فلسطين: تجاوزات تتطلب تحقيقاً جنائياً في تبادل اللقاحات مع الاحتلال

فلسطين: تجاوزات تتطلب تحقيقاً جنائياً في صفقة تبادل اللقاحات مع الاحتلال

07 يوليو 2021
رئيس الحكومة الفلسطينية مع وزيرة الصحة (وزارة الصحة)
+ الخط -

رغم مرور أسبوعين على تشكيل اللجنة الفلسطينية المستقلة لتقصي الحقائق في قضية "صفقة تبادل اللقاحات" مع الاحتلال الإسرائيلي، لم يكشف تقرير اللجنة، الذي صدر أمس الثلاثاء، عن هوية الأشخاص المسؤولين عن الصفقة، وما إن كانوا سيقدمون للنائب العام على خلفية قضية فساد، رغم الكشف عن وجود مخالفات، وتقصير، وضعف في المتابعة والتنسيق من قبل مستويات سياسية وإدارية عدة.
وسلمت اللجنة تقريرها النهائي إلى رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، وأوصت بضرورة أن تكون هناك محاسبة لجميع من قصّر أو أهمل، أو لم يقم بما تتطلبه مهامه الوظيفية، وأن يتم استخلاص العبر من أجل تلافي الأخطاء التي أشار إليها التقرير، وأكدت أن "التقرير ليس بديلاً عن أية تحقيقات جنائية، أو تحقيقات إدارية قد تقوم بها الجهات المختصة".
وقال مدير الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، عصام الحج حسين، لـ"العربي الجديد": "اطلعنا على تقرير اللجنة، وكان واضحًا وجود تجاوزات على عدة مستويات سياسية وإدارية وفنية، وهناك تجاوزات تتطلب تحقيقاً جنائياً، ويجب العمل على مساءلة ومحاسبة المتجاوزين. لم تكن هناك حاجة ملحّة للاستعجال في إبرام الاتفاقية بطريقة سرية، فمن المستفيد؟ كما أن عدم تمرير الاتفاقية ضمن الخط المتبع يثير الشكوك حولها، وهنا تقع المسؤولية على عاتق الحكومة".
وأوضح حسين: "وصول المعلومات بشأن الاتفاقية من جانب الاحتلال جاء نتيجة تغييب المواطن الفلسطيني، وضعف الشفافية، وهو أمر يؤدي إلى إشكاليات خطيرة في إدارة الشأن العام، بالتزامن مع عدم اشتراك المؤسسات في بلورة القرارات، أو الاستماع للخبراء المحليين. التجاوزات الخطيرة تضع الحكومة أمام اختبار إن كانت لديها جدية في معاقبة المتجاوزين. وقرارات الحكومة في هذا الشأن ستؤثر على ثقة المواطن، ويجب أن يحوّل كل من تورط مباشرة إلى التحقيق أمام النائب العام وهيئة مكافحة الفساد".
وأكد ائتلاف "أمان"، في بيان، أن التقرير "يشير بشكل واضح إلى وجوب إخضاع كافة الجهات السياسية والفنية المرتبطة بهذه الصفقة للمساءلة والمحاسبة على الإهمال، وضعف المتابعة في اتخاذ إجراءات العناية الواجبة لسلامة مثل هذه الصفقات، وتحديداً وزيرة الصحة، ومسؤول ملف كورونا، ومنسق ملف الصحة مع الجانب الإسرائيلي. وعلى هيئة مكافحة الفساد والنائب العام تحمّل مسؤولياتهما بمباشرة إجراء التحقيقات اللازمة فوراً".

بدوره، قال المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب، لـ"العربي الجديد": "لجنة تقصّي الحقائق وضعت مجموعة من الحقائق، وحددت مسؤوليات الأطراف، وأوضحت أين تهاون كل طرف، سواء فنيًا أو قانونيًا، وهنا تبدأ مسؤولية مجلس الوزراء في القيام بواجب المساءلة والمحاسبة لجميع الأطراف التي قصرت، وأن يحيل القضايا الجنائية، أو التي بها شبهات فساد، إلى جهات الاختصاص".

وتابع: "هناك أمران أساسيان يتعلقان بتقرير لجنة تقصي الحقائق، أولهما يتعلق بقضايا جنائية تتطلب تدخّل النائب العام، وإذا انطوت عليها شبهات فساد ينبغي تدخّل هيئة مكافحة الفساد. أما الأمر الثاني، فهو قضايا إدارية، وهنا يجب أن يطبق قانون الخدمة المدنية، وتشكيل لجنة تحقيق إدارية للوقوف على جوانب القصور. أعتقد أنه في حال لم يأخذ مجلس الوزراء بتوصيات تقرير اللجنة، فإنه سيقضي على ما تبقى من ثقة في الحكومة، وإن لم يحاسب المسؤولين فإن هذا يعني وجود خلل سياسي، وهذا يضر الحكومة".

وقالت لجنة تقصي الحقائق في تقريرها إن إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، تتحمل مسؤولية توفير لقاح مضاد لفيروس كورونا للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنها تجاهلت ذلك. كما أن جميع التفاصيل الفنية والإدارية والقانونية تركت لوزارة الصحة بشكل منفرد، ما يشكل خللاً جوهرياً في إدارة ملف اللقاحات، كما لم يكن هناك أي مبرر أو حاجة لتوقيع الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي بهذا الشكل المستعجل، أو قبول جرعات تنتهي صلاحيتها خلال أقل من أسبوعين.

وأضاف التقرير أن الاتفاقية تضمنت شروطاً مجحفة بحق الفلسطينيين، وتعفي الجانب الإسرائيلي من المسؤولية عن الجرعات. كما أن تسليم وتسلم اللقاح لم يراع البروتوكولات الفنية والدوائية المتعارف عليها، علمًا أن جميع الجرعات المستلمة أعيدت ولم تستخدم.
وأشارت اللجنة إلى أن الإدارة الإعلامية لموضوع نقل اللقاحات اعترتها إشكاليات وتناقضات عديدة، وكانت الردود الرسمية مرتبكة، وقدمت معلومات غير دقيقة ومتضاربة، لكنه لن يكون هناك تبعات مالية على الخزينة الفلسطينية نتيجة عدم استكمال عملية التبادل.

المساهمون