غزيون يعجزون عن أداء العمرة

غزيون يعجزون عن أداء العمرة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
05 مارس 2022
+ الخط -

بدت الفلسطينية أمل العبادسة، التي تتحدّر من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، غاضبة خلال تواصلها مع إحدى شركات الحج والعمرة لإلغاء تسجيلها بفعل غلاء الأسعار، الذي زاد بالمقارنة مع السنوات السابقة، ما خلق حاجزاً بينها وبين إتمام باقي مراسم وإجراءات التسجيل.

ويرى أهالي قطاع غزة أنّ تسعيرة رحلة العمرة، المقدرة بحوالي 1270 ديناراً أردنياً (نحو 1792 دولاراً أميركياً) مُبالغ فيها مُقارنة بالتسعيرة السابقة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع وسط استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق للعام الخامس عشر على التوالي، وتأثيره المُباشر على مُختلف القطاعات، وخصوصاً القطاع الاقتصادي.

ويحرم غلاء أسعار آلاف الفلسطينيين من أداء العمرة بسببب الغلاء، إذ لم تتجاوز نسبة التسجيل، وفق بعض الشركات، 10% مُقارنة بالسنوات الماضية بسبب مُضاعفة الأسعار، في الوقت الذي يواجه فيه أهالي غزة العديد من التحديات.

ويضطرّ فلسطينيو القطاع للتوجه إلى مصر، وبالتالي مُضاعفة مسافة الطريق والكلفة والوقت نتيجة الإجراءات المصرية والتضييق. وتوضح العبادسة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنها كانت تنتظر لحظة البدء بتسيير رحلات العُمرة منذ عامين، والتي تأخرت بفعل أزمة كورونا، إلا أنها فوجئت فور البدء بالتسجيل لرحلات العام الحالي بالأسعار المرتفعة، والحجر الصحي، والعديد من القرارات غير المُشجِّعة، وخصوصاً أنّ التسعيرة الجديدة تأتي في ظل الحصار الإسرائيلي وانخفاض متوسط دخل المواطنين.

من جهته، يشير الفلسطيني عبد الرحمن النجار، الذي يتحدر من منطقة الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، إلى أنه انتظر ووالده فتح باب التسجيل لرحلات العمرة منذ زمن طويل. ويقول: "كُنا نحلم باللحظة التي نقوم فيها بالتسجيل لزيارة بيت الله الحرام، وزيارة أهلنا وأقاربنا في المملكة العربية السعودية". إلا أنه يتحدث لـ"العربي الجديد" عن "منغصات كثيرة، بدأت بمُضاعفة تسعيرة العمرة وبقاء خمسة أيام في الحجر الصحي".  

ولا تقتصر أسباب إلغاء رحلة الحج للفلسطيني النجار ووالده على التسعيرة فقط، إذ يوضح أنّ الرحلة تتضمن العديد من الأولويات، من بينها توفير الهدايا للأقارب والأصحاب والجيران، ما دفعهما إلى اتخاذ خيار الإلغاء لعدم قدرتهما على الإيفاء بمختلف تلك التفاصيل في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة.

من جهته، شعر الستيني الفلسطيني سامي عيد، وهو من مخيم البريج وسط قطاع غزة، بالحسرة بعد اتصاله بشركة الحج والعمرة لإلغاء رحلته، التي لطالما حلم بها، بفعل غلاء الأسعار الذي حال بينه وبين التسجيل.

ويوضح عيد، الذي يعيل ثماني فتيات، أنه سجل لرحلة العمرة قبل شهر ونصف شهر. "طلبوا مني الاستحصال على جواز سفر، وأخبروني أنّ سعر الرحلة يصل إلى نحو ألف دينار (نحو 1400 دولار)، وتشمل الطريق إلى مصر والسعودية، وارتفعت بعدها إلى 1050 (نحو 1480 دولاراً)، ثم إلى 1270 ديناراً (نحو 1790 دولاراً)، علماً أنه سيتم وضعنا تحت الحجر الصحي مدة خمسة أيام من تاريخ وصولنا إلى السعودية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

هذه الزيادة، وما يرافقها من إجراءات، دفعت عيد إلى الاتصال بالشركة التي قام بالتسجيل فيها لإلغاء الحجز، على الرغم من انتظاره اللحظة التي سيزور فيها مكة المكرمة والمدينة المنورة "على أحرّ من الجمر".

وشملت الأزمة شركات الحج والعمرة، التي سجلت نحو 1200 معتمر فقط للرحلات الأربع، المقررة في شهر مارس/ آذار 2022، بمقدار رحلتين كل أسبوع، ستبدأ من تاريخ 14 حتى تاريخ 22 الشهر الجاري، وتتبعها رحلتان في نهاية الشهر الجاري، بنسبة تسجيل وصلت إلى 10% حتى اللحظة، مقارنة بالتسجيل لرحلات عامي 2019 و2020.  

الصورة
أمل العبادسة (عبد الحكيم أبو رياش)
ويبقى الحلم.. (عبد الحكيم أبو رياش)

من جهته، يقول رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر في قطاع غزة وسيم مشتهى إنّ الحصار الإسرائيلي حرم المعتمر الفلسطيني من اختيار طريق سفره، من خلال تحكّمه في إصدار التصاريح للمواطنين للخروج من قطاع غزة عبر معبر بيت حانون، والسفر إلى المملكة العربية السعودية عن طريق الأردن، ما يضطرهم للخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، والسفر إلى السعودية عبر طريق أطول وأكثر تعقيداً.

ويبيّن مشتهى أنّ سفر المعتمر في رحلة برية عن طريق الأردن لا يستغرق سوى 12 ساعة ذهاباً ومثلها إياباً، بكلفة 186 ديناراً أردنياً براً (نحو 260 دولاراً)، أو 350 ديناراً جواً (نحو 490 دولاراً)، بينما يستغرق سفر المعتمر عن طريق جمهورية مصر العربية ثلاثة أيام ذهاباً ومثلها إياباً، ما يُفسر غلاء سعر السفر عن طريق مصر، علاوة على رفع بعض الشركات أسعارها. كما زادت كلفة جميع الخدمات المُقدمة في مكة والمدينة بعد جائحة كورونا، ليصبح ثمن رحلة العمرة في قطاع غزة 1270 ديناراً أردنياً (نحو 1790 دولاراً)، مقارنة بـ870 ديناراً (نحو 1227 دولاراً) في 2019/2020 ومن المرجح أن تصل التسعيرة إلى 1370 ديناراً (نحو 1930 دولاراً) خلال شهر رمضان المقبل.

من جهته، يوضح مدير عام الحج والعمرة في قطاع غزة عادل الصوالحة أنّ موسم العمرة يتبع للقطاع الخاص، وأنّ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة تعتبر المظلة التي تشرف على الشركات لتنفيذ برامج العمرة وحفظ حقوق المعتمرين من تغوّل بعض الشركات.

وفي ما يتعلّق بفرق الأسعار بين قطاع غزة والضفة الغربية، يقول الصوالحة، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هناك فروقاً عدة، أبرزها أنّ الرحلة من الضفة تحتاج إلى النقل البري، ما يعني إلغاء تذكرة الطيران التي تكلّف نحو 470 دولاراً، والنقل البري إلى معبر رفح ذهاباً وإياباً بكلفة 520 دولاراً. كما أنّ الرحلة من الضفة الغربية إلى السعودية لا تتطلب حجراً صحياً يكلف الشركات نحو 140 ديناراً أردنياً (نحو 200 دولار)، علاوة على أنّ برنامج الرحلة من الضفة يستغرق عشرة أيام فقط، مقارنة ببرنامج رحلة غزة الذي يستمر أسبوعين.

وترتبط الزيادة الكبيرة في التسعيرة بأسباب عدة، تعود بمجملها إلى سياسات الدول التي أثرت على ارتفاع أسعار تأشيرات السفر والحجر الصحي، الذي يضيف أعباء إضافية على برنامج الرحلة "على الرغم من أنّ فلسطين غير مصنّفة ضمن الدول التي تتطلب حجراً صحياً. لكن مرور عدد من المعتمرين الفلسطينيين عن طريق مصر يلزمهم بالحجر الصحي، على اعتبار أنّ مصر من الدول التي يفرض على مواطنيها الحجر الصحي في السعودية، والنقل البري من خلال الجانب المصري إلى جانب رسوم هيئة المعابر".

ذات صلة

الصورة
المسؤولون العسكريون الإسرائيليون سمحوا بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين (محمد عبد / فرانس برس)

منوعات

يفاقم الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في الحروب المخاوف من خطر التصعيد ودور البشر في اتخاذ القرارات. وأثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على اختصار الوقت.
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.
الصورة
فلسطينيون وسط دمار خانيونس - 7 إبريل 2024 (إسماعيل أبو ديه/ أسوشييتد برس)

مجتمع

توجّه فلسطينيون كثر إلى مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة لانتشال ما يمكن انتشاله من بين الأنقاض، وسط الدمار الهائل الذي خلّفته قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة

مجتمع

طالبت عشرات المنظمات الحقوقية بالتحقيق فيما حدث منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى هذه اللحظة ضد النساء الفلسطينيات وتوفير الحماية اللازمة لهن وللمدنيين عموماً.

المساهمون