غزة... مرارة الحرمان وشح المساعدات بعد ويلات النزوح

05 فبراير 2025
وسائل النقل محدودة في قطاع غزة، 3 فبراير 2025 (أشرف أبو عمرة/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الفلسطينيون العائدون إلى غزة تحديات كبيرة في استعادة ممتلكاتهم بسبب قلة وسائل النقل وارتفاع تكاليفها، مما أجبر الكثيرين على ترك أمتعتهم أو بيعها بأسعار زهيدة.
- القيود المفروضة على حركة النقل وارتفاع تكاليفها صعّبت عودة النازحين مع أمتعتهم، مما أدى إلى تكدس في نقاط العودة وفقدان ممتلكات أساسية.
- يعاني العائدون من نقص حاد في المساعدات الإنسانية الضرورية رغم تدفقها، ويطالبون بتوزيع عادل وفعال لتخفيف معاناتهم في ظل تدمير منازلهم وفقدان مقومات الحياة الأساسية.

تخلص الفلسطيني سمير أبو الهُدى من فراشه وأمتعته الشخصية باستثناء بعض الملابس الخفيفة خلال رحلة عودته من المحافظة الوسطى إلى مدينة غزة بدافع من قلة وسائل النقل، أو الأسعار الخيالية للمتوفر منها، والتي تجاوزت ألف دولار أميركي للنقلة الواحدة.

كان أبو الهدى (41 سنة) يأمل أن يجد المستلزمات التي تركها داخل منزله، لكنه فوجئ بتدمير البيت بكل ما فيه، وبالتالي لم يعد يملك أي شيء من وسائل الحياة اليومية. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه لم يترك أغراضه سوى لأسباب قاهرة، وإنه حاول مراراً حجز عربة لنقلها من دون جدوى، فيما شجعه صديقه على تركها والعودة مشياً باعتبار أن المساعدات الإنسانية ستكون كبيرة، وسيتم تعويض العائدين عن كل ما خسروه، لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة. عقب عودته، استعار أبو الهدى بعض الفرش والأغطية، وأقام قرب بيته المدمر، وهو يواصل التسجيل في الروابط المخصصة للمساعدات على أمل أن يتم توفير المتطلبات الأساسية لأسرته، وفي مقدمتها الخيمة والملابس.

تخلى آلاف النازحين عن متعلقاتهم وفراشهم وأغطيتهم التي قاموا بجمعها خلال شهور النزوح القاسية، ومعظمهم عجزوا عن نقل أمتعتهم، فقاموا ببيعها بأسعار زهيدة أو توزيعها بالمجان، أو تركوها عند أقارب أو أصدقاء. وشهدت الساعات الأولى لبدء عودة النازحين من المحافظات الوسطى والجنوبية إلى محافظتي غزة والشمال تكدساً شديداً، بفعل حصر عملية العودة بالمشي على الأقدام عبر شارع البحر "الرشيد"، أو عبر الحافلات والشاحنات الصغيرة من خلال شارع "صلاح الدين"، مع الخضوع لفحص أمني أنتج طوابير طويلة ومرهقة.

وقلصت تلك الآليات من قدرة الفلسطينيين في غزة على العودة بجميع أغراضهم، خاصة من لا يمتلكون العربات، أو لم يتمكنوا من توفير سيارة مؤجرة بسبب الكلفة المرتفعة، أو لعدم رغبة سيارات وشاحنات الأجرة بالانتقال إلى المناطق الشمالية، خشية عدم القدرة على العودة مجدداً قبل اليوم الـ 22 لسريان وقف إطلاق النار، وفق الاتفاق الذي يقضي بمرور الحافلات باتجاه واحد خلال هذه الفترة.

حملوا ما يمكنهم حمله خلال عودتهم. 3 فبراير 2025 (سعيد جرس/فرانس برس)
حملوا ما بإمكانهم حمله خلال عودتهم، 3 فبراير 2025 (سعيد جرس/فرانس برس)

وتسببت كل تلك العوامل بحرمان الفلسطينيين من اصطحاب متطلباتهم الأساسية التي قاموا بشرائها خلال نزوحهم بأسعار مرتفعة، فيما فوجئوا بعد عودتهم بخسارة بيوتهم وتدمير مناطقهم السكنية بشكل شبه كامل، فيما لم يحصلوا بعد على مساعدات إنسانية كافية يمكن لها تخفيف معاناتهم، خصوصاً الفراش والأغطية والخيام والشوادر، والمواد الغذائية ومواد التنظيف.

عاد الفلسطيني محمود عبد القادر إلى الشمال بسيارة يملكها أقاربه، وقد تمكن من إحضار قليل من أمتعته بسبب صغر حجم السيارة وعدد الأفراد الكبير، إذ قاموا بتثبيت الأغراض على ظهر السيارة، حتى "اقتربت من الالتصاق بالأرض"، حسب قوله، فيما حمل كل شخص بعض أمتعته. حين وصوله، وجد عبد القادر بيته مدمراً جزئياً، كما لم يجد أي شيء داخله، فالجزء الذي لم يتضرر من القصف تعرض للسرقة، كما احترق جزء من البيت، ما تسبب بإفساد السجاد والفراش والملابس.

يقول: "لم نحصل خلال فترة نزوحنا الطويلة على المساعدات اللازمة التي سمعت عنها مراراً، كما لم نحصل منذ العودة قبل أسبوع على أي من المساعدات الخاصة بالإيواء والحماية من البرد، ونأمل أن نستفيد من بعض المساعدات خلال الأيام القادمة، بخاصة أننا في أمسّ الحاجة إليها في ظل فقدان مصدر الدخل".

بدوره، باع الفلسطيني خليل حمد خيمته وفراشه قبل عودته إلى شمالي قطاع غزة بسعر زهيد، وذلك بفعل عرض الكثير من العائدين أمتعتهم للبيع بسبب عدم قدرتهم على نقلها، وفور عودته، اصطدم بواقع صعب تنعدم فيه مقومات الحياة، وكذلك بأسعار مرتفعة لذات الأمتعة والمستلزمات التي قام ببيعها قبل ساعات في الجنوب.

يبين حمد لـ "العربي الجديد"، أنه "من المفترض أن تقوم المؤسسات الحكومية والإنسانية العاملة في قطاع غزة بتوزيع المساعدات بشكل عادل، بخاصة في ظل تدفق المساعدات بكميات كبيرة. نرى الشاحنات تدخل طوال الوقت من دون أن نلمس تغييراً ملحوظاً في طريقة وكميات التوزيع على المنكوبين من جراء التداعيات المستمرة للحرب. لقد فقدنا كل شيء تقريباً، وحتى الآن لم نحصل على شيء".

ويضيف: "تكثيف المساعدات الإنسانية ضرورة ملحة، وينبغي زيادة عدد الفرق الميدانية العاملة، إذ يعيش العائدون ظروفاً مأساوية نتيجة فقدانهم بيوتهم، وفي ظل انعدام مقومات الحياة الأساسية مثل الكهرباء والماء، ويتزامن كل ذلك مع الأجواء الباردة والتقلبات المناخية".

المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.