فلسطينيو غزة يحتفلون بوقف إطلاق النار ويخططون لـ"اليوم التالي"

15 يناير 2025
احتفال باتفاق وقف إطلاق النار، خانيونس جنوبي غزة، 15 يناير 2025 (بشار طالب/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بعد 467 يوماً من الحرب على غزة، مما أثار الفرح والأمل بين الفلسطينيين الذين عانوا من دمار كبير وفقدان العديد من الأرواح.
- في مراكز إيواء النازحين، ظهرت مظاهر الفرح والاحتفالات العفوية، مع تكبيرات وزغاريد تعبر عن الأمل في أن يكون الاتفاق نهائياً، وسط دمار خلفه العدوان الإسرائيلي.
- الفلسطينيون مثل سمية الشريف وخالد اليازجي ومحمد بيان عبروا عن فرحتهم وأملهم في العودة إلى منازلهم واستعادة حياتهم الطبيعية، معبرين عن الحاجة إلى الفرح بعد المعاناة الطويلة.

في اليوم الـ467 من الحرب المدمّرة التي يشنّها الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ووسط القصف الإسرائيلي المتواصل والمجازر التي سُجّلت اليوم الأربعاء، راحت أجواء الفرح تعمّ القطاع عقب الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وقرب دخوله حيّز التنفيذ. وتأتي هذه المشاهد لتعكس الأمل المتجدّد بين الفلسطينيين الذين تستهدفهم إسرائيل بحرب إبادة جماعية منذ أكثر من 15 شهراً.

وفي مراكز إيواء النازحين، الذين يُقدَّرون بنحو مليونَي فلسطيني هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية، بدأت تُرصَد مظاهر فرح واحتفالات عفوية، فكانت تكبيرات وزغاريد وهتافات، إلى جانب دعوات وأمنيات بأن يكون الاتفاق نهائياً ومستداماً. ولم يتطّلب الأمر أكثر من دقائق معدودة حتى راح النازحون، في تلك المراكز الموزّعة بمختلف أنحاء قطاع غزة المدمّر، يتحدّثون عن العودة إلى منازلهم وعن كيفية إعادة بناء حياتهم وسط الدمار الذي خلّفه عدوان الاحتلال، ليس فقط في ممتلكاتهم وأماكن سكنهم. وبدت الابتسامات واضحة على وجوه الأطفال الذين شهدوا حرباً غير كلّ الحروب، حرباً أدّت إلى استشهاد وفقدان وجرح ما يزيد عن 166 ألف فلسطيني، نحو 72% منهم من الأطفال والنساء.

والتقطت عدسات الكاميرات دموع الفرح التي لم يستطع كثيرون كبحها، مع أمل عارم ممزوجة بالعودة إلى "الحياة". وكثرت المشاهد المؤثّرة التي تصوّر عائلات تبكي فرحاً ويحتضن أفرادها بعضهم بعضاً لحدّة التوتّر النفسي الذي رافقهم منذ اليوم الأوّل من الحرب الإسرائيلية التي دمّرت قطاع غزة وأطبقت الحصار على أهله إلى حدّ مواجهتهم المجاعة.

ولا يبدو الحديث عن "اليوم التالي" محصوراً بأهل السياسة فحسب، فالمواطنون الفلسطينيون في مختلف أنحاء قطاع غزة المنكوب، سواء في الجنوب (محافظة خانيونس ومحافظة رفح) أو في الوسط (محافظة دير البلح) أو في الشمال (محافظة شمال غزة ومحافظة غزة) الذي عزلته قوات الاحتلال عن بقيّة أنحاء القطاع، راحوا منذ اللحظات الأولى للإعلان عن وقف إطلاق النار يخطّطون لهذا "اليوم التالي"؛ كيفية العودة إلى مناطقهم ومنازلهم في حال كانت لا تزال واقفة أو حتى على الرغم من تضرّرها. ولا شكّ في أنّ ذلك إشارة واضحة إلى رغبة كبيرة لدى أهل الأرض واستعداد أكيد لاستعادة حياتهم التي حرمتهم إسرائيل إيّاها منذ أكتوبر 2023.

في هذا الإطار، تقول الفلسطينية سمية الشريف النازحة من بيت لاهيا شمالي قطاع غزة إنّ شعورها لا يوصف، وتشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "قلبي كان مثقلاً بالخوف طوال الأيام الماضية، لكنّني شعرت بأنّ جبلاً أُزيح عن صدري عندما وردنا الخبر (وقف إطلاق النار)". تضيف: "نحن نعيش ظروفاً صعبة في مراكز النزوح، لكنّ أملنا اليوم أكبر بالعودة إلى بيوتنا واستعادة حياتنا الطبيعية". وتتطلّع سمية إلى "عودة سريعة" إلى بيتها، مؤكدةً أنّ "الأمر الأهمّ بالنسبة إليّ رؤية منزلي آمناً مرّة أخرى، حتى لو كان متضرّراً". وتتابع: "أريد ترتيب البيت وجمع عائلتي حول مائدة الطعام مثلما كنّا نفعل في السابق. وأدعو الله أن يكون هذا السلام دائماً، حتى لا يعيش أولادي ولا أحفادي المعاناة نفسها".

من جهته، يقول الفلسطيني خالد اليازجي النازح من شرقي مدينة غزة لـ"العربي الجديد": "استقبلت نبأ وقف إطلاق النار بشكر الله والدعاء لإتمام تفاصيله (الاتفاق) مثلما يجب"، مؤكداً أنّ الأخبار الواردة المبشّرة تشعره بقرب الفرج بعد أشهر طويلة من القصف والقتل والدمار والرعب الحقيقي. ويشير إلى أنّ وقف إطلاق النار بالنسبة إليه هو "الأمان. فأنا سأعود إلى بيتي وإلى أرضي وإلى شجرتي التي زرعتها قبل سنوات"، متمنياً بدوره أن "يدوم هذا الاتفاق إذ إنّنا تعبنا من الحروب والدمار". ويشدّد خالد: "أريد أن أعيش ما تبقّى من عمري في هدوء وسلام".

في السياق نفسه، يصف الفلسطيني محمد بيان كيف أنّه وُلد من جديد عند سماعه نبأ التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مشدّداً على أنّ شعوره لا يوصف. ويقول محمد لـ"العربي الجديد": "على الرغم من أنّ البيت والمنطقة دُمّرا فإنّنا سوف نعمّرهما أفضل ممّا كانا عليه". يضيف أنّ "أولادي كانوا يسألونني طوال الوقت عن موعد العودة، واليوم يمكنني أن أقول لهم إنّ هذا اليوم قريب". وبخصوص أوّل شيء سيقوم به عند عودته إلى منزله المتضرّر، يوضح محمد "سأنصب خيمة في جواره وأبدأ فوراً في إزالة الركام وأجهّز لعملية الترميم". ويكمل: "سأزرع الأزهار من جديد في الحديقة الصغيرة أمام بيتنا، وأدعو كلّ الجيران إلى وليمة طعام. نحن في حاجة إلى الفرح بعد كلّ هذه المعاناة".

المساهمون