فداء حامد تحارب آثار السرطان بالشوكولاتة

فداء حامد تحارب آثار السرطان بالشوكولاتة

12 مارس 2021
ما زالت كلها أمل (العربي الجديد)
+ الخط -

 

تُحارِب الفلسطينية فداء حامد، في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، آثار مرض السرطان الذي سبق أن تملّكها، من خلال صناعة شوكولاتة صحيّة وغيرها. وكانت المرأة البالغة من العمر 46 عاماً قد انطلقت من مطبخها العادي لتنال إعجاب كثيرين، بعد أقلّ من أربعة أشهر على مشروعها الذي أعقب آخر عمليّة أنهكت جسدها قبل أن تُعَدّ ناجية من المرض الخبيث.

في مايو/ أيار من عام 2018، اكتشفت فداء، وهي أمّ لثلاث بنات، إصابتها بسرطان الثدي صدفة، في حين كانت تُحضّر لزفاف ابنتها الكبرى جنان. وتقول لـ"العربي الجديد": "كان ذلك الاكتشاف صعباً جداً عليّ، خصوصاً أن ابنتي جنان وهي فرحتي الأولى انتظرت طويلاً يوم زفافها. وعلى الرغم من طلبها تأجيل الزفاف إلى حين شفائي، فقد رفضتُ".

وكانت فداء قد بدأت علاجها في أحد مستشفيات مدينة القدس المحتلة، مع أربع جلسات علاج كيميائي، ثمّ خضعت إلى عمليتَين جراحتَين، قبل التوجّه إلى العاصمة الأردنيّة عمّان لتزويج ابنتها في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه. يُذكر أنّها خضعت قبل الزفاف بيوم واحد لجلسة علاج كيميائي، مشيرة إلى أنّها كانت "مرهقة جداً" لكنّها جهّزت لجنان ثوبها في سهرة الحنّة بحسب التقليد الفلسطيني. وأصرّت، وهي مريضة منهكة، على مجالسة الضيوف، وتوسّطت منصة حفل الزفاف ورقصت مع ابنتها.

وبعدما تزوّدت بالفرح في حفل زفاف ابنتها، عادت فداء إلى جدول علاجها المكثف. تجدر الإشارة إلى أنّ فداء، وفي مشوار مواجهتها السرطان، خضعت إلى خمس عمليات جراحية، عدد منها لاستئصال غدد ليمفاوية قريبة من الثدي. أمّا جلسات العلاج الكيميائي فقد بلغ عددها 16 على مدى ستة أشهر من تاريخ اكتشاف الإصابة، إلى جانب 30 جلسة علاج بالأشعة على مدى شهر ونصف تقريباً. وتؤكد فداء أنّ "ما جعلني أتجاوز كل هذا الألم وحتى طرق العلاج التي أرهقتني، خاصة بُعد المسافة عن المستشفى في القدس، هو إيماني العميق بالله والرضا بقضائه وبالصبر".

لم تكن إصابة فداء الحزن الأوّل في منزلها، فالعائلة المكوّنة من والدَين وثلاث بنات هنّ أفنان وكندا وجنان عرفت محنة صعبة عندما أصيب ربّ المنزل أسامة السلوادي، وهو مصوّر صحافي معروف، برصاصة أدّت إلى إصابته بشلل نصفي في عام 2006. وتوضح فداء أنّ "إصابتي بالسرطان بعد سنوات من تجربة قاسية لم تكن مبرراً أو داعياً للانكسار، فتلك التجربة زادتني قوة".

الصورة
شوكولاتة ذوق الصحية في فلسطين (فيسبوك)
من إنتاج فداء "الصحيّ" (فيسبوك)

بعد شفائها في صيف عام 2019، راحت فداء تبحث عن نفسها وعن الأشياء التي تحبّها لتتخطّى ما عانته. فالإصابة بمرض خطير كالسرطان "ليست تجربة حلوة". واختارت فداء صناعة الشوكولاتة، علماً أنّها كانت قد تابعت دورة في كيفيّة صنعها قبل إصابتها بالمرض. يُذكر أنّها وقبل أن تكون لديها نيّة بإطلاق مشروعها، راحت تحضّر في المنزل حلوى من شوكولاتة خام تضيف إليها التمر المهروس ومكوّنات أخرى من قبيل المكسّرات، لتقدمها إلى ضيوفها. وبعدما أحبّ هؤلاء ما تقدّمه، شجّعوها على بيع ما تنتجه. وتخبر فداء أنّ قريبة لها وبعد تذوّقها الشوكولاتة الممزوجة بالتمر والمكسّرات في خلال زيارة بعد التعافي فاجأتها بالقول: "بدّي (أريد) اثنين كيلو". فردّت مستغربة وضاحكة: "شو (ماذا)؟!".

وبعدما خضعت فداء إلى عملية جراحية أخيرة للتخلّص من تبعات إصابتها بالسرطان، قبل أشهر قليلة، اتّخذت قرارها بالدخول إلى مطبخها الصغير والقيام بتجارب مختلفة خلطت في خلالها مكوّنات عدّة قبل أن تخرج بمنتج تقول إنّه "صحي وقد أحبّه الناس لأنه خالٍ من الزيوت والمواد الحافظة والسكّر الصناعي". وهكذا انطلق مشروعها تحت عنوان "ذوق" في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020. ولا تخفي فداء سعادتها بردود فعل زبائنها، معبّرة عن أملها في تطوير مشروعها وفتح مشغل خاص بها.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وبعد تغلّبها على السرطان، تصرّ فداء على تشجيع النساء المصابات به أو اللواتي نجينَ منه، قائلة: "لا تخفنَ، ولا تمنحنَ السرطان فرصة لإيقافكنّ"، مشددة على أهمية "الصبر والإيمان". تضيف: "وها أنا أشعر بأنّ لديّ حياة جديدة. أنا بدأت من منزلي، فابدأنَ من منازلكنّ أو من أيّ مكان آخر لتحقيق شغفكنّ".

المساهمون