فلسطينيو الردع... وقفة جبارة في سيلة الحارثية
خلال أيام، أصبح شبان بلدة سيلة الحارثية غرب جنين، شمالي الضفة الغربية، وآخرون في بلدات مجاورة، نموذجاً لتحدي قرارات الاحتلال الإسرائيلي وعقوباته الجماعية، بعدما هدم بيت الأسير محمود جرادات في 14 فبراير/ شباط الجاري، إثر اتهامه بالمشاركة في تنفيذ عملية برقة في ديسمبر/ كانون الأول 2021، التي أسفرت عن مقتل مستوطن وجرح آخرين.
ورغم معرفة الجميع أن قرار الهدم سينفذ بقوة سلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي، تكثف، منذ التاسع من فبراير/ شباط الجاري، وجود الشبان أمام منزل جرادات ومنزلي عائلتي المتهمين الآخرين بتنفيذ العملية، الأسرى محمد جرادات والشقيقان غيث وعمر جرادات، اللذين يتوقع أن يدخل قرار هدمهما حيز التنفيذ خلال أيام. وبلغت تضحيات هؤلاء الشبان حد تقديم الفتى محمد أبو صلاح (17 عاماً)، المتحدر من بلدة اليامون المجاورة، حياته خلال المواجهات مع قوات الاحتلال.
وخلال أيام قليلة، أصبحت الطفلة ميار، ابنة الأسير محمود جرادات البالغة 9 أعوام، الشخصية الأبرز على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بعدما واجهت، بعبارات مؤثرة عكست فصاحة عالية ومعاني كبيرة، قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الذي هدم لاحقاً منزل أسرتها في بلدة سيلة الحارثية.
وتفاعل كثيرون مع كلمات ميار وصوتها خلال الاعتصامات الليلية اليومية، عندما تحدثت أمام الكاميرات ووسائل الإعلام، ووجهت رسائل متكررة لمساندة والدها، عبّرت فيها عن افتخارها به، ووعدته بإعادة بناء ما دمرّه الاحتلال.
وبعد عملية الهدم التي استمرت أكثر من سبع ساعات ليل 13-14 فبراير/ شباط الجاري، رافقت ميار والدتها "أم ساجد" إلى موقع ركام المنزل الذي ولدت وعاشت فيه، وعادت مرة أخرى، رغم صغر سنها، لتكون أبرز المتحدثين أمام كاميرات عشرات الإعلاميين، وتتصدر وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول ميار لـ"العربي الجديد": "هدموا بيتنا، لكن ذلك لا يهمنا، لأن بيتنا كله فداء للوطن ولأبي والقدس. أقول للناس يجب أن نظل صامدين شامخين مثل الجبال، وألا نرضخ لهم. يجب أن نستعيد أرضنا منهم، لأنهم احتلوها".
وخاطبت والدها قائلة: "ما فعلته صحيح، ويجب أن يفعله الجميع على هذه الأرض"، بينما توجهت إلى الاحتلال الإسرائيلي بالقول: "لن نركع أبداً لمن هدم بيتنا. سنبني ونبني ونبني، حتى لو أعدتم الهدم طوال العمر، وسنظل صامدين".
أما والدتها "أم ساجد" فتقول لـ"العربي الجديد": "لدي أربعة من الأطفال، بينهم اثنان بعمر 4 سنوات، عبروا عن استغرابهم وحزنهم عندما سمعوا أن بيتهم سيهدم، لكن ميار وساجد (6 أعوام) يملكان عقلاً كبيراً لأنهما تتلمذا على يد أبيهما، وهو رجل بمعنى الكلمة على صعيد التقرب من الله، وحبه للوطن. وليس غريباً أن يكون أطفاله بهذه الفصاحة والذكاء".
وعن المنزل الذي فقدته العائلة، تقول: "هذا البيت لأسرة مكونة من أربعة أطفال وزوج يحب أطفاله وزوجته ويرعاهم، لكنه مع كل ما يملك من أولاد وأموال فداء لفلسطين والقدس. هذا المسكن والمأوى هو كل شيء جميل في حياتنا، لأن فيه ذكريات زوجي في كل مكان وركن، لكنه أيضاً فداء له".
وتؤكد أن الهدم عبر التفجير ألحق أضراراً بالطابق الأول من المبنى، وبالتالي، بشقة والدة زوجها التي تقطن فيها مع شقيقاته وأشقائه، ومنزل شقيق آخر له، كما أثرّ على البيوت المحيطة.