استمع إلى الملخص
- تطالب كريمة العالم والدول العربية بتوفير خيمة تقيها وأطفالها من البرد، حيث تعاني من أمراض تجعلها غير قادرة على تحمل الظروف القاسية.
- تواجه غزة عراقيل إسرائيلية في إدخال الخيام رغم اتفاق وقف إطلاق النار، مما دفع كتائب القسام لتأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين حتى تلتزم إسرائيل بالاتفاق.
أمام خيمتها المهترئة في منطقة المقوسي شمال غربي مدينة غزة، تقف السيدة الفلسطينية سحر كريمة بثوب الصلاة وهي حافية القدمين تحاول نفض وتنظيف قطع الملابس المبللة بمياه الأمطار والأتربة. هذه الملابس وضعتها كريمة خلال ساعات الليل تحت بساط بلاستيكي (حصيرة) فرشته مسبقاً على أرضية خيمة نصبتها قرب أنقاض منزلها المدمر في العراء، لامتصاص مياه الأمطار المتسربة إلى الداخل.
لم تنجح محاولات كريمة لحماية أطفالها الأربعة من البلل، حيث فشلت الملابس في امتصاص مياه الأمطار التي تسربت بكميات كبيرة. هذه الأمطار ضاعفت معاناة كريمة، المعيل الوحيد لأطفالها الأربعة، حيث لم ترَ زوجها منذ نحو عام ونصف، كما قالت للأناضول، دون أن توضح ما إذا كان مفقوداً أو معتقلاً لدى إسرائيل أو سافر خارج القطاع قبل اندلاع الإبادة بغزة.
وكأنها تحمل أحمالاً ثقيلة على كتفيها، تقف كريمة منهكة وتصرخ موجهة رسالتها للدول العربية والعالم أنها لا تطالبهم بأكثر من خيمة تقي أطفالها برد الشتاء وتحميهم من الأمطار. وتعيش الفلسطينية كريمة ظروفاً إنسانية قاسية بعدما دمر الجيش الإسرائيلي منزلها خلال أكثر من 15 شهراً من الإبادة الجماعية.
من دون مأوى في غزة
الخيمة التي نصبتها كريمة في الشارع قرب منزلها المدمر غير مناسبة لحمايتها وأطفالها من برد الشتاء ومياه الأمطار. وتضيف وهي تشير إلى كومة من الركام إلى أنها تعود لشقتها السكنية التي دمرتها إسرائيل خلال حرب الإبادة. وتستكمل قائلة: "بيتي مدمر.. منزلي وشقاء العمر راح، وقلنا الحمد لله ولم نفرح به بعد"، لافتة إلى أنها وأطفالها الآن بلا مأوى.
ومع موسم الأمطار تتفاقم الظروف الصعبة التي تعيشها كريمة حيث تقف عاجزة أمام تسرب المياه إلى الداخل، ما يهدد بإغراق أطفالها في أثناء النوم. وتضيف قائلة: "كنت أضع ملابس أطفالي تحت الحصيرة لأمنع تسرب المياه، لكن دون فائدة".
المطلب الوحيد "خيمة"
وسط المعاناة الكبيرة وانعدام سبل ومقومات الحياة، لم تطالب الفلسطينية كريمة العالم بالتدخل إلا من أجل تأمين خيمة واحدة توفر بعض الدفء لها ولأطفالها. وتقول بصوت متحشرج: "لا أريد طعاماً ولا شراباً ولا أي شيء آخر، أطالب فقط بخيمة توفر لنا الدفء أنا وأبنائي".
وأشارت إلى أنها توصل رسالتها إلى كل الأمة في العالم، وإلى الدول العربية، مناشدة تحقيق مطلبها. ولفتت إلى أنها تعاني من أمراض تجعلها غير قادرة على تحمّل لسعات البرد القارس، إلا أنها رغم ذلك تقف بملابس خفيفة وحافية القدمين تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خيمتها وملابس أطفالها بعد غرقها بمياه الأمطار.
وتواصل كريمة دفع ثمن الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بتحمل مسؤوليات كبيرة وسط انعدام الخيارات والبدائل وعدم توافر مصدر للدخل. وتكافح عائلة كريمة للبقاء خلال موسم الشتاء والبرد دون وسائل تدفئة أو ملابس شتوية.
عراقيل إسرائيلية
كريمة واحدة من آلاف الفلسطينيين الذين يقاومون فصل الشتاء في العراء، في ظل عرقلة إسرائيل دخول الخيام والبيوت المؤقتة "الكرفانات" إلى القطاع. ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن المعاناة الإنسانية في القطاع لم تشهد تحسناً.
ومنذ أشهر يناشد مسؤولون حكوميون في غزة ضرورة إدخال خيام لإيواء الفلسطينيين، في ظل اهتراء الخيام الموجودة في القطاع بعد استخدام دام أكثر من عام، والمصنوعة أصلاً من أقمشة غير مخصصة لتحمّل درجات الحرارة أو منع تسرب الأمطار، وتكون موصولة في كثير من الأحيان بقطع من النايلون.
والجمعة، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف، في مؤتمر صحافي، إن إسرائيل تماطل في تنفيذ البروتوكول الإنساني من الاتفاق. وتابع: "الاتفاق في شقه الإنساني ينص على إدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً، بينها 50 شاحنة وقود، إلى جانب البدء بإدخال مستلزمات الإيواء من خلال توفير 60 ألف وحدة متنقلة وإدخال 200 ألف خيمة، والمولدات الكهربائية وقطع غيارها وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وبدء إدخال مواد إعادة إعمار القطاع". وأشار إلى أن ما دخل من الخيام إلى القطاع لا يتجاوز 10 بالمائة من الاحتياج المطلوب، فيما لم تدخل إسرائيل أي بيت متنقل.
وبناءً على ذلك، وإضافة إلى مواصلة الجيش الإسرائيلي استهداف الفلسطينيين وقتلهم، أعلنت كتائب القسام، الاثنين، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم السبت المقبل إلى "إشعار آخر"، حتى تلتزم إسرائيل بنود الاتفاق.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوماً، ويجري خلال الأولى تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، والتفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة. وارتكبت إسرائيل بدعم أميركي بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة، خلّفت نحو 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
(الأناضول)