فقراء أفغانستان يعانون البرد والحرمان في فصل الشتاء

12 يناير 2025
برودة الشتاء قارسة في أفغانستان، 3 فبراير 2024 (أحمد أرمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني فقراء أفغانستان من البرد القارس وتفشي الفقر خلال الشتاء، مما يؤدي إلى نقص وسائل التدفئة وانتشار الأمراض الموسمية، مع ضعف الرعاية الصحية وارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال وكبار السن.
- يروي الطبيب محمد نجيب الله خان قصة طفل توفي بسبب التهاب الصدر لعدم توفر العلاج، مما يعكس اعتماد الأفغان على الأعشاب المنزلية لعلاج الأمراض بسبب الفقر.
- يوضح الناشط وفي الله أن البطالة والفقر يتفاقمان تحت سيطرة طالبان، مما يدفع المواطنين للتسول واستخدام المخلفات كوقود، مع تزايد تلوث الهواء في كابول.

مع دخول فصل الشتاء، يعاني فقراء أفغانستان كثيراً بسبب برودة الطقس الذي يترافق مع تفشي الفقر وانعدام وسائل الدفء، كما أضحى عدم توفر فرص العمل أحد أبرز التحديات التي تجعل الآلاف يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، بينما تطاولهم الأمراض بشكل متكرر، ولا سيما مع التلوث الناجم عن حرق شتى أنواع الوقود بهدف التدفئة.
يقول المتخصص بالأمراض الداخلية الطبيب محمد نجيب الله خان لـ"العربي الجديد"، إن "فقراء أفغانستان يواجهون في الشتاء أنواعاً مختلفة من المشكلات في ظل ضعف الرعاية الصحية، منها الإصابة بالأمراض الموسمية الناتجة عن تلوث الجو من جهة، وعدم توفر وسائل الدفء من جهة أخرى، وثمة مئات المصابين بأمراض الصدر والتهاب الحنجرة، والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى وفيات بين الأطفال وكبار السن بسبب ضعف مناعتهم. الكثير من سكان أفغانستان لا يستطيعون الوصول إلى الطبيب في الوقت المناسب بسبب الفقر، وإما لا يراجعون الأطباء بالمطلق بسبب عدم وجود المال، أو يراجعونه في وقت متأخر بعد ما يتدهور وضع المريض".

الكثير من مرضى أفغانستان لا يملكون المال لمراجعة الطبيب

يذكر الطبيب الأفغاني قصة طفل من منطقة في ضواحي العاصمة كابول، أصيب بالتهاب الصدر خلال الشهر الماضي، وعجزت الأسرة عن أخذه إلى الطبيب، واكتفت بإعطائه الأعشاب التي عادة ما يستخدمها الأفغان في موسم الشتاء علاجاً لبعض الأمراض، لكن بعد تدهور حالة الطفل، أخذته الأسرة إلى طبيب قريب، وقام بدوره بإعطائه مضاداً حيوياً وبعض الأدوية الأخرى، لكنها لم تنفعه، ثم جاءت به الأسرة إلى مستشفى صحة الطفل في كابول، لكن الطفل توفي بعد وصوله إلى المستشفى بساعات.
ويؤكد الطبيب أن "الأسرة لم تكن تملك المال لنقل جثمان الطفل إلى المنزل؛ وجمع الناس والأطباء بعض الأموال حتى يتمكنوا من نقل الجثمان، وحكى عم الطفل أنه لم يكن في منزله أية وسيلة تدفئة، وهذا السبب الرئيس في إصابته بالمرض، كما أن عدم تمكن الأسرة من معالجته سريعاً تسبب في تدهور حالته الصحية، ووفاته".

التدفئة أزمة سنوية في أفغانستان. 3 فبراير 2024 (أحمد أرمان/فرانس برس)
التدفئة أزمة سنوية في أفغانستان، 3 فبراير 2024 (أحمد أرمان/فرانس برس)

من مديرية بغمان في العاصمة كابول، يتحدث محمد عابد لـ"العربي الجديد"، عن معاناة أسرته بسبب عدم وجود الملابس الشتوية ووسائل التدفئة، علاوة على انتشار الأمراض الموسمية الناجمة عن البرد القارس. ويقول: "أصبحت الحياة صعبة للغاية، ليس فقط في فصل الشتاء، بل على مدار العام، لكن الشتاء يظل الأصعب، وقبل أن يدخل نحاول تدبير ما نستطيع لحماية الأسرة من تبعات البرد، خاصة الصغار. لدي ستة أبناء وخمسة بنات، وقد تزوج اثنان من البنين ولديهما حالياً أولاد. قبل تولي حركة طالبان السلطة، كان اثنان من أبنائي يعملان في الشرطة، وكانا يوفران ما تحتاج إليه الأسرة، لكنهما حالياً بلا عمل؛ وبالتالي أصبحنا نعاني بشدة".

يضيف عابد (68 سنة): "فتح أحد أبنائي محلاً صغيراً في القرية لبيع المستلزمات الحياتية اليومية، لكنه لم يوفق، وخسر كل ما أنفقه على المشروع، وذهب ابني الثاني إلى إيران للعمل، وقد أقرضت له الأموال من الأقارب لتوفير نفقات السفر، وكسب لقمة عيش الأسرة، لكنه مع الأسف اعتقل هناك، وظل نحو شهرين في السجن، وكانت الأسرة قلقة بشأنه، وبعد الإفراج عنه، جاءت به القوات الإيرانية إلى الحدود، وتم ترحيله. الآن جميع الأبناء في المنزل، وبسبب البرد القارس لا تتوفر حتى الأعمال اليومية، وبالتالي لا ملابس شتوية، ولا وسائل تدفئة، ولا يمكننا توفير الدواء إذا مرض أحد الأبناء أو الأحفاد، ونعطيهم الأعشاب المنزلية لأننا لا نملك المال للذهاب إلى الطبيب".

في الشأن ذاته، يقول الناشط الاجتماعي وفي الله لـ"العربي الجديد": "الفقر يتزايد في أفغانستان، والبطالة مستشرية، ولا توجد فرص عمل، إلا إن كنت تنتمي إلى حركة طالبان، فكل الوظائف يشغلها رجال طالبان وأقاربهم. معلوم أن الأفغان يستعدون لموسم الشتاء مسبقاً بتوفير الملابس لأفراد الأسرة، وشراء الوقود ووسائل التدفئة الأخرى، لكن شريحة كبيرة من المواطنين لا يمكنهم فعل ذلك، فوضعهم كارثي".

يضيف: "الكثير من كبار السن توجهوا إلى التسول خلال الفترة الأخيرة، وهناك شريحة كبيرة من الناس يستخدمون المخلفات المنزلية وقوداً، يحرقونها من أجل الطبخ، وبالتالي عندما تنظر إلى سماء كابول في الشتاء تكون كلها سوداء، وغيوم الدخان تغطيها بالكامل، في حين أن طالبان مشغولة بإجبار الناس على أمور تراها مهمة، وهي فعلاً مهمة، مثل إغلاق المحال في وقت الصلاة، وإلزام النساء بالحجاب وعدم الخروج من المنازل، ومداهمة المدارس الدينية خشية تدريس مواد لا تسمح بها، كلها مهمة، لكن أيضاً من المهم توفير لقمة العيش لأبناء الشعب، ومنحهم فرص حياة كريمة".

المساهمون