعاطي المخدرات ذوي المخاطر العالية في البلاد بنحو 44 ألفاً يمثلون نحو 1.2% من السكان في الفئة العمرية بين 15 و64 عاماً.

وسُجِّلت خلال عام 2023 نحو 310 وفيات مرتبطة بتعاطي المخدرات، منها 91 لشبان دون الـ 25، وهو رقم قياسي لم تشهده فنلندا سابقاً، كما رصدت الشرطة أكثر من 26 ألف جريمة مخدرات خلال العام نفسه.

ويثير هذا الوضع قلقاً واسعاً، خصوصاً أن فنلندا تُعد من بين أكثر دول العالم تقدماً في مجالات الرفاه الاجتماعي والتعليم والرعاية الصحية، ما يسلّط الضوء على أن مشكلة الإدمان لا تستثني حتى أكثر المجتمعات استقراراً وتنظيماً.

وأثار انتشار مخدر "فلاكا" في فنلندا قلقاً في الدنمارك أيضاً. وأكدت هيئة الصحة الدنماركية أنها ترصد التطورات بالتعاون مع الشرطة والجمارك ومعاهد الطب الشرعي. ووفقاً لتقارير سُجلت حالتان فقط لتناول "فلاكا" في الدنمارك هذا العام، لكن السلطات تعتقد بأن عدداً غير معروف من الحالات لم تُسجل.

ومع انتشار أنواع مخدرات رخيصة وشديدة التأثير، ترى السلطات الفنلندية أن المواجهة لا يمكن أن تكون أمنية فقط، بل يجب أن تشمل استراتيجية وقائية شاملة تجمع بين الرصد والمكافحة والتأهيل. وقالت رانتانين: "نحتاج إلى فعل كل ما في وسعنا قبل أن يترسخ هذا الخطر في نسيج المجتمع".

المساهمون