فاجعة الفطر السام في الرقة السورية... أمل في خلاص المصابين

فاجعة الفطر السام في الرقة السورية... أمل في خلاص المصابين

09 نوفمبر 2022
تستعد لطهي الفطر بعدما تأكدت أنه غير سام (عبدالله همام/ فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر أقارب الراقدين في المستشفى بعد تناولهم الفطر السام في ريف الرقة شمال سورية، أن يحمل لهم الأطباء أخباراً عن تحسن صحتهم بعدما فجعوا بموت آخرين خلال الأيام الماضية التي تلت حادثة التسمم، والتي تسببت بوفاة 16 شخصاً.  
حادثة التسمم بالفطر وقعت في منطقة أبو وحل بريف الرقة الشمالي الشرقي. ويقول حسن النازح من مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي والمقيم في الرقة، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إن القصة بدأت عندما قصد المصابون (في الوقت الحالي) أرضاً مزروعة بنبات البرسيم (من عائلة البقوليات) في منطقة أبو وحل، حيث وجد الأطفال فطراً نابتاً فيها، فبدأوا يجمعونه ثم أخذوه إلى ذويهم وهم من عائلة واحدة، ليطهونه ويأكلونه. ثم بدأت تظهر على من تناول الفطر أعراض الغثيان والقيء. راجعوا الطبيب فوصف لهم بعض الأدوية. وفي اليوم التالي، ساءت حالتهم ونقلوا إلى المستشفى. ويقول إن "جميع المتوفين يتحدرون من الطيبة والسخنة بريف حمص، فيما يقيم قسم آخر في الرقة والمنصورة، وهم من عائلة واحدة".
وفي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، توفي 6 أطفال بعد نقلهم إلى المستشفيات (أسعف غالبيتهم إلى مستشفى الرقة الوطني، بينما نقل طفلان إلى مستشفى الفرات وآخران إلى مستشفى الطب الحديث في الرقة). وفي الثامن من الشهر نفسه، ارتفع عدد الضحايا إلى 16 شخصاً، وكانت إصابات ستة أشخاص حرجة، فيما بلغ عدد المصابين الكلي 26، غالبيتهم من الأطفال.
ويقول الطبيب فراس الفهد، وهو من أهالي الرقة، لـ "العربي الجديد"، إن التسمم من جراء تناول الفطر أمر نادر في عموم مناطق الفرات، كون أهالي المنطقة يميزون أنواعه. إلّا أنّه كان من الصعب على النازحين القادمين إلى المنطقة تمييز أنواع الفطر السام من غير السام بسبب تشابهها، مضيفاً: "هناك الكثير من السموم الفطرية في المنطقة، وهي أمانيت والمسكارين وألفا توكسين وغيرها. وأعراض تناول الفطر السام هي الغثيان والتقيؤ والإسهال الحاد وقد تؤدي أحياناً إلى الفشل الكلوي والقصور الكبدي الحاد، والموت كما حدث مؤخراً. ومن بين الأعراض أيضاً تحلل الأَلياف العَضلية".  
في هذا الإطار، تقول طبيبة الأطفال زينة بهجت الحسن لـ "العربي الجديد" إن "هناك العديد من التسميات الشعبية الشائعة للفطر، ويصعب التمييز في أنواع بعضها (باستثناء ذوي الخبرة). وتحتوي بعض أنواع الفطر على مواد سامة لا يمكن للجسم مقاومتها وإبطال مفعولها".

تتابع الحسن: "من الأعراض التي تظهر نتيجة تناول الفطر بطريقة غير مسؤولة، هي التهاب المعدة والأمعاء ومشاكل في الكبد واضطراب السكر في الدم وغيرها". تتابع: "يجب التوعية للتمييز بين الفطر القابل للأكل وغير الصالح". وفي ما يتعلق بالعلاج، تشير إلى المضادات الحيوية وتعويض نقص السكر في الدم وغيرها، مع مراقبة القلب وغير ذلك". ويسهل على أبناء المنطقة، وخصوصاً الذين اعتادوا جمع الفطر في هذا العام من السنة، تمييز أنواعه، وخصوصاً الكبار منهم، من خلال شكله ولونه، بالإضافة إلى اعتماد بعض الأساليب المساعدة.  
ويقول رئيس مكتب البيئة بالرقة محمد نور الهرم لـ "العربي الجديد": "هناك نوعان من الفطر في المنطقة: النوع الأول أمانيت، والنوع الثاني عيش الغراب. والأمانيت سام بطبيعته، أما عيش الغراب فينقسم إلى نوعين سام وغير سام. والأمر الأساسي الذي يساعد في تمييز أنواع الفطر هو معرفة البيئة التي نشأ فيها. فأثناء فحص موقع حادثة التسمم، تبين أن الفطر الموجود فيها نابت من روث الحيوانات. وهنا، البيئة هي المشكلة الأساسية التي تسببت بهذا التسمم". ويشير إلى أنّه يمكن تمييز الفطر من خلال وسائل عدة منها رض الملح. فإذ تغير اللون إلى أرجواني فهذا يعني أنه سام. كما يمكن إزالة رأس الفطر، فإذا خرجت مادة من ساق الفطر يعني أنه سام". 
بدوره، يقول الناشط أحمد إبراهيم الذي يشارك في حملة التبرع بالدم لـ "العربي الجديد": "جئنا كأبناء وشباب الرقة لتقديم الدمّ للأطفال الذين تعرضوا للتسمم كواجب إنساني كون الأطفال أطفالنا وهم أخوتنا، الناس تنتمي للناس، وبنك الدم بحاجة مستمرة للدم".

ويكشف مصدر طبي خاص في مستشفى الرقة الوطني لـ"العربي الجديد" أن الفطر الذي تناوله المصابون يحمل في الغالب سم الأماتوكسين الذي يدمر الكبد، ويسبب انحلالاً في الدم، لافتاً إلى أن وضع المصابين في حالة سيئة للغاية، وهم يعانون من انحلال الدم اليوريمي. كما تسبب بفشل كبدي للذين توفوا". ويبين أن عدد الوفيات قابل للازدياد، إذ إن بعض المصابين في حالة حرجة، وبالتالي فإن إمكانية تعافيهم محدودة. والفطر الذي تناوله المصابون والضحايا يعرف بالفطر "ذي الساق الأصفر"، مضيفاً أنّ "الكادر الطبي بذل ويبذل كافة الجهود الممكنة على أمل تعافي بقية المصابين، وهناك مبادرة من ناشطين في الرقة لتوفير الدم بشكل مستمر للمصابين".
وتنمو في مناطق ريف الرقة في هذا الفصل من العام أنواع من الفطر بعضها سام يميزه رعاة الأغنام والسكان المحليون، ويقومون بإزالته خوفاً من أضراره.

المساهمون